من وسائل الإعلام الفرنسية على خلفية انطلاق الحملة الانتخابية لرئاسية 2022 وذلك قبل آجالها القانونية. وقد تمحورت هذه الظاهرة حول شخصية الصحفي والكاتب «إيريك زمور» الذي اكتسح المشهد الإعلامي منذ عامين عبر برنامج يومي منحته إياه قناة «سي نيوز» التابعة لشبكة «كنال بلوس».
وقد واكب صعود نجم «إيريك زمور» دخول رجل الأعمال الفرنسي الملياردير فنسان بولوريفي في عملية شراء وسائل اعلام فرنسية عبر شركة «فيفاندي» التي تمتلك شبكة «كنال بلوس». واستولى على راديو أوروب 1 و راديو أف أم وفيرجين وعدد من الصحف من بينها «باريس ماتش» و«جي دي دي» و«فام أكتويال» و «كابيطال» وغيرها. وأصبح يتربع على عرش شبكة إعلامية ضخمة رغم قانون 1986 الذي يمنع احتكار وتجميع وسائل الإعلام. وعمل فنسان بولوري على تغيير رؤساء وسائل الإعلام التابعة له من أجل تغيير خطها التحريري نحو راديكالية الخطاب اليميني حتى يصبح مهيمنا ىعلى الرأي العام الفرنسي.
«الوحش» إيريك زمور في مقاومة «الإسلام والمسلمين»
وتمكن الصحفي والكاتب إيريك زمور من بث سمومه وأفكاره العنصرية ضد المهاجرين والعرب والمسلمين والأجانب، دون نقاش أو معارضة جادة، عبر برنامج يومي دام سنتين على قناة «سي نيوز» التابعة لشبكة «كانال بلوس» مما جعله يفكر في الترشح لرئاسة الجمهورية وقد قام بجولة في جل أنحاء فرنسا لتقديم كتابه الأخير الذي يحوصل جملة أفكاره التي تبث الكراهية ضد الأجانب وتقدم منطق «التعويض الكبير» الذي يبث فكرة أن المسلمين سوف يأخذون مكان الفرنسيين في المستقبل القريب. وهي فكرة كانت قد طرحت عام 2015 من قبل في رواية للكاتب ميشال ويلباك تحت عنوان «استسلام».
إيريك زمور الذي أطلق عليه الإعلام الفرنسي عبارة «الوحش» حصل، قبل أن يعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة، على نسبة 17% من الأصوات في آخر سبر للآراء نشر في باريس وهو بذلك يأتي بعد مارين لوبان التي خسرت من شعبيتها والرئيس إيمانويل ماكرون الذي يتصدر السباق. ولم يتأخر بعض الملاحظين عن القول إن فكرة تقدم إيريك زمور تخدم موضوعيا الرئيس الفرنسي الذي يعمل على ترسيخ استراتيجية كسر عظام اليمن التقليدي واستبداله باليمين المتطرف حتى يجد نفسه في وضعية المنقذ من الراديكالية السوداء. إذا اعتبرنا نفس استطلاع الرأي تحصل الأحزاب اليمينية الراديكالية بمختلف أنواعها على نسبة 35% ممن الأصوات. وهو رقم يظهر تغلغل الفكر العنصري في المشهدين السياسي والإعلامي في فرنسا.
راديكالية مضادة
هذا الراديكالية في الخطاب السياسي وريثة للخطاب العنصري الموروث على الحرب العالمية الثانية ونظام «فيشي» العميل للنازية والذي عملت الدولة على تقويضه بعد تحرير باريس. لكن رجوع الخطاب اليميني المتطرف أخذ شيئا فشيئا مكانا في المشهد السياسي وتنوع بتنوع المتدخلين فيه حتى أن بعض شخصيات اليمين الجمهوري انخرطت فيه و«طبعت» مع الخطاب العنصري من أجل استقطاب الرأي العام في المعارك الانتخابية القادمة.
ويعتبر بعض المحليين في فرنسا أن تلك الظاهرة تعبير عن راديكالية مضادة موجهة ضد الراديكالية الإسلامية التي أصبحت ظاهرة في صفوف الشباب المسلم في فرنسا. وترتكز على التشهير بالهجمات الإرهابية الإسلامية ضد ملهى «البطكلان» عام 2015 بعد أن شهدت باريس عام 2013 الهجمات ضد «شارلي هبدو» التي ذهب ضحيتها جل طاقم الرسامين الكاريكاتوريين الفرنسيين والتي هزت الرأي العام الفرنسي والعالمي. ولم تتخذ الحكومة أية إجراء ضد هذه الظاهرة، بل أنها تستغل الوضع لفرض مشهد انتخابي جديد يحكمه استقطاب بين السياسة «الماكرونية» والراديكالية اليمينية.
وتحاول باقي التنظيمات السياسية إدراج أفكارها في الحوار العام بصعوبة. وذلك راجع لتشتت الأحزاب اليسارية وعدم قدرتها على إعادة تشكيل «وحدة اليسار» التي مكنته من الفوز عام 1981 رغم أن حزب الخضر الإيكولوجي يحاول فرض أجندة جديدة بعيدة على متاهات الخطاب العنصري. أما حزب الجمهوريين، وريث الحزب الديغولي، فيشهد هو الآخر تشرذما بتعدد الزعمات وانقسامها وعدم قدرتها على التنسيق فيما بينها. وهو مشهد سياسي أخل الإعلام الفرنسي في منطقة خطرة يسودها الخطاب العنصري الذي هز مصداقيته وجعله يواجه الانتقادات داخليا وخارجيا.
موجة من الخطاب العنصري تجتاح الإعلام الفرنسي: «إيريك زمور» الوجه المظلم لليمين المتطرف
- بقلم زين العابدين بن حمدة
- 09:39 26/10/2021
- 789 عدد المشاهدات
تفاقمت في الأسابيع الماضية موجة من الخطب العنصرية ضد الإسلام والمسلمين والعرب والأفارقة والسود والأجانب في عدد كبير