لبنان ...اعتذار الحريري وحكومة الفرصة الأخيرة

أعلن سعد الحريري امس اعتذاره عن تشكيل الحكومة اللبنانية في خطوة تضع لبنان أمام نفق أزمة جديدة لا احد يعرف الى اين تسير .

وقال الحريري ، في تصريح عقب لقائه مع الرئيس اللبناني ميشال عون: «التقيت مع الرئيس وأجرينا مشاورات في موضوع الحكومة وخلال الكلام طلب الرئيس تعديلات واعتبرتها جوهرية في التشكيلة التي قدمتها». واعتبر الحريري في تصريحه بان لا شيء تغير وانهما لا يزالا على خلاف.
وكان الحريري قد تقدم الأربعاء للرئيس اللبناني بتشكيلة حكومية جديدة من 24 وزيراً من الاختصاصيين، وذلك بعد قرابة تسعة أشهر من القطيعة مع رئيس الجمهورية ميشال عون. وقد سعى الحريري في التشكيلة على تكليف الاختصاصيين بحسب ما تقتضيه المبادرة الفرنسية وبحسب مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري. ولكنه لم يكتب لهذه الحكومة ان تخرج إلى النور في الوقت الذي يقترب فيه البلد أكثر فأكثر من النفق المظلم؟
اليوم يتطلع اللبنانيون الى معجزة تنقذهم من همومهم وأزماتهم المستفحلة السياسية والمعيشية والصحية والاقتصادية، وتنقذهم من التخبط الذي يعيشه بلدهم من أزمة الكهرباء الى فقدان الأدوية وغلاء الأسعار الجنوني... في بلد في أمس الحاجة الى حكومة قوية وقادرة على إعادة الثقة الى الأسواق العالمية بلبنان والى إعادة القليل من الاستقرار المفقود للعملة الوطنية .
هناك مبادرات عديدة حصلت مؤخرا تتعلق بتخفيف الضغط على لبنان الذي يعاني من انعكاسات « قانون قيصر» الذي يحاصر سوريا ويعاقب جيرانها وكل من يتعامل معها ، كما يعاني بلد الأرز من أزمة حوكمة وتسيير وتراكم المديونية بشكل غير مسبوق ... ولعل زيارة كل من سفيرتي الولايات المتحدة وفرنسا الى الرياض مؤخرا لمحاولة تأمين دعم سعودي للبنان عبر وديعة مصرفية او غيرها من الحلول، تشكل سابقة في الأعراف الدبلوماسية وهذا ما فسرّ الجدل الكبير الذي أثير حولها . وبعدها أيضا توجه الحريري الى القاهرة في محاولة لتأمين غطاء عربي ودعم له في المرحلة القادمة ولكن بعد اعتذاره فان البلد يبدو مفتوح على عديد السيناريوهات .
وينتظر الجميع المنقذ الخارجي للبنان من انهياره الحاصل في حين ان الحل يجب ان يكون داخليا . والحال ان الطبقة السياسية في لبنان طيلة العقود الماضية أثبتت عجزا عن إيجاد حل لأزماتها منفردة ، وان قرارها السياسي لا يزال مرتبطا بالقوى الخارجية المؤثرة في الملف اللبناني وهذا ما عمّق الأزمة أكثر وجعل البلد رهين أزمات المنطقة .
واليوم يرى عديد المراقبين بان لبنان بحاجة الى «طائف» آخر لانقاذه من انهياره السياسي والمالي والذي دفع شعبه ثمنه غاليا كما في كل مرة . اليوم تُجرى حرب صامتة في البلد وتدمّر أرزاق اللبنانيين ومعيشتهم وتجعلهم وجها لوجهة أمام فوهة المجاعة بكل مخاوفها وأخطارها ، وذلك في انتظار «حكومة الفرصة الأخيرة» لإنقاذ لبنان من الانهيار الحاصل . ويبدو ان هذا المطلب الشعبي لا زال بعيد المنال في ظل ضبابية الوضع وتعقد الخلافات بين أقطاب السياسة في بلد الأرز .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115