تدعمه استقالتها من الماكينة الاعلامية لهذا المرشح. وقد تضعف هذه التطورات فرنسوا فيون وترغمه ربما على التخلي عن المعركة الرئاسية ، وقد يجعل ذلك الجمهوريين ورموز هذا الحزب يهيئون حاليا الخطة البديلة ،اذ تتجه الانظار الى الان جوبيه بحكم انه جاء ثانيا في نتائج المرحلة التمهيدية ، وهو ما يجسد ايضا الفرضية التي باستطاعتها تأهيله الى الدور الثاني حسب استطلاعات الرأي الاخيرة التي تؤكد تفوقه على خصمه من نفس الحزب فرنسوا فيون والذي تلاحقه قضايا الفساد.
ويسعى الحزب الجمهوري الفرنسي الى اغلاق الباب امام مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان وان تمنع اليسار من البقاء في الحكم لفترة ثانية . الا ان الصعوبات المطروحة امامه قد تزيد من تعقيد المشهد السياسي في فرنسا ، ومن اهم هذه العراقيل هو كيفية اقناع فيون الذي بدا خلال كلمته امس الاول متمسكا بمواصلة حملته الانتخابية مما يدل انه بدا يتبع سياسة الارض المحروقة .
وعلى بعد أسابيع معدودة من الدورة الاولى للانتخابات الرئاسية دخلت حملة المرشحين لهذا السباق في حقبة متوترة لم يسبق لها مثيل. فلأول مرة استعملت مصطلحات ملتهبة ومقاربات اجتماعيا عنيفة لوصف الأوضاع التي تعيشها فرنسا و هي تستعد لاختيار خليفة لفرانسوا هولاند. مرشح حزب الجمهوريين أثار الانتباه الى الجدل الحاد عندما استعمل كلمة «حرب أهلية» هو يصف اعمال العنف التي تطال بعد التجمعات الانتخابية بينما قصفت مارين لوبين بعنف غير مسبوق الموظفين الفرنسيين واتهمتهم بأنهم يخدمون أجندات سياسية وتوعدت ضمنيا باتخاذ إجراءات صارمة ضدهم في حال وصلت الى سدة إلحكم.
وتجمع التعليقات السياسية على ان فرنسوا فيون عندما استخدم مصطلح «حرب أهلية» كان يرمي الى تحقيق ثلاثة أهداف. الاول ان ينتقم من الحكومة الاشتراكية بزعامة برنار كازنوف التي يتهمها بأنها هي التي تؤلب الرأي العام والقضاء الفرنسي ضده في قضية الوظائف الوهمية التي تطاله والتي أضعفت أداءه السياسي وجعلت شعبيته تفقد نقاطا ثمينة في استطلاعات الرأي. والهدف الثاني بعث برسائل حزم الى مخزون أصوات اليمين المتطرف التي تعبر عن حاجة لقيادة ذات قبضة حديدية ولغة سياسية مباشرة تكسر الطابوهات . والهدف الثالث هو محاولة إقامة جدار دخان حول حملته الانتخابية التي غرقت في فضيحة الفساد السياسي التي فجرتها قضية الوظائف الوهمية او ما يعرف اعلاميا بالبنيلوب غارت.
اما مارين لوبين -فيبدو بحسب المراقبين- ان الاستراتيجية التي تتبعها حاليا تتناقض تماما مع صورة «فرنسا الهادئة» التي بنت حملتها عليها. مارين لوبين التي لا تخفي إعجابها الكبير بالرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب هي اليوم تتبنى مقاربة مغالية في التطرف السياسي ، تعيد ذاكرة الفرنسيين الى مواقف وتصريحات والدها مؤسس الجبهة الوطنية جان ماري لوبن التي كانت أزاحته من قيادة الجبهة بهدف تغيير البرنامج السياسي للحزب ومباشرة حقبة اكثر هدوءا واقل تطرفا. وهاهي اليوم تهاجم الموظفين والقضاة والإعلام بلهجة مخيفة قد تكون العائق الأساسي أمام تمدد الجبهة وقدرتها على كسر السقف الزجاجي الذي يمنعها من الحصول على أغلبية أصوات الفرنسيين.
ويخيم على فرنسا هذه الأيام جو من التساؤلات الخائفة من المنحى الذي اتخذته هذه الحملة الرئاسية والذي يؤشر الى حصول قطيعة مع طريقة ممارسة العمل السياسي التقليدي في ظرفية مشحونة سياسيا واجتماعيا. وفِي الوقت الذي يلتهب فيه فلك اليمين بشقيه التقليدي والمتطرف تحت ضغط تهم الفساد السياسي يبقى اليسار عالقا في عدم قدرته على توحيد صفوف والتقدم الى هذه الانتخابات بمرشح وحيد. ولعل هذا الوضع الذي يعطي الانطباع ان اليسار قد يقصى من التاهل الى الدورة الثانية من هذه الانتخابات قد يكون من بين الأسباب التي جعلت الوضع السياسي يلتهب ويتخذ ما وصفه البعض بمنطق جنون سياسي.