المجلس الأوروبي وحملته لفائدة الحجاب: «الغضب» الفرنسي وراء سحب الحملة المدعومة من حركة الإخوان المسلمين

قرر المجلس الأوروبي الذي يضم 47 دولة سحب الصور والفيديوهات التي نشرها عبر شبكة تويتر ابتداء من 28 أكتوبر بعد الجدل العارم

الذي هز عددا من البلدان الأوروبية في مقدمتها فرنسا. وكان المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية قد مولا ونظما حملة كان هدفها التوعية باحترام «التنوع» في صفوف الشباب الأوروبي.
ولم تلق الحملة في بدايتها أي صدى بسبب العدد القليل نسبيا من رواد شبكة تويتر في أوروبا. لكن سرعان ما انتشرت الصور والفيديوهات في باقي شبكات الاتصال الاجتماعي وفي الصحف اليومية مما أخرج المسؤولين السياسيين والملاحظين من صمتهم. وقد اندلعت موجة من الغضب في صفوف الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية والحقوقية المناهضة للإسلام السياسي في عدد من البلدان من بينها الدول الشرقية وبولونيا التي تقودها حكومات يمينية راديكالية.

دور فرنسي حاسم
وقد عبرت عدة شخصيات سياسية فرنسية عن استيائها من الحملة التي تعلن أن «الحرية في الحجاب» وهو ما اعتبروه دعاية واضحة لارتداء الحجاب الذي تدعو إليه حركة الإخوان المسلمين في أوروبا وتقليص مفهوم الحرية النسائية في الدخول في الإيديولوجية الإسلاموية. واعتبر البعض أن الحملة تمس من حرية النساء ومن النظام اللائكي القائم في فرنسا. شخصيات من مختلف الحساسيات السياسية، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، عبرت عن عدم رضاها بإطلاق الحملة في شكلها الدعائي لأحد أركان تحرك الاسلام السياسي في أوروبا الذي يستهدف البنات المسلمات وكذلك الأوروبيات اللاتي تمت أسلمتهم عبر حملات مماثلة.
واعتبرت مارين لوبان زعيمة التجمع الوطني الفرنسي أن الحملة «فضيحة مخزية» كما عبر مرشح اليمين الجمهوري للرئاسة والمفوض الأوروبي السابق ميشال بارنيه عن رفضه لها مشيرا إلى «معارك نساء كابول من أجل عدم ارتداء الحجاب». وقالت المرشحة للرئاسة فاليري بيكراس في هذا الصدد: «الحجاب ليس رمزا للحرية، بل للاستسلام.» ونددت النائبة الاشتراكية لورنس روسينيول بالحملة معتبرة أن ذلك دعاية لارتداء الحجاب. أما الحكومة الفرنسية فجاء موقفها على لسان الناطق الرسمي غابريال عتال الذي ندد بدوره بها وقال بالخصوص «لا يجب الخلط بين الحرية الدينية والدعاية للرموز الدينية». بالنسبة لسارة الحيري، كاتبة الدولة للشباب والالتزام في الحكومة الفرنسية، حملة المجلس الأوروبي «تدعم نظرة الهوية والفئوية التي هي نقيظ النظرة الفرنسية.» وذكرت جريدة الفايننشال تايمز اللندنية أن الحكومة الفرنسية تدخلت لمنع الحملة ونجحت في ذلك حتى يتمكن المجلس الأوروبي من مراجعتها والتركيز على مبدئ التنوع بعيدا عن الدعاية للإسلام السياسي التي تناهضه فرنسا في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون.

حركة الإخوان المسلمين وراء الحملة
وذكر تقرير للأسبوعية الفرنسية «ماريان» التي تتابع ملف الجمعيات الإسلامية في أوروبا منذ مدة أن الحملة نظمها برنامج الاندماج ومقاومة التمييز التابع للمجلس الأوروبي والممول من قبل مفوضية بروكسل وأن ذلك أسفر إلى اطلاق عدة شعارات مثل «الحرية في الحجاب» و«حجابي هو اختياري» و«ارتداء الحجاب الإسلامي حق من حقوق الإنسان» و»اجلبوا الفرح واقبلوا الحجاب». وأشارت الصحيفة كذلك إلى بعض المعلقات التي تظهر بنات قاصرات صغيرات السن ترتدين الحجاب. وهو شيء مختلف عما هو مبرمج من قبل المجلس الأوروبي الذي «يهدف إلى التحسيس بضرورة احترام التنوع والاندماج ومقاومة كل أنواع خطب الكراهية» حسب تصريح المجلس.
وشارك في إعداد الشعارات وتصميم الحملة ناشطون تابعون لجمعيتين قريبتين من حركة الإخوان المسلمين. الأولى، المنتدى الأوروبي للشباب الإسلامي والجمعيات الطلابية التي فوضت لناشطة إيطالية للمشاركة في مخبر تنظيم الحملة. وهو ما أكدته للصحيفة هبة الأطرش رئيسة المنتدى التي خلفت انتصار الخريجي، ابنة راشد الغنوشي على رأس المنظمة. وصرح للصحيفة سارجيوألتونا، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن زعماء الحركات الإخوانية يشركون أولادهم وبناتهم وأقرباءهم في جمعيات الشباب الإسلامي التابعة لشبكات الإخوان المسلمين. أما الجمعية الثانية التي ثبت تعاملها المباشر في حملة المجلس الأوروبي فهي المنتدى الأوروبي للنساء المسلمات وهي فرع نسوي لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا الذي أسسه الداعية يوسف القرضاوي. وجاء في التقرير الميداني لصحيفة «ماريان» أن أحد مديرات المنتدى هي زوجة الناشط الإسلامي التونسي أحمد جاب الله الذي يترأس المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بباريس.
ويذكر كذلك أن أحمد جاب الله عضو الهيئة الشرعية للمجلس الفرنسي للمالية الإسلامية وعضو الهيئة العالمية للتعليم الإسلامي وهو عضو مؤسس في الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين ونائب الأمين العام للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث. وكلها مؤسسات تابعة لحركة الإخوان المسلمين تعمل على التسلل في الهيئات الأوروبية وفي الجمعيات الأهلية في الدول الأوروبية من أجل تمرير أجندات الإخوان المسلمين في أوروبا. قرار المجلس الأوروبي سحب الحملة في شكلها الحالي لا يعني، حسب تصريح المجلس، التخلي عنها، بل مراجعتها حتى تعطي صورة حقيقية للهدف المرسوم لها. الضجة التي تسببت فيها الحملة في فرنسا لن تكون لها نهاية مع انطلاق الحملة الانتخابية لرئاسية 2022.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115