بين المغرب واسبانيا تخللتها تصريحات من الجانبين يمكن أن تؤدي إلى تفاقمها في الأيام القادمة. وكانت المغرب قد قلصت من مراقبة المداخل إلى مدينة سبتة على خلفية استقبال مدريد في شهر أفريل للزعيم الصحراوي إبراهيم غالي للتداوي من فيروس كورونا.
وقد أقدمت اسبانيا التي أرسلت قواتها على الحدود مع المغرب على ترحيل المهاجرين غير النظاميين وإرجاعهم إلى المغرب. ووصل عدد المرحلين، حسب الحكومة الإسبانية، الى 7500 شخص. ولم تقم مدريد بترحيل 1500 قاصرا بسبب عدم سماح القانون الإسباني بطرد القصر. وتستمر عمليات الترحيل في حين سجل جيب مليلة المحتل هو الآخر محاولات اقتحام تم التصدي إليها فورا.
وتقع مدينة سبتة ومساحتها 20 كلم مربعا على الساحل المغربي في البحر الأبيض المتوسط في مستوى مضيق جبل طارق، ويبلغ عدد سكانها 77 ألف نسمة. في عام 1956، موعد استقلال المغرب عن فرنسا وإسبانيا التي كانت تحتل الصحراء الغربية، احتفظت مدريد بجيب سبتة وحولته إلى إقليم اسباني ومنحته الحكم الذاتي عام 1995 في إطار تنظيم المملكة الإسبانية إلى أقاليم. وتطالب الرباط مبدئيا باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية وبعض الجزر الصغيرة الأخرى التي لا تزال تحت الحكم الاسباني.
اتهامات متبادلة
وأشارت الصحف المغربية الى أن الزعيم الصحراوي إبراهيم غالي دخل اسبانيا بجواز سفر مزور وتم تسجيله في المستشفى تحت اسم محمد بن باتوش. وذكرت إسبانيا أن إبراهيم غالي المصاب بكوفيد -19 دخل الى اسبانيا بجواز سفر دبلوماسي لاعتبارات إنسانية.
وسرعان ما أخذت الأزمة بعدا دبلوماسيا بين البلدين إثر استدعاء وزارة الخارجية الإسبانية سفيرة المغرب في مدريد للمساءلة وتواترت التصريحات الرسمية التي رفعت من مستوى التوتر. ففي حين اتهمت وزيرة الدفاع الإسباني مرغريتا روبلاس المغرب بـ«العدوان» و«الابتزاز» بتسهيله عملية اقتحام الحدود، عبر الوزير الأول المغربي و الأمين العام لحزب العدالة و التنمية عن عزمه «التركيز على قضية الصحراء المغربية نظرا للمناورات المستمرة التي تقوم بها بعض البلدان» في إشارة واضحة إلى اسبانيا تاركا المجال إلى الحقل الدبلوماسي لتفادي استفحال الأزمة. وهو ما أكد عليه وزير الداخلية الإسباني غرانديمار لاسكا قائلا: «كان هناك خلاف مع المغرب ونأمل أن يكون هذا الخلاف قصير الأجل قدر الإمكان.»
هل ستصل الأزمة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية؟
يبدو أن جوهر الخلاف بين المغرب واسبانيا يكمن في كيفية دخول الزعيم الصحراوي وحرص المغرب على إدانته من قبل القضاء. فقد قرر القاضي الإسباني سانتياغو بدراز التابع للفرع الخامس للقطب القضائي الإسباني تتبع إبراهيم غالي بتهمة التعذيب والإيقاف التعسفي والإرهاب والتطهير العرقي. وقد أرسل في الغرض أعوانا من الشرطة إلى مستشفى سان بيدرو دي لوغرونيو اين يقيم الزعيم الصحراوي من أجل تسليمه استدعاء للمثول أمام قاضي التحقيق يوم غرة جوان القادم. لكن مرافقي إبراهيم غالي رفضوا استلام الوثيقة القضائية.
وأفادت الصحيفة الإلكترونية ميديا 24 عن مصدر في وزارة الخارجية المغربية أن «الرسالة واضحة. إذا ما سخر إبراهيم غالي من استدعاء القضاء الإسباني وفي صورة ما إذا سمحت له السلطات الإسبانية بذلك فنحن مستعدون للتمادي إلى آخر حد وهو قطع العلاقات الدبلوماسية مع اسبانيا.» وكرر نفس التهديد وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة للصحافة الفرنسية يوم 23 ماي الجاري الذي اعتبر أن «العلاقات الإسبانية المغربية ذاهبة نحو التأزم والقطيعة.»
وأمام الظروف المتشعبة للقضية تحرك الوزير الفرنسي جون إيف لودريان وعدد من المسؤولين في دولة الإمارات ودخلوا على الخط من أجل تقريب وجهات النظر وإعادة العلاقات إلى مجراها الطبيعي. وعبرت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليس لآيا عن تفهمها لموقف المغرب وقالت: «إسبانيا لم تغير موقفها (من قضية الصحراء). هذا الخلاف يحتاج إلى احتواء سياسي يجب التفاوض عليه في إطار الأمم المتحدة لأن ذلك ما يضمن الشرعية والسلام المستقر والدائم. هذا هو الموقف الإسباني المركزي الذي يحترم الشرعية الدولية. إنه موقف الاتحاد الأوروبي أيضاً». وتتواصل المفاوضات على المستوى الدبلوماسي للوصول إلى مخرج يتلاقى فيه جميع الأطراف قبل استفحال الأزمة ووصولها إلى طريق مسدودة.
المغرب يهدد بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسبانيا: أزمة الهجرة تخفي الموقف من جبهة «بوليساريو»
- بقلم زين العابدين بن حمدة
- 12:05 26/05/2021
- 698 عدد المشاهدات
تطورت أزمة اجتياح «جيب سبتة» المحتل على الحدود المغربية من قبل 10000 مهاجر مغربي وافريقي إلى أزمة حادة