باريس تستضيف مؤتمرا دوليا جديدا حول الأزمة الليبية: طريق السلام في ليبيا .. محفوف بمخاطر الميليشيات ومعادلات الخارج

الباحث الليبي عز الدين عقيل لـ«المغرب»:
لن تكون الانتخابات في بلد يعجّ بالمرتزقة والميليشيات حلا
استضافت العاصمة باريس أمس مؤتمرا جديدا حول ليبيا يهدف بالأساس للدفع باتجاه اجراء الانتخابات

المقررة يوم 24 ديسمبر المقبل . وهذا المؤتمر ليس الأول الذي تستضيفه العاصمة الفرنسية التي سبق ان احتضنت مؤتمر باريس 1، وكانت راعية لمؤتمرات عديدة تهتم بالأزمة الليبية في عديد العواصم العربية والعالمية . ولكن أيا من كل هذه المساعي لم تؤد الى طيّ صفحة الحرب العبثية التي ما إن توقفت حتى تعود للانفجار مرة أخرى بحسب معادلات الخارج ومصالح الداخل .
ويترأس المؤتمر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ويشارك فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والمستشارة الألمانية المنتهية ولايتها أنغيلا ميركل، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة. إضافة الى الولايات المتحدة وإيطاليا وتركيا . كذلك دول الجوار الليبي وفي مقدمتها تونس والجزائر والمغرب وتشاد .
أهم الأهداف
وذكرت مسودة نتائج مؤتمر باريس بشأن ليبيا أن من يحاولون عرقلة الانتخابات والانتقال السياسي في البلاد سيحاسبون وقد يواجهون عقوبات من الأمم المتحدة. وحثّت المسودة كافة الأطراف على الالتزام بجدول زمني للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي من المقرر أن تبدأ في 24 ديسمبر. كما دعت إلى تنفيذ خطة قائمة لسحب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا دون تأخير.
ولعل السؤال الأهم ما حظوظ هذا المؤتمر للنجاح وبماذا يختلف عما سبقه وهل سيحقق النجاعة التي يتوق اليها الليبيون الباحثون عن استقرارهم المفقود طيلة عشرية سوداء من حكم النار والدم في بلد المختار ؟
في هذا السياق ، يعتبر الباحث والمحلل الليبي عز الدين عقيل في حديثه لـ«المغرب» ان هذا المؤتمر لن يفيد ولن ينفع الليبيين في شيء، ويضيف بالقول :» الليبيون بحاجة ماسة الى انتاج قاعدة دستورية والنخبة الحاكمة لا تريد هذه القاعدة الدستورية لأنها الطريقة الوحيدة التي تخلّص الليبيين من الطبقة الحاكمة الفاسدة الراهنة . ويوضح:» تدخل الخارج لم يؤد الا الى مزيد الأزمات منذ حكومة السراج، وكان يجب التركيز بدلا من انتاج حكومة جديدة شرهة للسلطة تسعى بكل ما بوسعها لتأجيل الانتخابات وتخريبها، كان يجب الإبقاء على السراج والضغط على الأطراف الليبية لإنتاج القاعدة الدستورية . فهي الأصل والأساس لتجديد الشرعية السياسية الليبية للدولة للتخلص من هذه الطبقة الحاكمة او لعودتها لكن من خلال شرعية جديدة . لانه لا وجود لمن يؤكد بان هذه النخبة الفاسدة التي أفسدت ليبيا هي من ستعود نفسها للحكم خاصة انها تملك النفوذ والأموال والدعم والخارجي . وطالما ان الدول الغربية اعتبرت ان الانتخابات لا نزع سلاح الميليشيات أصل المشكلة الليبية فلن يكون هناك حل في البلاد «. ويضيف محدثنا: «كان عليهم ان يعملوا من أجل صناعة هذه القاعدة لكن ستيفياني ويليامز الدبلوماسية الأمريكية، التي عُينت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (بالإنابة) في مارس 2020، صنعت خارطة طريق مشوهة وعرجاء وأنتجت حكومة جديدة أكثر شراهة للحكم وتآمرت على الانتخابات لأنها لا تريد ان تبقى لأشهر فقط. وهناك احتمال كبير بان يكون هناك رفض لنتائج الانتخابات وان تتدخل الأطراف المسلحة لرفض الانتخابات وتحويل المسألة الى حرب».
الانتخابات نتيجة وليست أداة لصنع الاستقرار
أما عن توقعاته حول مآل الوضع الليبي يجيب محدثنا: «الوضع خطير والسبب فيه هم أنفسهم المجتمعون اليوم في باريس، هؤلاء لن يأتي منهم خير لليبيين سواء من اجتماعهم في باريس او برلين او باليرمو لانهم هو أصل كل الأزمات التي تعيشها ليبيا».
وهل يمكن ان تكون الانتخابات حلا للأزمة الليبية يجيب محدثنا بالقول: «الانتخابات في بلد يعجّ بالمرتزقة والميليشيات لا يمكن لها تكون حلا خاصة ان هذه الميليشيات تسيطر فيها عصابات على منشآتها الاستراتيجية مثل المطارات والمنافذ البرية والمصافي وحتى الحقول النفطية والبنك المركزي ومجلس الوزراء كلها محاطة بجماعات ميليشياوية تخضع بالكامل لأمراء حرب محددين هم الذين يحددون مصير المؤسسات التي يحكمونها . وفي مثل هذه البيئة لا يمكن لأية انتخابات الا ان تنتج مزيدا من الفوضى والعواقب والوخيمة «. ويتابع بالقول :» في ليبيا اليوم هناك طرفا صراع يتنازعان على شرعية السلاح ولن يسمح أي طرف بأن يخضع لشرعية الطرف الآخر فقط لأنه فاز في الانتخابات. وبالتالي ما يفصل ليبيا عن اندلاع حرب جديدة هو الإعلان عن نتائج الانتخابات». وقال عقيل انه لا يمكن اعتبار ظروف ليبيا ملائمة لإجراء انتخابات لانها بحاجة الى تفكيك السلاح ونزع الميليشيات وإعادة هيكلة مؤسسة الجيش والشرطة. ثم الانطلاق للانتخابات التي هي نتيجة لوجود استقرار وليست أداة لصنع الاستقرار. وهنا يمكن العودة لتجارب بلدان أنهت حروبها الأهلية من خلال نزع سلاح الميليشيات مثل لبنان والبوسنة والهرسك . فالانتخابات في وسط غابة تعجّ بالسلاح لا يمكن ان تنجح ابدا ولا يمكن ان تكون عواقبها الا وخيمة».
ويؤكد أن البديل ليس الا حلا واحدا وهو جمع أمراء الحرب وهذا هو الحل نفسه الذي نفذته المجموعة الدولية في أكثر من 60 دولة وهو نزع السلاح من خلال اتفاق سلام بآليات محددة وبرعاية أممية .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115