فوضى المعادلات الأمنية والسياسية في هذا البلد ، والذي يتداخل فيه نفوذ القوى الداخلية و الخارجية . ولقيت العملية تنديدا واسعا داخليا ومحليا وإدانات من معظم الفصائل والمجموعات المسلحة .
وقالت السلطات العراقية إن محاولة الاغتيال نُفذت بثلاث طائرات مسيرة مفخخة، أسقطت قوات أمنية اثنتين منها، بينما سقطت الثالثة في مقر إقامة الكاظمي داخل «المنطقة الخضراء» وسط العاصمة بغداد، مما أصاب عددا من حراسه.
رسائل عديدة
ولم تتبن أي جهة هجمات مماثلة بطائرات مسيرة وصواريخ على قواعد تتواجد فيها قوات أمريكية أو على السفارة الأمريكية أو «المنطقة الخضراء» شديدة التحصين وغيرها. كما أن الحكومة العراقية لم توجه اتهامات لأي جهة بالمسؤولية عن تلك الهجمات، ولم تعلن عن نتائج لجان تحقيق شكلتها بعد كل هجوم.
والجدير بالذكر ان توقيت العملية يحمل عديد الرسائل فقد جاءت بعد اعلان مفوضية الانتخابات في 16 أكتوبر الماضي عن النتائج الأولية للانتخابات والتي قوبلت برفض قطاعات عديدة دعت الى مظاهرات عند بوابات المنطقة الخضراء للمطالبة المفوضية بإعادة الفرز والعد يدويا أو إلغاء نتائج الانتخابات بالكامل. ولكن هذه الاحتجاجات لم تمر دون حدوث حوادث مؤلمة وسقوط قتلى في الاشتباكات التي اندلعت قرب المنطقة الخضراء بين المتظاهرين الرافضين للنتائج والقوات الأمنية، مما أسفر عن مقتل شخص إلى ثلاثة من بينهم القيادي في حركة «عصائب أهل الحق»، عبد اللطيف الخويلدي، وهو «معاون آمر لواء 42»، أحد ألوية الحركة ضمن «الحشد الشعبي» .
معضلة السلاح
وقد قال المحلل السياسي العراقي قاسم آل جابر لـ«المغرب» ان عملية الاغتيال الفاشلة تزامنت مع اعلان مفوضية الانتخابات عن تطابق العد والفرز اليدوي مع صناديق الانتخابات التي تمّ الطعن فيها من قبل المرشحين الخاسرين ودعوة المفوضية للمحكمة الاتحادية للمصادقة على النتائج واحتدام الجدل السياسي بين الأحزاب الفائزة. وأضاف :«اليوم هناك محاولات للكشف عن الجناة. وقد سبق ان أعلن الكاظمي عن معلومات مهمة حول منفذي العملية الارهابية ووعد بملاحقتهم. وقد دخلت الولايات المتحدة على الخط ووعدت بملاحقة الجناة كما أعلن بايدن عن ارسال فريقه الخاص للتحقيق في الجريمة الإرهابية» .
في الحقيقة ما حدث في العراق نتيجة لعدم تمكن الحكومات المتعاقبة من حصر السلاح المنتشر في كل مكان في يدها .
وظل العراق رهينة حكم الميليشيات بمختلف توجهاتها والوانها وولاءاتها.
وكان من الممكن ان يدفع الكاظمي نفسه ثمن فوضى السلاح في بلد مر بأسوإ المراحل في تاريخه المعاصر مع تفشي الجماعات الإرهابية وفوضى الميليشيات.
اليوم يواجه العراقيون استحقاقات عديدة بعد رفض البعض لنتائج الانتخابات وهي التي كان يعول عليها المجتمع العراقي لضخ دماء
جديدة واعادة تشكيل المشهد وفق أسس مغايرة . ولكن مستوى الخلافات والصراعات تصاعد بعد صدور النتائج والتي مثلت الفرصة الأخيرة للعراقيين للخروج من مستنقع أزماتهم .
ويؤكد قاسم آل جابر بان الوضع الأمني في العراق عاد الى طبيعته وقد تراجع زخم المظاهرات من قبل الأحزاب التي فشلت في الانتخابات. وقال ان هناك دعوات لإنهاء المظاهرات لان المحكمة الاتحادية ماضية بالتصديق على نتائج الانتخابات والأحزاب الفائزة ماضية في اتجاه تشكيل حكومة اغلبية ولا يمكن إعادة الانتخابات او تغيير نتائجها بحسب قوله.
وقال ان ما حصل أظهر التضامن العربي والدولي مع العراق مع دعوة الى ملاحقة الجناة . وأعرب عن امله بان يتحسن الوضع والأمل معقود على الحكومة القادمة لتلبي طموحات العراقيين . فالعراق يمرض ولا يموت».