أثناء توجههم إلى موقع احتجاج للمطالبة بعزل قاضي التحقيقات في انفجار مرفإ بيروت.
معارك كر وفر بين الجيش اللبناني والمسلحين في خضم ساعات قليلة كانت كفيلة بتحويل منطقة الشياح وأبنيتها الى ساحة حرب وسط محاولات لإخراج العائلات العالقة . وكانت مخاوف عديدة تخيم على سماء لبنان خشية من تحقق السيناريو الأصعب، خاصة ان حالة الاحتقان لدى عائلات ضحايا وشهداء تفجير مرفإ بيروت وصلت الى حد الغضب والغليان الشعبي وسط اتهامات بتسيس التحقيق وعدم حياديته. فقد تصاعد التوتر بشأن مجرى التحقيق اثر دعوة جماعة حزب الله إلى عزل قاضي التحقيقات طارق بيطار متهمة إياه بالتحيز.
ومثّل هذا التطور الخطير منعرجا جديدا في مسار الأزمة اللبنانية التي تتفاقم يوما بعد يوم. ولعل المفارقة هي انطلاق هذه الاشتباكات في منطقة عين الرمانة نفسها التي شهدت قبل عقود تفجّر شرارة الحرب الأهلية اللبنانية التي دامت زهاء 15 عاما . فهل هي الصدفة ان تنطلق مجددا هذه الاشتباكات في منطقة فاصلة بين الأحياء المسيحية والأحياء الشيعية في وسط العاصمة بيروت؟.
تأتي هذه التطورات لتزيد من حجم الصعوبات والتحديات الكبرى المثقلة على عاتق حكومة ميقاتي. وتزداد المخاوف من ان تكبر كرة النار أكثر ويحرق لهيبها بلد الفينيق الذي ظل يعيش النكبات تلو الأخرى ويصارع أهله من أجل الاستمرار والبقاء والتقدم ونفض الرماد عن وطنهم الجريح .
ويعيش لبنان اليوم أزمات بالجملة اقتصادية ومجتمعية وسياسية زادتها تصريحات بعض الساسة شدة ، في وقت تبدو فيه البلاد أحوج ما تكون الى الحكمة للخروج من هذا المنزلق الصعب بأقل الأضرار .
تاريخ البلدان يكتب بسواعد أبنائها ، وتاريخ لبنان ملطخ بدماء أبنائه حيث يدفع الضحايا دائما ثمن المحاصصات السياسية وثمن أي تغيرات تعيشها المنطقة بكل ارهاصاتها وانعكاساتها .
تتجه أنظار اللبنانيين اليوم مجددا الى عين الرمانة والشياح وتحديدا الى الشارع الأبرز الذي كان ساحة حرب شهد سقوط مئات القتلى والجرحى في أصعب المحطات في تاريخ البلد ... ولعل السؤال الذي يطرح نفسه ، من يريد ايقاظ الذكريات المؤلمة في عين الرمانة ، ومن المستفيد من اشعال جبهة «عين الرمانة - الشياح»؟ .