«عملية عسكرية روسية خاصّة» لاجتياح أوكرانيا: تنديد غربي وعقوبات ثقيلة وصمت صيني تجاه التدخل الروسي

دخلت الأزمة الروسية الأوكرانية منعرجا حاسما مع قرار الرئيس فلاديمير بوتين المباغت باجتياح التراب الأوكراني وذلك فجر يوم أمس الخميس 24 فيفري

بعد أن أعلن قبل يوم عن «استعداده للمشاركة في حل دبلوماسي للأزمة». وكان من البديهي أن الحرب مع الغرب لن تقع إثر اعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن عن عدم تدخل الجيش الأمريكي في أوكرانيا وتمسك الأوروبيين بحل دبلوماسي. وهو ما «شجع» بوتين على الإقدام على «عملية عسكرية خاصة»، حسب عباراته، سوف تغير موازين القوى في المنطقة.
إعلان بوتين في خطابه فجر أمس الخميس أنه يعتزم «نزع سلاح أوكرانيا والقضاء على النازية» يعطي نظرة على ما يمكن التكهن به في الأيام القادمة من حل روسي للأزمة الأوكرانية. وصاحب هذا الإعلان تحذير واضح موجه للقوى الغربية ب»عدم التدخل» في العمليات العسكرية الجارية. وقال بوتين: «إذا حصل ذلك فسوف تواجهون عواقب لم تشهدوها من قبل في التاريخ. أتمنى أن تصغوا لي جيدا.» وفي حين نادى الرئيس الأوكراني شعبه الى الصمود والمقاومة وطلب القوى الدولية بمساندة بلاده جاء رد القوى الغربية بالتنديد والوعود بفرض مزيد من العقوبات لإثناء روسيا عن المضي قدما في عملياتها العسكرية.
تنديد ومناشدة ولم شمل الغرب
وقد نددت جل الدول بالتدخل الروسي في أوكرانيا وفي طليعة المنددين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيوغوتيريس الذي أطلق نداء لبوتين قائلا:«باسم الإنسانية، أرجع قواتك إلى روسيا». وكما كان متوقعا ندد كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي حاول مرارا فض النزاع دون نجاح. وعبر زعماء الإتحاد الأوروبي، شارل ميشال رئيس المجلس وجوزيببوريل وزير الخارجية وأرسيلا فان در لاين رئيسة المفوضية، عن غضبهم واستعدادهم لفرض حزمة جديدة من العقوبات على موسكو. وقد اتسعت رقعة الرفض إلى بريطانيا العظمى وأستراليا، الحلفاء الجدد لواشنطن كذلك الى اليابان وتايوان.
في المقابل لم تندد سويسرا، التي تحتضن مخزونا ماليا هائلا للشخصيات الروسية في بنوكها، بالإجتياح الروسي لأوكرانيا بل عبرت عن تمسكها بمبدإ حرمة التراب الوطني. وهي ترغب في هذه الظروف لعب الدور المحايد كما كان عليه الوضع خلال الحرب الباردة. وعبر الرئيس السابق الأمريكي دونالد ترامب على انبهاره بما قام به فلاديمير بوتين «الرجل الذكي» دون أن يندد بالتدخل العسكري.وهو نفس الموقف تقريبا الذي اتخذته الصين على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية هوا شونيينغ التي قالت إن «الصين تتابع عن قرب» مجريات الأحداث مضيفة: «نطالب الجميع بضبط النفس من أجل ألا يخرج الوضع عن السيطرة»، دون أن تندد بموسكو. أما «إسرائيل» فقد اختارت ألا تندد بموسكو احدى القوى النافذة في منطقة الشرق الوسط مكتفية، على لسان وزيرها للخارجية باعتبار أن الوضع «وصل إلى حد جديد وصعب» ومكتفيا بالتعبير عن مساندة بلاده «لحرمة وسيادة أوكرانيا على أراضيها». في نفس الوقت تم الإعلان عن دخول الدول الغربية في حالة من التشاور في الوضع الجديد في قلب أوروبا. وأُعلن عن تنظيم اجتماع فوري يوم الخميس للاتحاد الأوروبي لتدارس الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة. وأعلنت منظمة الحلف الأطلسي عن اجتماع ممثلي الدول الأعضاء فيها يوم الجمعة لأخذ قرار موحد. كما تعمل الدول المناهضة لروسيا على تنظيم اجتماع افتراضي لبلدان مجموعة السبع لتدارس نجاعة العقوبات اللازمة ضد موسكو.
عقوبات متجددة
وبعد فرض حزمة من العقوبات إثر الاعتراف الروسي باستقلال مقاطعتي دوناتسكو لوهانسك الانعزاليتين من قبل الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والتي طالت النواب الروس في مجلس الدوما وبعض الشخصيات السياسية والاقتصادية الداعمة لفلاديمير بوتين، أعلنت الدول الغربية عن فرض حزمة جديدة من العقوبات سوف تتعلق بأرصدة شخصيات ساهمت في الاعتداء العسكري وجل البنوك الروسية. وأعلن المستشار الألماني أولاف شولتس أنه قرر إيقاف مشروع «نورد ستريم 2» لأنبوب الغاز الرابط بين ألمانيا وروسيا.
من ناحية أخرى دخلت الدول الغربية في نقاش إمكانية عزل روسيا من برنامج «سويفت» للتبادل المالي الدولي، وهو النظام المعتمد في التبادل التجاري في العالم لتحويل الأموال بين البلدان. وبدأ يطفو على السطح شيء من التململ في أوروبا جراء التبعات الاقتصادية السيئة التي يمكن أن تطال الاقتصاد الأوروبي جراء ذلك. وأشارت الصحف الروسية إلى عدم اكتراث الكرملين بذلك بسبب تمتع روسيا بنظام مماثل بديل يمكن لها أن تستعمله في مبادلاتها مع باقي الدول في العالم. وأضافت أن روسيا اشترت في السنوات الماضية أطنانا من الذهب وخزنت ما يفوق 500 مليار دولار من المخزون المالي الإستراتيجي الذي يسمح لها بالصمود أمام القوى الغربية. وهي تعول على ارتفاع سعر النفط والغاز الطبيعي للرفع في قدراتها المالية. وأشارت الأوساط المالية الأوروبية، التي شهدت كلها انخفاضا قياسيا في البورصات العالمية مع اندلاع اجتياح أوكرانيا، أن ارتفاع سعر البرميل سوف يصل إلى 120 دولار للبرميل الواحد عام 2022 وأن سعر الغاز الطبيعي سوف يشهد نفس النسق. وهو وضع معقد بالنسبة للدول الأوروبية التي تستورد من روسيا قرابة 40 % من نسبة استهلاكها للغاز مع العلم أن الدول المصدرة للنفط ليست لها قدرة تقنية على رفع منسوب الصادرات في الأشهر القادمة. وذلك ما يشكل ورقة ضغط إضافية في يد فلاديمير بوتين في معركته من أجل فرض «الحل الروسي» على باقي الدول الغربية.
انقسام دولي
في أول يوم من التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا ظهر تصدع في الوضع الدولي اتضح من المواقف المتضاربة وفي العبارات المستعملة من قبل الدبلوماسيات الغربية والخطاب الصيني بالأساس. ولئن اصطفت جزيرة تايوان مع الدول الغربية فإن ذلك يشير إلى خوف الجزيرة من عملية مماثلة من قبل الصين لضمها للجمهورية الشعبية الصينية وانهاء الخلاف بين الجهتين. أما الدول الغربية فلا تتمتع بالوحدة التاريخية التي شهدتها خلال الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية. اليوم هنالك رغبة سياسية من قبل بعض الدول الأوروبية، وفي مقدمتها فرنسا، في إرساء «استقلالية استراتيجية» أوروبية تسعى إلى فرض توازن في أوروبا يساهم في دعم الأمن الأوروبي.
رئيس الوزراء البريطاني يعلن عن فرض عقوبات على أكثر من 100 فرد وكيان روسي
أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون امس الخميس عن فرض عقوبات على أكثر من 100 فرد وكيان روسي بعد أن شنت موسكو غزوا شاملا لأوكرانيا برا وجوا وبحرا. وقال جونسون أمام البرلمان «بشكل عام، سوف نجمد أصول أكثر من 100 كيان وشخصية أخرى بالإضافة إلى مئات الكيانات والشخصيات التي أعلنا عنها بالفعل.
«وهذا يشمل جميع الشركات الصناعية الرئيسية التي تدعم آلة الحرب الخاصة (بالرئيس الروسي فلاديمير) بوتين. علاوة على ذلك، فإننا نحظر أيضا نشاط شركة إيروفلوت في المملكة المتحدة».
يشار الى ان روسيا سيطرت على منشأة تشيرنوبل النووية في أوكرانيا..
وقد قُتل أكثر من 40 جندياً أوكرانيّاً، ونحو 10 مدنيين، في الساعات الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب أحد مساعدي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115