ولئن يرى مراقبون أن تداعيات هذا الإنسحاب ستكون على الجانبين الأفغاني والأمريكي على حد سواء بعد 20 عاما من الحرب إلا أن المخاوف الدولية تتركز اليوم على حركة «طالبان» التي زادت من وتيرة نشاطها وهجماتها في الآونة داخل أفغانستان وعلى الحدود مع باكستان وسط دعوات غربية الى ضرورة التفاوض .
هذا ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الخارجية قولها أمس الأربعاء ان أي محاولة من جانب طالبان للإضرار بأمن حلفاء روسيا في آسيا الوسطى ستؤدي إلى سقوط خسائر كبيرة في الأرواح.وزار وفد من حركة طالبان موسكو في الأسبوع الماضي سعيا لطمأنة روسيا بأن الحركة لن تسمح باستخدام البلاد قاعدة لهجماتها ونقلت وكالة الإعلام الروسية أمس الأربعاء عن وزارة الخارجية الروسية قولها إن موسكو حثت أفغانستان وحركة طالبان على بدء مفاوضات جادة حول تشكيل حكومة ائتلافية انتقالية قبل فوات الأوان.
و قال مقاتلو حركة طالبان أمس الأربعاء انهم سيطروا على معبر تجاري مهم يربط باكستان بجنوب أفغانستان. وتظهر بيانات الحكومة الأفغانية أن نحو 900 شاحنة تعبر يوميا الحدود التي تربط باكستان بأفغانستان وإيران ودول آسيا الوسطى. وتتسارع هذه الآونة وتيرة التحركات الدولية لإرساء الية تفاوض تفضي لتشكيل حكومة انتقالية في افغانستان وذلك وسط مخاوف من تزايد نفوذ طالبان في البلاد خاصة بعد إعلان الحركة عن سيطرتها على أجزاء واسعة في مختلف جهات البلاد.
هذا ويقترب ملف القوات الأمريكية في أفغانستان من الحسم بعد أخد وردّ حصلا خلال عهدة الرئيس السابق دونالد ترامب ، واستمرا بعد تنصيب الرئيس الجديد جو بايدن رئيسا لأمريكا ، لكن يبدو أن إعلانه رسميا أنّ قوات بلاده ستغادر الأراضي الأفغانية قبيل الذكرى الـ20 للهجمات 11 سبتمبر 2001 ، سينهي سنوات من الانتقادات والجدل الداخلي في بلاد العم سام من تكلفة الحرب الباهظة، كما يضع حدّا لأطول حرب خارجية خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية رغم أن مفاوضات السلام بين الحكومة في أفغانستان وحركة «طالبان» المتشددة لم تحقق تقدما ملموسا وسط مخاوف من استمرار بطش هذه الجماعة الإرهابية .
تداعيات مرتقبة
وأعلنت حكومة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن أن القوات الأمريكية ستبقى في أفغانستان إلى ما بعد ماي تاريخ الموعد الذي حدد في اتفاق مع طالبان، على أن تنسحب «دون شروط» بحلول 11 سبتمبر في الذكرى العشرين لاعتداءات 2001 في الولايات المتحدة. وسيسمح قرار بايدن ببقاء 2500 جندي في أفغانستان بعد الأول من ماي لكن المسؤولين أشاروا إلى أنّ من الممكن رحيل القوات كلها قبل 11 سبتمبر.
ويبدو أنّ هناك توجها جديدا للولايات المتحدة بخفض قواتها في الخارج وهي سياسة اعتمدها الرئيس السابق دونالد ترامب منذ وصوله الى الحكم عام 2016 في كل مناطق الحرب سواء في العراق أو في أفغانستان، خاصة أنّ البنتاغون كان قد أعلن عن انه يريد أن يخفض عدد العسكريين في أفغانستان إلى أقل من خمسة آلاف جندي على خلفية محادثات السلام بين الأطراف الأفغانية. وينصّ اتفاق الدوحة الموقع في فيفري الماضي بين واشنطن وحركة طالبان على هذا الإنسحاب في حدود عام 2021 .
أسباب ونتائج
وتأتي هذه الخطوات الأمريكية وفق مراقبين في إطار سعي واضح من إدارة البيت الأبيض لإعادة بلورة وتقييم الملفات الحارقة التي تؤرق الداخل والخارج الأمريكي على حد سواء نتيجة متغيرات عدة على علاقة بواقع اقتصادي مضطرب يشهده العالم في ظل جائحة ‘’كورونا’’ . ويؤكد متابعون للشأن الدولي على أنّ الإدارة البيضاوية تعمل تدريجيا على تقليص وجودها العسكري في عديد المناطق الساخنة وبؤر التوتر باعتبار تكلفته المادية والبشرية الباهظة وانعكاساته السلبية . لكن شقا آخر من المتابعين يرى في ذلك مناورة أمريكية بحتة تندرج ضمن سياسة الدفع مقابل الحرب ، إذ لا يعني الانسحاب أن واشنطن ستتخلى عن نفوذها في هذه المناطق بل هو تخفيف من الأعباء لا غير ، إذ يؤكد البعض أن أنّ الدور الأمريكي سيظل قائما وأكثر تأثيرا لكن عبر وسائل أقل كلفة متمثلة بالأساس في اعتماد سياسة ضغط عبر أوراق سياسية ودبلوماسية .
ورغم سعي المتفاوضين من الحكومة الأفغانية وجماعة «طالبان» برعاية أمريكا إلى إرساء آلية تفاوض وحوار بين الحكومة الأفغانية وهذه الحركة المتشددة إلاّ أن التعثر لازال يرافق الإجتماعات بين الطرفين بعد عصيان وحرب مستمرة لأكثر من أربعين عاما أودت بحياة الآلاف وشردت أعدادا كبيرة من المدنيين في البلاد، وسط غموض نوايا حركة طالبان في ظل المعضلات السياسية الحادة التي تعيشها أفغانستان هذه الفترة.
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قام خلال عهدته بتقليص عدد القوات العسكرية في العراق وفي أفغانستان ،وجاء قرار الانسحاب الأمريكي آنذاك بعد تزايد الهجمات ضد أهداف أمريكية من قبل مناوئين للوجود الأمريكي في العراق ، حيث ينتشر حوالي 5 آلاف جندي في البلاد تحت غطاء ‘’محاربة الإرهاب’’ .
وكان ترامب وعد بإنهاء «الحروب العبثية التي لا نهاية لها»، إلا أن محلّلين حذروا من أنّ الاستعجال في مغادرة أفغانستان قد يتسبّب في وضع صعب لا يمكن تصوره.يشار إلى أنّ مقترح سحب القوات الأمريكية اقترحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ بدء حملته الانتخابية والتي يبلغ عددها حوالي 14 ألفا ونزلت حاليا إلى 8600 . ولعل من بين المعضلات التي عرقلت مرارا التوافق بين الطرفين وهي اتهامات توجهها هذه الحركة المتمردة إلى سلطات أفغانستان بالرضوخ لإملاءات الإدارة الأمريكية.
وطرد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة حركة طالبان من السلطة بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001. وشنّ المتمردون الذين كانوا يحكمون كابول منذ 1996 وحتى أكتوبر 2001، حملة متواصلة أودت بحياة أكثر من 2400 جندي أمريكي وعشرات الآلاف من أفراد قوات الأمن الأفغانية.وأنفقت واشنطن أكثر من ألف مليار دولار في هذه الحرب التي قتل وأصيب فيها أكثر من مئة ألف مدني أفغاني منذ 2009، حسب أرقام الأمم المتحدة.
ويرى مراقبون أن سعي الإدارة الأمريكية الحالية إلى سحب قواتها من أفغانستان يتنزل ضمن إستراتيجية تقوم على ضرورة ضمان عدم لعب أمريكا لدور جندي العالم دون مقابل، وعدم الدخول في حروب بالوكالة للدفاع عن أي بلد وعن أي جهة دون مقابل وهي خطوة لاقت قبولا لدى الرأي العام ولدى الساحة السياسية في أمريكا.
دعوات لتشكيل حكومة انتقالية قبيل الإنسحاب الأمريكي الكامل: حكومة أفغانستان في مواجهة مفتوحة مع حركة «طالبان»
- بقلم وفاء العرفاوي
- 10:32 15/07/2021
- 662 عدد المشاهدات
تشارف الولايات المتحدة الأمريكية على إنهاء تواجدها العسكري في أفغانستان مع موفى شهر أوت المقبل وذلك قبيل ذكرى أحداث 11 سبتمبر 2001 ،