استئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي الإيراني في فيينا بعد 6 أشهر من الانقطاع: إيران تعبر عن استعدادها للتوصل إلى اتفاق

استؤنفت يوم أمس المفاوضات في مدينة فيينا مساء يوم 2021 حول الملف النووي الإيراني الموقع عام 2015 بمشاركة إيران

من جهة وروسيا وفرنسا وبريطانيا العظمى وألمانيا والصين وبحضور الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى في أول لقاء بين الطرفين بعد انتخاب الرئيس الإيراني إبراهيم الرئيسي في جوان الماضي.
وكانت المفاوضات مع الجانب الإيراني قد انقطعت بعد ست دورات متتالية خلال السداسي الأول من العام الجاري لم تفض إلى أي تقدم. ومع انتصار المحافظين في الانتخابات التشريعية والرئاسية في إيران تغيرت معطيات التفاوض مما أدى إلى انقطاعها في إطار اجتماعات إيران مع مجموعة 5 + 1. لكن الاتصالات لم تنقطع مع الوسيط الأوروبي الذي ساهم بصورة فعلية في تقريب وجهات النظر من أجل استئناف التفاوض. وخلال مكالمة هاتفية صرح وزير الخارجية الإيرانية لرئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيف بورال أنه «إذا كانت الأطراف المتنازعة قابلة بالتزاماتها وبرفع العقوبات فيمكن التوصل إلى اتفاق جيد وفوري.» كان ذلك بمثابة ضوء أخضر من طهران لاستئناف المفاوضات في ظروف صعبة تمر بها إيران اقتصاديا واجتماعيا مع تعدد المظاهرات الشعبية في عدة مدن إيرانية.
الخط الأحمر الإيراني 
بعد فشل مجموعة 5+1 في اقناع واشنطن بالتخلي عن العقوبات التي فرضها الرئيس دونالد ترامب إثر خروجه من الاتفاق، شرعت إيران في تخصيب اليورانيوم في مستوى 60 % التي تقترب من نسبة 90 % السانحة بالاستخدام العسكري أي بإنتاج القنبلة الذرية. وقد تحررت إيران من بعض بنود الاتفاق الأخرى. قبول طهران الرجوع إلى طاولة المفاوضات ويبقى مشفوعا بشروط صارمة في مقدمتها رفع العقوبات الأمريكية المستحدثة بعد توقيع اتفاق 2015 وتسريح الودائع الإيرانية لدى البنوك الأمريكية المجمدة التي وصلت إلى 10 مليارات دولار.
من ناحية أخرى، أعلن محمد إسلامي رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة النووية أن الاجتماع في فيينا لن يتطرق إلى «المسائل النووية» أي أن طهران لن تقبل بتغيير البنود المتفق حولها. وهي خطوط حمراء وضعها الولي الفقيه علي خامنئي بالاتفاق مع الرئيس إبراهيم الرئيسي. في نفس الوقت انتقل نائب وزير الخارجية وكبير المفاوضين عليباغري إلى فيينا قبل موعد القمة مصحوبا بفريق واسع من المفاوضين في خطوة لتهدئة الوضع التفاوضي وإعطاء صورة على جدية التفاوض من الجانب الإيراني.
موقف أمريكي متردد
من ناحيتها عبرت الولايات المتحدة بعد انتخاب الرئيس جو بايدن عن مواقف مترددة. من ناحية أخرى أقر بايدن الرجوع إلى الاتفاق النووي لكنه لم يتخل عن الشروط التي فرضها دونالد ترامب عام 2018 والتي تتعلق بالتفاوض في الأسلحة البالستية وفي الدور الإقليمي لإيران في منطقة الشرق الأوسط. وهي شروط إسرائيلية كررها وزير خارجيتها يائيرلابيد في زيارتيه في نهاية الأسبوع الماضي إلى لندن وباريس من أجل اقناع الأوروبيين بعدم التراخي تجاه إيران.
من ناحية أخرى، لن يشارك الوفد الأمريكي بصورة مباشرة مع الوفد الإيراني، بل بطريقة غير مباشرة مع تواجده في فيينا. وتم تعيين المبعوث الأمريكي روب ماليه لقيادة المحادثات. المطالب الأمريكية المعلنة لم تتغير لما كانت عليه في بداية السنة وهي تتعلق بفتح التفاوض في الدور الإقليمي الإيراني وفي مشروعه الصناعي المتعلق بالصواريخ البالستية العابرة للقارات والتي تعتبرها واشنطن تهديدا لإسرائيل وأوروبا والمصالح الأمريكية. وهو شرط أمريكي لرفع العقوبات تدريجيا وسوف يتمحور التفاوض في حدود تلك المطالب من الجانبين.
تغيير في موازين القوى
أظهر الجانب الإيراني بعض المرونة في خفض سقف مطالبه لكنه لن يربط المصالحة بالتراجع عن الاتفاق الذي وقع بعد 13 سنة من التفاوض. أي أن المفاوض الإيراني عليباغري لن يتفاوض في ما تم التوقيع في شأنه بل أن لديه ضوءا أخضر من طهران في قبول الرجوع إلى تخصيب اليورانيوم تحت سقف 20% والالتزام بباقي البنود بما فيها فتح كل مواقع التخصيب أمام مفتشي الوكالة الدولية مقابل رفع العقوبات. وهو ما يعتبره الجانب الأوروبي خطوة مقبولة.
لكن هذا السقف من التفاوض يأتي بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من كابول وفشلها في فرض أجندتها في بلدان الشرق الأوسط، في العراق وسوريا ولبنان واليمن حيث نجحت إيران في مد نفوذها وتدعيم دورها في المنطقة بمساعدة من روسيا. من ناحية أخرى تتمتع طهران بدعم غير مشروط من قبل موسكو، موقف عبر عنه وزير الخارجية سيرغي لافروف خلال زيارة وزير خارجية إيران لموسكو بداية شهر أكتوبر الماضي عندما قال في تصريح صحفي: « المجتمع الدولي ينتظر من الولايات المتحدة الرجوع إلأى الإطار القانوني للاتفاق وفسخ التضييقات غير الشرعية ضد إيران وكذلك ضد شركائها الاقتصاديين.» ثم أضاف: «المساعي التي ترمي إلى ربط إحياء الاتفاق النووي بالحصول على تنازلات إضافية من قبل إيران تبقى واهية.» وهو دعم واضح من موسكو التي تلعب ورقة ضغط ضد النفوض الأمريكي في منطقة توسعها الجغرافي.
يضاف إلى هذا الإطار دخول «إسرائيل» والمملكة العربية السعودية ودول الخليج على الخط بعد أن فشلت الرياض والتحالف الدولي في كسر نفوذ الحوثيين في اليمن. من ناحيتها لا ترغب «إسرائيل» في الرجوع إلى اتفاق دائم مع إيران يمكن أن يفتح لها باب إنتاج القنبلة الذرية مع ما يمليه ذلك من تغيير في موازين القوى في المنطقة. وتبقى الدورة الحالية من التفاوض رهينة التوازنات الآنية بين القوى الكبرى والقوى الصغرى التي تفرض نفوذا على أرض الواقع.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115