البنود المستحدثة في القانون الجديد تتعلق بتقنين بعض الإجراءات الجاري بها في قانون الطوارئ والمتمثلة في فرض الإقامة الجبرية وتنظيم التفتيش البوليسي والتثبت من الهويات وغلق بيوت العبادة. وهي إجراءات تصبح قابلة للتنفيذ مباشرة بدون إعادة فرض قانون الطوارئ. والجديد هنا أن القانون المستحدث يمكن الإدارة ووزارة الداخلية وموظفيها من استخدام هذه البنود دون اللجوء إلى ترخيص قضائي كما هو الحال اليوم في القانون الفرنسي.
و سوف ينتقل نص القانون إلى مجلس الشيوخ للمصادقة عليه. و قد أعلن جيرار لارشي، رئيس مجلس الشيوخ، أنه لا يوجد خلاف بين المجلس والجمعية العمومية خلافا لما حدث فيها من معارضة يمينية للنص. وأشار أن الخلاف الوحيد يكمن في البند المتعلق بمد الشرطة من قبل الشخص الموقوف بالمعرف السري لآلاته الإلكترونية (هاتف و حساب إلكتروني ، إلخ) وهو ما يمكن رفضه من قبل المجلس الدستوري لعدم تطابقه مع الضمانات الدستورية للحريات الشخصية.
إستهداف المسلمين
تشعر الجالية الفرنسية المسلمة أن البند المتعلق بغلق «دور العبادة» التي تشهر فيها نداءات للكراهية و التطرف تتعلق مباشرة بالجوامع والمساجد الإسلامية. وهو بند يمكن الإدارة من صلاحيات واسعة خارجة عن أي مراقبة قضائية يمكن أن تستعملها أي حكومة لقمع المسلمين دون الفرز بين من يستعمل العنف ومن لا يستعمله. و أن إغلاق دور العبادة يمس من حق الذين يمارسون شعائرهم في كنف احترام قوانين الجمهورية. لكن جل المتحدثين من الجالية الإسلامية يقرون بدور بعض المساجد في بث التطرف الديني وتشجيع الشباب على الالتحاق بساحات القتال في سوريا والعراق.
خشية المسلمين من المس من حقوقهم الأساسية مرتبطة أيضا بالوضع العام بالبلاد بعد تعدد الهجمات الإرهابية على التراب الفرنسي من قبل أشخاص ينتمون للجالية المسلمة. من ناحية أخرى يذكر أن وزارة الداخلية سجلت إلى حد الآن 15 ألف اسم تحت ملف «سين» المتعلق بأمن الدولة وهو السجل الذي يذكر فيه أسماء المشبوه في انتمائهم لحركات إرهابية وتفرض عليهم رقابة بوليسية. وجلهم من العرب و المسلمين. و يخشى المسلمون في فرنسا من الخلط بين المسلمين المسالمين الملتزمين بقوانين الجمهورية و الإسلاميين وخاصة منهم الإرهابيين.
إنتقادات متعددة
أكد وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب أمام البرلمان أن البلاد في حالة حرب دائمة ضد الإرهاب وذلك يستوجب إجراءات دائمة مما استوجب إيقاف العمل بقانون الطوارئ و إقحام بعض البنود في القانون لتمكين أجهزة الأمن من العمل ضد الإرهاب. بالرغم من هذا التعليل فإن أحزاب اليمين الجمهوري و المتطرف و حزب فرنسا الأبية اليساري سارعوا في انتقاد القانون مطالبين بتنقيح البنود الحادة من الحريات. ولكن عدد المعارضين في البرلمان لم يتجاوز 127 صوتا مما يرجح أن يقوم مجلس الشيوخ بتمرير القانون حتى يدخل حيز التنفيذ هذا الشهر.
من جهته أشار القضاء الفرنسي عن طريق بعض أصواته الهامة أنه بالإمكان اتخاذ هذه القرارات مع إشراك القضاء، حسب التقليد الجمهوري، في اتخاذ القرار في شأن التتبع. و يعتبر القضاة أن تشريكهم يخدم حماية الحريات ولا يمس من عمل أجهزة الأمن والمخابرات. و من جهة أخرى يمكن القضاء، الذي يعمل عادة بأسلوب بطيء، من التأقلم مع سرعة التحقيقات البوليسية. وهو ما حصل خلال هذه السنة من ابطال 12 عملية إرهابية و ذلك باحترام التراتيب القانونية الحالية. وإن عملية مرسيليا الأخيرة التي قام بها أحمد الحناشي، وهو إرهابي تونسي من ذوي السوابق، و التي ذهب ضحيتها فتاتان في العشرين من العمر، لن تمكن البنود الجديدة في القانون من التفطن له. لكن إجهاض عملية باريس يوم الأحد تمت بموافقة القضاء. ولو أن القضاء غير راض على هذا القضاء فإن التوازنات السياسية الحالية داخل البرلمان وتطلعات الرأي العام الفرنسي تسمح بأن تقوم الحكومة بمثل ذلك التحرك ولو أن جل الخبراء لا يعتقدون أن مقاومة الإرهاب سوف تنجح باتخاذ إجراءات أمنية دون الخوض في معركة ثقافية وسياسية و اجتماعية عميقة تجفف منابع الإرهاب في فرنسا من أصلها.