وعد بلفور وتاريخ من الانتفاضات

مرت 104 أعوام على وعد بلفور المشؤوم ..هذه الذكرى الأليمة التي تمّ خلالها إصدار إعلان بلفور الشهير من قبل الحكومة البريطانيّة خلال الحرب العالمية الأولى

لإعلان دعم تأسيس «وطن قوميّ للشعب اليهوديّ» في فلسطين. وتمّ تضمينه في رسالة وجهها وزير خارجيّة المملكة المتحدة آرثر بلفور إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني بتاريخ 2 نوفمبر من سنة 1917.
كان لهذا الإعلان المشؤوم التأثير الأكبر في إقامة دولة الاحتلال في أراضي فلسطين التاريخية، وقد ساهم في اندلاع أكبر مآسي العصر التي لا تزال متواصلة حتى اليوم ... فالصراع مع الاحتلال الصهيوني صراع وجود بين أصحاب الحق الفلسطيني والمحتل الغاصب ... ومهما حاول الاحتلال تشويه الحقائق وزرع الأكاذيب عبر سياسة التهويد والهدم وبناء المستوطنات وقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية لا شيء يمكن ان يطمس الحقائق التاريخية التي بنيت بدماء شعب كامل بل بدماء شعوب المنطقة ككل .
لقد دفع أبناء المنطقة غاليا ثمن هذا الوعد المشؤوم فتوحد الدم الفلسطيني مع اللبناني والسوري والمصري والتونسي والجزائري وغيره في عديد الحقب واللحظات التاريخية وذلك في خضم الحروب العربية الاسرائيلية...ولم يبق أي شبر في المنطقة العربية دون ان تعبث به يد الاحتلال. ويبقى السؤال اليوم بين وعد بلفور ووعد ترامب المشؤوم ما الذي تغير؟ .
في الحقيقة فان أسس هذا الصراع الذي اندلع مع قيام دولة الاحتلال الصهيوني راسخة لا تتبدل مهما تغيرت المعادلات ، وطالما هناك نفس فلسطيني في هذه الأرض فان المقاومة ستستمر بوجوه وبأشكال متعددة . وحتى موجات التطبيع التي تشهدها المنطقة ليست سوى الوجه الآخر لمحاولات الاحتلال اضعاف نفس المقاومة وفرض نهج الهزيمة والاستسلام قبل إعادة الحقوق لأصحابها.
اليوم وبينما يحيي الفلسطينيون هذه الذكرى الأليمة لا يمكن الا ان نستحضر مقولة «الكبار يموتون..والصغار ينسون»، التي أطلقها ابن غوريون، وبعد مضي عقود على الاحتلال لم ينس الصغار بل كبرت أجيال عديدة وأطلقت انتفاضات كبرى من انتفاضة الحجارة الى انتفاضة الأقصى. ويمكن القول ان فلسطين اليوم تاريخ من الانتفاضات التي تتغير مسمياتها ولكن تبقى هويتها واحدة ونبضها واحد وهو فلسطين .
قبل 104 أعوام أطلق بلفور وعده الشهر لليهود، واليوم لا زال أطفال وشباب ونساء ورجال فلسطين يرددون يوميا وعدا آخر ورثوه عن أجدادهم ليؤكدوا من خلاله بأن فلسطين ستبقى عربية وباقية ما بقيت دماء فلسطين وبانهم لن يتخلوا عن» مفتاح العودة «مهما تعاظمت مؤامرات الاحتلال .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115