في الذكرى السنوية للثورة الإيرانية: طهران ومحاولات ترتيب العلاقات مع دول الجوار

يحتفي الإيرانيون اليوم بالذكرى السنوية لثورتهم التي انطلقت سنة 1979 بمشاركة فئات واسعة من المجتمع وذلك لإسقاط حكم الشاه محمد رضا بهلوي

الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة. ومنذ ذلك التاريخ الى حد اليوم مرّت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتحولات عديدة لم تمسّ نظامها السياسي الداخلي او المجتمعي فقط بل مست المستوى الخارجي كذلك بلعب دور مؤثر في عديد القضايا الإقليمية .
وقد دخلت إيران في أكثر من صراع على مختلف الجبهات، وظلت كل تلك الصراعات تلقي بثقلها على المشهد السياسي في المنطقة إضافة إلى ما أفرزته من تداعيات وانعكاسات قلبت المعادلات في اطار ما بات يعرف بالصراع او التنافس الخليجي الإيراني.
من الصراع الى التهدئة؟
ويبدو اليوم ان هناك محاولات عديدة على مستوى السياسة الخارجية الإيرانية في ما يتعلق بإعادة ترميم العلاقات مع دول الجوار بعد عقود من الصراع. وقد أولى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أولوية لتحسين العلاقات الدبلوماسية مع دول الجوار وطيّ صفحة التنافس والحروب وتأتي في هذا السياق الزيارات التي قام بها وزير الخارجية الإيراني مؤخرا الى سلطنة عمان وقطر وذلك في اطار سياسة ترسيخ العلاقات مع دول الجوار بحسب ما تؤكد طهران فقد كان التعاون السياسي الثنائي والتشاور حول بعض القضايا المشتركة من ضمن المحادثات. كما ان المجال الاقتصادي كان حاضرا من خلال التباحث بشأن استئناف حركة الزوارق التجارية بعد جائحة كورونا. وتشهد العلاقات بين طهران وهذه الدول تطورا ملحوظا وحركية لافتة تمثلت في التباحث حول الاستثمارات المشتركة في بعض المشاريع داخل ايران في مختلف المجالات ومنها الاستثمار في ميناء جابهار كذلك البحث في مسألة استئناف الرحلات الجوية بواسطة «ايران اير» و«عمان اير» لرعايا البلدين العاملين في الشؤون التجارية والانشطة الشعبية حيث تم الاتفاق على اتخاذ الاجراءات اللازمة لهذا الامر.
وتؤكد طهران -اليوم- أنها تسعی لتقویة العلاقات مع الدول المجاورة لاسیما الخلیجیة وآخر هذه المساعي المفاوضات التي بدأها أمیر عبد اللهیان وزیر الخارجیة الایرانیة مع الریاض والتي من المتوقع ان تعطي نتائج هامة في ما يتعلق بإنجاح ازاله العقبات وحلحلة مشاكل المنطقة سیما الحرب في الیمن.
كما ان سبق لإيران ان اعربت عن استعدادها لاستئناف المفاوضات مع السعودية، وذلك تزامنا مع استئناف مفاوضات إيران مع القوى الكبرى في جنيف بشأن الاتفاق النووي. وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية استعدادها للمشاركة في جولة خامسة من المفاوضات مع السعودية في بغداد.. ورأت الخارجية الإيرانية أن حلّ الخلافات مع السعودية يكون عبر الحوار الذي يحقق مصالح البلدين ودول المنطقة، حسب تعبيرها.
بعد نحو 6 سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، عقدت طهران والرياض منذ جانفي 2016 جولات عديدة من الحوار المباشر بينهما، برعاية من الحكومة العراقية. وكان آخرها تلك الجولات التي عقدت في مطار بغداد الدولي بين وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، بحضور رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
وفي الشهر الماضي التقى خبراء أمنيون سعوديون وإيرانيون في العاصمة الأردنية عمّان وتباحثوا حول إجراءات بناء الثقة بين القوتين الإقليميتين المتنافستين.
الاتفاق النووي الى اين ؟
تواجه -اليوم- الجمهورية الايرانية تحديات داخلية وخارجية، لعل أهمها العقوبات الأمريكية المسلّطة عليها والمحادثات النووية والتي تبدو بين مد وجذر . فقد استؤنفت في مطلع هذا الأسبوع جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة لإنقاذ اتفاق طهران النووي لعام 2015 مع الدول الكبرى، بعد توقف استمر عشرة أيام، لكن أعضاء الوفود لم يذكروا ما إذا كانوا قد اقتربوا من حل القضايا المختلفة الشائكة.
يشار الى ان اتفاق عام 2015 فرض قيودا على الأنشطة النووية الإيرانية. وفي عام 2018 أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي وأعاد فرض العقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني والتي قلصت مبيعات النفط الإيرانية.
وتصرّ إيران على أنه على الولايات المتحدة أن تتخذ الخطوة الأولى نحو إعادة العمل بالاتفاق لأنها الطرف الذي بدأ بمخالفته، وذلك بأن ترفع العقوبات الاقتصادية التي أعادت فرضها. كما تطالبها بأن تقدم ضمانات بأنها لن تفعل ذلك مرة أخرى. في حين ان الموقف الأوروبي يؤيد الحلول الدبلوماسية من اجل إيجاد حل نهائي لهذا الملف الشائك . ويسعى مسؤولون غربيون الى حل يفضي إلى استئناف الطرفين لالتزاماتهما بطريقة منسقة.
مؤشرات وأرقام
تشير المعلومات وآخر الاحصائيات والمؤشرات بخصوص الدور الإيراني في العالم الى انها تحتل المرتبة التاسعة في العالم من حيث انتشار الكتب والمرتبة العاشرة في ما يتعلق برصد ميزانية التعليم. والمرتبة 22 في الانتاج الزراعی والـ 15 في انتاج القمح والـ 13 عالميا في اصدار الغاز والثالثة في انتاجه. اما في ما يتعلق بإنتاج البترول فتحتل المرتبة السابعة عالميا والـ 17 في انتاج الكهرباء والـ 13 في انتاج الفولاذ. إضافة الى انها تحتل المرتبة 16 في صناعة السیارات. والمرتبة السادسة عالميا في الـ «نانو تكنولوجیا» كما انها تحتل المرتبة العاشرة في صناعة الأقمار الصناعية. ولعل أهم الصناعات تلك التي تتعلق بالوقود النووي فهي تعتبر من ضمن الدول التسعة التي تمتلك الوقود النووي إضافة الى كونها تحتل المرتبة الـ 13 في قدراتها العسكرية . كل هذه الأرقام تحول ايران الى رقم صعب في المنطقة والى قوة صناعية وتكنولوجية رائدة رغم الحصار المفروض .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115