وقد عاش البلد امس على وقع تصاعد التوتر من جديد بشأن التحقيق في انفجار مرفإ بيروت . ويؤكد العارفون بخفايا الوضع اللبناني وأسراره بأن هذا الملف من شأنه ان يدخل البلد في أتون أزمة سياسية قد تزيد من صعوبة التحديات التي يواجهها ميقاتي، علاوة على ملف التفاوض مع صندوق النقد الدولي والتحضير للانتخابات البرلمانية المرتقبة في الربيع القادم والتي هي من أوكد أولويات الحكومة .
وجاء الخلاف حول مسار التحقيق في انفجار مرفإ بيروت ليزيد الطين بلة، فبدل الانشغال بالملفات الاقتصادية المأزومة، يجد ميقاتي نفسه اليوم يحاول حل هذا الاستعصاء المتعلق بمجرى التحقيقات في هذه الكارثة الاليمة . وقد وجه القاضي طارق بيطار -الى كبار المسؤولين الذين كانوا على علم بتخزين المواد الكيمائية الخطرة دون ان يفعلوا شيئا- أصابع الاهتمام بالدرجة الأولى وهذا المطلب كان وراء حملة إقالة القاضي بيطار بسبب وجود أسماء حساسة في دائرة الاتهام .
المعلوم ان ميقاتي تمكّن من تشكيل حكومته بعد مخاض صعب وبعد فرض نوع من التوافق بين الفرقاء السياسيين، وقد لا يستطيع اليوم التعامل بنفس الطريقة مع هذا الملف الثقيل الذي تحوم حوله الشكوك والاتهامات المتضاربة والتي تطال كبار المسؤولين في الدولة. وقد دفعت هذه التطورات بعض المسؤولين الى القول بان مسار التحقيق بهذه الطريقة قد يهدد بدفع لبنان نحو حرب أهلية . اما موقف الرئيس ميقاتي فكان واضحا وقد اعلن صراحة ان «لبنان لا يمكنه تحمل إقالة قاض ثان بعد إقالة المحقق الأول في فيفري الماضي عندما قبلت المحكمة شكوى تشكك في حياده».
ولعل التحدي الأهم اليوم يتعلق بمدى إمكانية تأمين تحقيق نزيه وشفاف وغير مسيس يحقق العدالة المطلوبة لضحايا التفجير وعائلاتهم ...وهو المطلب الملح اليوم داخليا وخارجيا ويزيد من الضغوطات المثقلة على كاهل حكومة ميقاتي .