الاحتلال الإسرائيلي تحت وقع الصدمة بعد نجاح ستة معتقلين فلسطينيين الفرار من هذا السجن شديد التحصين والحراسة والذي يُلقب في «إسرائيل» بـ»الخزنة الحديدية» بسبب إحكام الإجراءات فيه لمنع أي محاولة فرار منه، بينما يُطلق عليه الأسرى الفلسطينيون اسم «غوانتنامو الإسرائيلي». وقد وصفت وزير أمن الاحتلال عملية الهروب بالفشل الأمني لـ«إسرائيل». ومن بين الفارين خمسة أعضاء من حركة «الجهاد الإسلامي»، اربعة منهم محكومون مدى الحياة، إضافة الى الزبيدي من «حركة فتح».
بالتزامن مع ذلك أطلق المعتقلون داخل سجون الاحتلال ما وُصف بـ «ثورة السجون» اثر مواجهات اندلعت بين المعتقلين الفلسطينيين وحراس المعتقلات الإسرائيلية جراء «حملة قمعية» تقوم بها السلطات. كما أمرت محكمة الاحتلال الاسرائيلية بحظر نشر أية تفاصيل تتعلق بالتحقيق حول عملية الفرار من السجن الى حد السادس من اكتوبر، بما في ذلك وسائل الإعلام المحلية.
والى حد كتابة هذه السطور لم تتمكن سلطات الاحتلال من تقصي أثر الأسرى رغم استنفار قوات أمنية كبيرة للبحث عنهم وتسيير طائرات دون طيار ونصب نقاط تفتيش على الطرق وتعزيز القوات في الضفة الغربية وفي محيط مدينة جنين .
بأدوات بسيطة يستخدمها الأسرى في شؤونهم اليومية ، تمكّن هؤلاء الأبطال من حفر نفق في زنزانتهم وحفروا معه كل يوم أملا جديدا بحياة أفضل ...ثم حانت اللحظة الحاسمة لفك القيود... وكلما اقتربوا من آخر النفق كانت نسمات الحرية أقرب اليهم. قد يكون الاحتلال بكل ما يمتلكه من ترسانة أمنية وعسكرية عجز عن ايجاد الأجوبة عن التساؤلات العديدة بشأن ظروف هروب الأسرى الأبطال ، ولكن السر يكمن في طبيعة هذه الأرض وهويتها الفلسطينية التي لم تلفظ أبناءها أبدا ، ولم ترمهم بعيدا بل احتضنتهم بين جنباتها وحملتهم في رحمها قبل أن تُطلقهم أحرارا مثل الطيور .
كانت عملية الفرار أشبه بمعجزة ، والحقيقة ان الشعب الفلسطيني عوّد العالم على صنع المعجزات بيديه وعلى ابتكار وسائل جديدة لمقاومة مغتصب أرضه وسالب تاريخه وجغرافيته . ألم يقل الشهيد ياسر عرفات بانه شعب الجبارين ، لذلك فان هذا الإنجاز البطولي جدير باحتفالات كبيرة من قبل الفلسطينيين الذين خرجوا بعفوية في شوارعهم لتوزيع الحلوى على المارين وكي يرسلوا مرة أخرى رسالة الى العالم أجمع بأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة وما يستحق الفرح والابتهاج مهما طال ظلام الاحتلال .