في محاولة للدفاع عن قراره أمام الرأي العام الأمريكي. وقد تلخص هذه المقولة الدرس الأهم الذي يمكن استخلاصه من أكبر التدخلات العسكرية الأمريكية في العالم. كما يمكن لهذه العبارة ان تختزل حصيلة ونتائج التدخل الأمريكي في العراق وسوريا وغيرها من دول الشرق الأوسط ...فواشنطن التي ادعت ابّان غزو العراق بأنها ستأتي بالديمقراطية للعراقيين وانهم سينعمون برغد العيش بعد عقود من حكم الاستبداد، وأطلقت نفس والوعود للشعب السوري عن حقوق الانسان والديمقراطية الوليدة، تجلى بأنها قدمت لهم صورة مشوهة عن الفوضى الخلاقة. فبعد عقود من التدخل الأمريكي في العراق لازال هذا الشعب يعاني الأمرين من غياب مؤسسات الدولة واستفحال الفساد والمحسوبية فيما تحول أبناء الشعب السوري الى لاجئين في دول العالم وسط غياب الأمل بالمستقبل. وهل يفيد اليوم بأن تقرّ الإدارة الأمريكية بأخطائها، وما الذي سيجنيه الشعب الأفغاني من حصيلة بعد هذه العقود من الدمار .
أكثر من 2.2 تريليون دولار أنفقتها واشنطن في هذا البلد على التسلح لإقصاء طالبان ، ولو انفقت جزءا ضئيلا من هذا المبلغ على الاستثمار في التنمية وتعليم الأطفال والشباب وبناء دولة قادرة وشعب واع لمستقبله لكان العالم قد وجد شعبا صامدا قادرا على الوقوف بالمرصاد لحركة طالبان ولكل الحركات الأصولية التي تبثّ الظلامية حول العالم بالفكر المتشدد. واليوم وبعد عشرين سنة من الاقتتال تعود طالبان الى كابول أمام عدسات الكاميرا العالمية وكأن شيئا لم يتغير فيما تجرّ الولايات المتحدة أذيال الخيبة والهزيمة . فما الذي تغير اليوم لدى الغرب لتصبح طالبان -التي كانت حتى الامس القريب حركة إرهابية - طرفا يمكن الوثوق به والتحالف معه؟. وما الذي يدفع قائد الجيش البريطاني للقول بأنه «ينبغي أن يعطي العالم حركة طالبان متسعا من الوقت لتشكيل حكومة جديدة في أفغانستان وربما يكتشف بعدها أن المتمردين الذين تعامل معهم طيلة عقود على أنهم متشددون قد أصبحوا أكثر عقلانية». وكيف تصبح هذه الحركة المتطرفة عقلانية بين ليلة وضحاها في الأدبيات الغربية . هذا الخطاب الجديد قد يحاول من خلاله قادة الغرب تبرير هذه الهزيمة الأفغانية
أمام شعوبهم ودافعي الضرائب في المجتمعات الغربية. في حين بدأت عديد الدول بفتح قنوات للتحاور مع هذه الحركة التي فرضت نفسها كأمر واقع في المعادلة الأفغانية ومحيطها بكل تأثيراتها ودلالاتها. ولكن بالنسبة للشعب الافغاني الحالم بالديمقراطية وبالنسبة للنساء والأطفال فلا تزال احلامهم معلقة على وعود لم تتحقق. وكل الخوف بأن يكون الأسوأ لم يحصل بعد على أيدي طالبان التي ستكون أولى ضحاياها المرأة الأفغانية.