قمة «المجموعة السياسية الأوروبية» في براغ: 44 دولة لمواجهة فلاديمير بوتين

انعقدت يوم الخميس 6 أكتوبر قمة «المجموعة السياسية الأوروبية» والتي ضمت بلدان الإتحاد الأوروبي ومجموعة 17أخرى من باقي البلدان الأوروبية

غير المنخرطة فيه والتي اصطفت لإظهار موقف حازم تجاه الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا ومواجهة مضاعفات الحرب على الاقتصاد الأوروبي من جهة، ومواجهة التهديد النووي الروسي من جهة أخرى.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد قام في شهر ماي الماضي بمساعي حثيثة لعقد القمة التي من شأنها أن تدعم الموقف الأوروبي تجاه الحرب الواقعة في قلب أوروبا في ظروف تقهقر الجيش الروسي وخسارة بعض المواقع في شرق وجنوب أوكرانيا مع استفحال أزمة الطاقة بإيقاف تزويد الغاز للبلدان الأوروبية من قبل موسكو. وصرح الرئيس الفرنسي أن انعقاد القمة «يشكل رسالة عن وحدة أوروبا» واعتبر أن «المجموعة السياسية الأوروبيةأكبر بكثير من الاتحاد الأوروبي». وقال المسؤول عن الخارجية الأوروبية جوزيببوريل إن القمة «تبحث كيفية بناء هيكل أمني جديد في أوروبا». وأنه «يجب أن يتم ذلك من دون روسيا، ليس لأننا لا نريد أن تكون روسيا جزءاً من أوروبا، ولكن لأن روسيا بوتين وضعت نفسها خارج المجتمع الأوروبي».
ولم يوضح القادة الأوروبيون ما اذا كانت هذه القمة بادرة لبعث هيكل جديد أو منظمة بديلة للاتحاد الأوروبيفي المستقبل.وحسب تقارير إعلامية أوروبية فإن الهدف من الملتقى الجديد تحسين التعاون بين الدول الأوروبية خارج حدود الاتحاد الأوروبي، وتأتي في مقدمتها بريطانيا التي انسحبت من الإتحاد وتركيا التي تلقى اعتراضات عدة على دخولها كذلك بلدان غرب البلقان ومنطقة القوقاز المتاخمة للفضاء الروسي. ومن المقرر أن يجتمع هذا الهيكل مرة أو مرتين في السنة للتشاور في المسائل الأساسية المشروعة على القارة الأوروبية.
سباق دولي
يأتي هذا الاجتماع ردا على القمة الآسيوية التي شارك فيها فلاديمير بوتين مع الرئيس الصيني ورئيس الحكومة الهندي وجملة من الدول الآسيوية المنضوية تحت مجموعة شانغهاي. وإن نجح بوتين خلال تلك القمة في بيع فوائض الغاز الروسي للصين والهند فإنه لم يفلح في اقناع الدولتين بمساندته سياسيا وعسكريا في حربه على أوكرانيا. مع انعقاد قمة براغ يتعمق الشرخ داخل أوروبا بين مساندي روسيا ومعارضيها.
وبهدف الإتحاد الأوروبي الى العمل على أخذ موقع نفوذ في الفضاء الأوروبي لمنع استفحال الدور الأمريكي عبر الحلف الأطلسي. لذلك أكدت المفوضية على مشروع إرساء هيكل أمني جديد يشمل المجهود الأوروبي المشترك، ولكن يتعدى إلى بلدان الجوار الأخرى المستهدفة من قبل موسكو. على العموم تمثل القمة مرحلة من تحرك أوروبا الهادف لرسم حدود أمنها بعيدا على التدخل الأطلسي مع الحفاظ على علاقات دولية سلسة مع باقي الدول العظمى مثل الصين والهند التي لها علاقات اقتصادية جوهرية مع الفضاء الأوروبي. وهي تدخل في استراتيجية تختلف مع الموقف الأمريكي المعلن الذي يتمحور حول مقاومة المد الصيني.
تباين داخلي في المواقف
تمحور النقاش بين زعماء أوروبا حول المشاكل الاقتصادية وتغيير المناخ، وأزمة الطاقة، والحرب الروسية في أوكرانيا، بعدأن ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية إليها، وأن أقدم الرئيس الروسي على إعادة تهديده باستخدام السلاح النووي عند الاقتضاء. ولم تنشر القمة بيانا رسميا، بل ركزت معظم الصحف على تباين في المواقف بين الدول المشاركة. فإن اعتبر الجميع أن السلام في أوروبا يمر عبر مساندة أوكرانيا ماليا وعسكريا ضد العدوان الروسي فإن خلافات برزت حول مسألة وضع سقف لسعر الغاز. وعبرت ألمانيا وهولندا والدانمرك على تحفظها على هذا المبدئ خشية أن يعوق ذلك استيراد ما يكفي اقتصادها من غاز طبيعي. وركز الرئيس الفرنسي على عملية استبدال الغاز الروسي باللجوء إلى البلدان الأسيوية.وقال رئيس وزراء أيرلندا مايكل مارتن إنه من المتوقع أن تقدم المفوضية الأوروبية للاجتماع المقبل يعقد يومي 20 و21 أكتوبر جملة من المقترحات ً تتضمن إجراءات قصيرة المدى لخفض الأسعار وخطوات أطول مدى لإعادة تشكيل سوقالغاز.
وأوضحت الوزيرة الأولى البريطانية ليز تراس التي تشارك لأول مرة في لقاء دولي أن بلادها تتوخى مواقف مستقلة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي مشيرة إلى أن «بريطانيا ستجد طرقا جديدة للعمل بشكل يعكس قيمها ومصالحها المشتركة» مثلما أظهرت ذلك في أوكرانيا حيث قامت بمدها بالسلاح كما لم تفعل أي دولة أوروبية. وجرت من ناحية أخرى محادثات ثنائية لحل بعض المشاكل بين أرمينيا وأذربيجان بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لعب في الأسابيع الأخيرة دورا حاسما في حل أزمة تزويد الحبوب مع روسيا مما جعله طرفا جديا في عمليات الوساطة لحل الأزمات في المنطقة.
مستقبل ضبابي
وقد أعطت قمة براغ الانطباع بأن مستقبل «المجموعة السياسية الأوروبية» سوف يبقى ضبابيا طالما لم تحدد البلدان المشاركة أهدافا وآليات لهيكلته وضمان استمراره. لكن الموقف الموحد لدعم أوكرانيا ماليا وعسكريا، والذي جسده الرئيس إيمانويل ماكرون بإرساء صندوق قدره 100 مليون يورو لدعم الجهود العسكرية الأوكرانية، سوف يمكن من استمرار المشاورات والمفاوضات بين البلدان المشاركة بالرغم من الخلافات التي تشقها على الصعيد الاقتصادي.
وأكدت فرنسا أن مثل هذا الاجتماع «استكمال» وليس «بديلا» الانضمام للاتحاد الأوروبي. ويواجه الإتحاد مشاكل في قبول تركيا ضمنه وهو يواصل المشاورات مع بلدان البلقان التي ترغب في الانضمام في أسرع الأوقات. لكن الظرف الحالي الذي يحتم أخذ قرارات فورية لمواجهة الخطر الروسي يستدعي، حسب ما قاله شارل ميشال رئيس المجلس الأوروبي، أن يبقي هذا الإطار على مساحة للنقاشات السياسية والإستراتيجية حول مستقبل القارة الأوروبية. وعبرت باريس عن رغبتها في احتضان قمة جديدة في ربيع 2023 على أن تكون الدولة الموالية التي سوف تعقد القمة الثالثة غير عضو في الإتحاد الأوروبي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115