التي تمت بين وزير الخارجية المصري ووزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل . وكان الاتحاد الأوروبي قد أصدر مؤخرا بيانا انتقد فيه إعلان إثيوبيا عن بدء الملء الثاني للسد دون التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب. وشدد الجانب المصري على أهمية وضع خارطة طريق للتوصل إلى اتفاق عادل وملزم في إطار زمني محدد.
اما السودان المعني أيضا بالأزمة فقد اكدت وزيرة خارجيته عن اعتقادها بأن روسيا تستطيع إقناع إثيوبيا «بتحكيم صوت العقل»، في ما يتعلق بأزمة سد النهضة وذلك في ظل تعثر المفاوضات للتوصل إلى اتفاق بشأنه. في هذا السياق ركزت في زيارتها الأخيرة الى موسكو على شرح وتوضيح مواقف بلدها في ما يتعلق بقضية سد النهضة وسلوك إثيوبيا تجاهها .
عمل متواصل
وتعود هذه الأزمة الى الضوء مجددا بعد تعنت اثيوبيا في موقفها وقيامها بالملء الثاني للسد، دون ان تعير أي اهتمام لما يحمله من أضرار على الأمن المائي لشعوب المنطقة ويشار الى ان النهضة او سد الالفية كما كان يسمى تم الإعلان عن الانطلاق فيه رسميا عن في 31 مارس 2011 ومُنحت الشركة الأمريكية «وي بيلد» عقدًا بقيمة 4.8 مليار دولار دون مناقصة تنافسية. والهدف الأساسي منه كان توليد الكهرباء لتعويض النقص الحاد في الطاقة في إثيوبيا، وتصدير الكهرباء إلى البلدان المُجاورة. وبدء مل الخزان في جويلية من عام 2020 . ومن المتوقع أن يستغرق اكتمال الخزان ما بين 5 إلى 15 عامًا، وذلك اعتمادًا على الظروف الهيدرولوجية خلال فترة الملء، والاتفاقيات بين مصر وإثيوبيا والسودان.
لقد ظهرت أولى الاتفاقيات لتقسيم مياه النيل عام 1902 في أديس أبابا وقد عقدت بين بريطانيا بصفتها ممثلة لمصر والسودان ومن جهة إثيوبيا من جهة أخرى ونصَّت على عدم إقامة أي مشروعات على النيل الأزرق، . ثم تلتلها اتفاقية أخرى بين بريطانيا وفرنسا عام 1906، وظهرت عام 1929 اتفاقية أخرى، وهذه الاتفاقية تتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل، وأن لمصر الحق في الاعتراض في حالة إنشاء هذه الدول لمشروعات جديدة على النهر وعلى روافده.
تداعيات كبيرة
كانت مصر من أول المعترضين على بناء السد لما له من تأثيرات كبيرة على حصتها من مياه النيل. وطالبت حكومة مصر أثيوبيا بوقف بناء السد كشرط مسبق لبدء المفاوضات كما أنها سعت للحصول على دعم إقليمي لمواقفها .
وفي 5 أكتوبر 2019 أعلنت مصر أن المحادثات مع السودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة قد وصلت إلى طريقٍ مسدود. وهذا ما دفع القاهرة الى تقديم طلب إلى مجلس الأمن تدعو فيه إلى التدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث مصر وأثيوبيا والسودان التفاوض بحسن نية تنفيذا لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولي. لكن وزير الري الأثيوبي أعلن عن البدء في ملء سد النهضة رغم عدم التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا وأعلنت بعدها وزارة الري والموارد المائية السودانية عن تراجع منسوب مياه نهر النيل الأزرق بما يعادل 90 مليون متر مكعب مما يؤكد إغلاق بوابات سد النهضة.
ولا زال السودان متسمكا بالحوار لحل الأزمة وإقناع اثيوبيا بالعمل مع الدول المجاورة للوصول إلى اتفاق يراعي مصالح الجميع ويدعم جهود الاتحاد الأفريقي .
لكن اعلان أديس أبابا قبل أيام عن بدء الملء الثاني لبحيرة سد النهضة، أثار قلق بلدي المصب. وطالبت مصر والسودان مجلس الأمن الدولي مجددا بوضع اتفاق ملزم قانونا لحل النزاع، بينما أكدت إثيوبيا أن المسألة يمكن حلها من قبل الاتحاد الإفريقي.
وتؤكد القاهرة ان 10 سنوات من المفاوضات مع اثيوبيا قد باءت بالفشل وهذا يشكل تهديدا وجوديا لـ150 مليون شخص في دولتي المصب.
واليوم في ظل الانسداد الحاصل بخصوص المفاوضات فان المنطقة تبدو مفتوحة على كل السيناريوهات الممكنة ويؤكد المراقبون بان الحروب التي قد تشتعل مستقبلا ستكون حول المياه والحفاظ على الحقوق المائية في افريقيا. في حين ان التوصل لاتفاق عادل لقضية سد النهضة يبدو مرهونا -اليوم- بتدخلات ووساطات إقليمية ودولية تمنع انزلاق المنطقة نحو الصراع.