العلاقات الجزائرية الفرنسية نحو التطبيع: استئناف السفير الجزائري لمهامه في باريس

استأنف السفير الجزائري محمد عنتر داود مهامه في باريس يوم الخميس 6 جانفي بعد أن أعلنت رئاسة الجمهورية الجزائرية

عن رجوعه إلى سالف عمله في العاصمة الفرنسية. وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد قرر استدعاء سفيره يوم 2 أكتوبر الماضي «للتشاور» إثر خبر نشرته جريدة لوموند الباريسية مفاده أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صرح بأن «النظام السياسي - العسكري» الجزائري يعيش على «رعي الذاكرة» بعد استقلال البلاد عام 1962. وهو ما أغضب السلطات الجزائرية وفي مقدمتها الرئيس تبون الذي طالب باريس بالالتزام بـ«الاحترام الكامل» للجزائر و حذر من أنه لن يقوم بالخطوة الأولى لإعادة العلاقات الى ما كانت عليه.
واعتذر الرئيس الفرنسي إثر الأزمة المفتوحة بين البلدين جراء تصريحاته معتبرا أنه «جدل ناتج عن سوء فهم» وأنه «متمسك بتطوير العلاقات الثنائية بقوة». ولكن ذلك لم يمح من أذهان الجزائريين ما اعتبروه ازدراء بتاريخهم خاصة انه اعتبر أن لا تاريخ للأمة الجزائرية قبل الاحتلال الفرنسي. وكان الرئيس الفرنسي قد حرص قبل اندلاع الأزمة على إعادة النظر في العلاقات بين البلدين واتجه إلى تقريب «الذاكرتين» وفتح المجال أمام الباحثين والمؤرخين والسياسيين لتسهيل تطبيع العلاقات بعد الوقوف على مشاكل الماضي التي حصلت بين البلدين قبل ميلاده.
مبعوث لنزع الألغام
وأرسل الرئيس ماكرون إلى الجزائر وزيره للخارجية جون إيف لو دريان، المعروف بأنه «صديق الجزائر» في بداية شهر ديسمبر في محاولة لإبطال فتيل الغضب والتركيز على ارجاع العلاقات الدبلوماسية إلى مستواها العادي. وكانت الجزائر قد تراجعت عن منح الطيران العسكري الفرنسي حق عبور الفضاء الجزائري في عملياتها العسكرية ضد الحركات الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي. وعبر جون إيف لودريان عن موقف دبلوماسي مرن يدخل في نطاق مزاجه الهادئ وطالب بتفعيل «علاقات هادئة» بين البلدين و«النظر نحو المستقبل» من أجل بناء علاقات متميزة.
رغم تلك الزيارة استغرقت العلاقات وقتا قبل ان يقرر الرئيس تبون إرجاع سفيره إلى باريس في خطوة فهمها الجميع كردة فعل إيجابية على تغيير الموقف الفرنسي على المستوى الدبلوماسي وأخذت تجاه القضايا الاجتماعية والاقتصادية والتجارية العالقة بين البلدين. لكن رواسب الأزمة لا تزال حية في الأذهان ولازالت إشكاليات الماضي المتعلقة بالخوض في «الذاكرة الحية للاستعمار» تشكل عتبة أمام السلطات الجزائرية.
الدور الجزائري الإقليمي
ما لا يقوله الدبلوماسيون في خطبهم وتصريحاتهم تعبر عنه تقارير وكالات الإستخبارات والدراسات العسكرية. اذ ان وراء «أزمة التلاسن» بين العاصمتين الفرنسية والجزائرية كانت تخفي تنافسا على المستوى الإقليمي في علاقة بأمن منطقة الساحل الإفريقي الذي تلعب فيه الجزائر دور الوسيط منذ سنين. وقد احتضنت العاصمة دورات متتالية للحوار والمصالحة بين الفصائل المتنازعة في مالي وسهلت التوصل إلى حل شامل غير اقصائي يمهد إلى استقرار البلاد باشراك الفصائل الإثنية والحركات السياسية والعسكرية في شمال مالي.
وقد لعبت الجزائر دورا إيجابيا في تقريب وجهات النظر بين الفصائل في مالي قبل التدخل العسكري الفرنسي عام 2013 وبعده الذي لازال متواصلا تحت غطاء الحرب على الإرهاب. وتشير تقارير عسكرية افريقية الى أن إعادة النظر في برنامج برخان العسكري من قبل باريس يدخل في إطار استحالة التحكم في منطقة الساحل من قبل الجيوش الفرنسية التي لا يتعدى عددها 5000 جندي. ووصلت باريس إلى قناعة بضرورة تشريك دول الساحل في مجوعة الخمسة مع الجزائر في عملية تأمين السلم في المنطقة. إذ ان للجزائر حدود مع الدول الساحلية تجعل منها لاعبا فعالا في استقرار المنطقة. وهو الدور الطبيعي الذي ترغب في تفعيله الجزائر عبر دبلوماسية هادئة وبناءة مع الأمل أن يتطور الموقف الفرنسي إلى مستوى شراكة بناءة تمكن من استقرار المنطقة من أجل حماية مصالح كل الفاعلين فيها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115