التي سوف يعتمدها ميشال بارنيي المفوض الأوروبي لإدارة ملف «البريكسيت». وتمحورت تلك المبادئ حول ثلاثة محاور تتعلق بوضع المواطنين الأوروبيين المقيمين في بريطانيا والبريطانيين المقيمين في أوروبا، وملفي الميزانية والحدود مع أيرلندا وإسبانيا.
الموقف الأوروبي أخذ بعين الاعتبار الخيار البريطاني «الحازم» في الدخول في مفاوضات مع المؤسسات الأوروبية و قدم إطارا عاما للتفاوض يمتد إلى عامين وينتهي في مارس 2019. و رفضت أوروبا مقترح بريطانيا الشروع في مفاوضات متوازية في شأن الانفصال و إرساء معاهدة تعاون جديدة. وأكد دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي عزم أوروبا الدخول مباشرة في التفاوض حول الملفات الثلاثة العاجلة قبل التفكير في سبل التعاون ما بعد الانفصال ولكن مع إمكانية أن تفتح أوروبا التفاوض إذا ما شعرت أن بريطانيا تقدمت في مشروع الانفصال بصورة فعلية. وأشار ميشال بارنيي أن المرحلة الأولى يمكن أن تنتهي في أكتوبر 2018 لتفتح مرحلة المصادقة من قبل المجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي ومجلس العموم البريطاني.
مطالب بريطانية
بالرغم من قرار الإنفصال «بدون رجعة»، ترغب بريطانيا في الإبقاء على التمتع بعضوية بعض المؤسسات الأوروبية مثل وكالة الأدوية ووكالة الأمن البحري الموجودة في لشبونة. و ترغب لندن كذلك في استغلال دورها في المشاركة في مخططات الدفاع المشترك قصد الحصول على «امتيازات» . واعتبر دونالد توسك أن هذا الموضوع ليس محل نقاش وأن أوروبا سوف تعمل على تحقيق الفصل بين الجانبين على كل الأصعدة قبل الحديث في العلاقات الجديدة بين الطرفين.
واكتشف البريطانيون عواقب البريكسيت الأولى بإدراج الإتحاد مبدأ الفيتو الإسباني في كل الإجراءات المتعلقة بوضع جبل طارق. وهو ما رفضته بريطانيا معتبرة أن جبل طارق جزء لا يتجزأ من بريطانيا و أنها لن تتنازل عنه «أبدا» في حين أن إسبانيا لا تنوي التخلي عن جزء من ترابها بالرغم من أن بريطانيا اشترته في القرن الثامن عشر من ملك اسبانيا. القضية الثانية التي تشكل مشكلة حقيقية هي الحدود المشتركة بين جمهورية أيرلندا ومقاطعة أيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا. رسم الحدود الجديدة بين بريطانيا وأوروبا سوف تكون له تداعيات على تنقل الأشخاص والأمن والسلم الإجتماعية في بريطانيا. وهو ما يبرز حدة المفاوضات القادمة بين الطرفين.
تداعيات الفصل المباشرة
في الأيام القادمة سوف يشهد البريطانيون تغييرا جذريا في علاقتهم مع الإتحاد الأوروبي.أول الإجراءات خروج النواب البريطانيين من البرلمان الأوروبي، ثم القضاة الذين يشاركون في المحكمة العليا الأوروبية بعد أن قررت بريطانيا عدم الانضمام لها. يبقى على الموظفين البريطانيين الملحقين بالمفوضية الأوروبية، وعددهم يفوق 2000 موظف، أن يرحلوا من بروكسل. وقد تقرر الحكومة البريطانية استعمال عدد منهم في المفاوضات. ولم يضبط بعد المكان الذي سوف تدور فيه المفاوضات.
من ناحية أخرى سوف يتم نقل الهيئة البنكية الأوروبية المتواجدة في «سيتي» لندن إلى فرنكفورت أو مدينة أوروبية أخرى. وهو إجراء يدخل في إطار فك الروابط بين المدينة المالية البريطانية وباقي أسواق المال في الإتحاد الأوروبي. كل هذه الإجراءات الآنية سوف تعقبها أخرى في إطار تجسيد فصل بريطانيا من الإتحاد مع العلم أن الجنيه الإسترليني قد خسر 40 % من قيمته تجاه اليورو منذ الإعلان عن نتائج الاستفتاء حول الخروج من الإتحاد.
وبالرغم من إعلان تيريزا ماي عزمها اتخاذ إجراءات حازمة في المفاوضات مع أوروبا ، أكدت، في خطوة برغماتية، نيتها ضمان حقوق المواطنين الأوروبيين المقيمين في بريطانيا اعتقادا منها أن العلاقات بين بريطانيا والإتحاد الأوروبي غير متكافئة وأن عليها أن تقدم
تنازلات في خصوص برنامجها الحازم حتى تتمكن من ضمان مفاوضات تحفظ مصالح الطرفين.