فلسطين: كيف غيرت المقاومة الموقف الأمريكي في 11 يوما: جو بايدن: «لا زلنا في حاجة إلى حل الدولتين وذلك هو الرد الوحيد»

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر صحفي يوم الجمعة 21 ماي عقده مع رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إين،

إثر الإعلان عن وقف القتال بعد 11 يوما من القصف المتبادل بين حركة حماس والكيان الصهيوني أن «الرد الوحيد» للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي يكمن في «حل الدولتين». وهو موقف فاجأ الرأي العام العالمي لما أظهره الرئيس الأمريكي منذ الساعات الأولى للأزمة من مساندة للموقف العدواني الإسرائيلي.
وقد أكد الرئيس الأمريكي على أنه لم يغير من موقفه تجاه دعم سلامة «إسرائيل» بل يعتقد أن الحل الوحيد إرساء دولة فلسطينية بجانب الدولة «الإسرائيلية». وأضاف أنه عازم على تكوين دعم مالي لإعادة إعمار غزة، ولكن «بدون إعطاء حماس فرصة لإعادة بناء نظامها العسكري.» وقال:«لقد أوضحت للإسرائيليين أنني أعتبر من الأهمية القصوى أن وضع حد لهذا القتال في القدس بين الجاليات جراء المتطرفين من الجانبين.» وهو ما فهمه الملاحظون في واشنطن أنه نقد لاذع لموقف بنيامين نتانياهو الذي كان حليفا لدونالد ترامب ولسياساته المتطرفة في إدارة العلاقة مع الفلسطينيين.
واقعة «أسوشيايتد براس»
ماالذي حدث داخل البيت الأبيض حتى يغير جو بايدن من موقفه؟يبدو أن صور قصف مبنى المركب الإعلامي الذي كانت تستعمله وكالة «أسوشيايتد براس» و قناة الجزيرة القطرية كانت الخط الأحمر الذي غير جذريا الموقف الأمريكي من داخل وخارج البيت الأبيض. المعطيات التي وردت في وكالات الأنباء وفي الصحافة الأمريكية والأوروبية وأشارت إلى الضغوطات والمتغيرات داخل الكونغرس والحزب الديمقراطي التي «هزت» البيت الأبيض خاصة أنها جاءت من شخصيات رفيعة المستوى وبدون سابق انذار. وفي حين كان الرئيس جو بايدن يعلن عن مساندته لـ«حق دولة «إسرائيل» في الدفاع عن نفسها» تعددت الاتصالات بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية من جهة والحكومة المصرية الوسيط في عملية وقف إطلاق النار من جهة أخرى.وقالت مصادر أمريكية أن 80 مكالمة مع مسؤولين إسرائيليين وعرب و 6 مكالمات بين جو بايدن ونتانياهو ساهمت في إقرار وقف إطلاق النار.
وتمثل الحدث الفارق في موقف السيناتور الديمقراطي روبارت مينانداز رئيس هيئة الشؤون الخارجية في الكونغرس، وهو المعروف بموقفه القوي المساند لـ«إسرائيل»، الذي بادر– وبدون سابق انذار –بتوجيه التهم للحكومة الإسرائيلية معتبرا أن «إسرائيل خرجت عن الخط وعليها أن تقدم تفسيرات لأعمالها وخاصة تدمير المركب الإعلامي الدولي» الذي تستعمله وكالة «أسوشيايتد براس» الأمريكية.وأضاف: «لا بد من وقف أعمال العنف أي قتل المدنيين الأبرياء من اليهود و العرب» معتبرا أن ذلك يعتبر «تخليا على الاستقرار و السلام في الشرق الأوسط». وشكل ذلك «صدمة»للبيت الأبيض حسب الصحافة الأمريكية.
النائبة رشيدة طليب و»الأبارتايد» الإسرائيلي
وتدخلت النائبة الديمقراطية رشيدة طليب،وهي أول نائبة فلسطينية في تاريخ الكونغرس، مدافعة على الفلسطينيين. وانتقدت خلال مقابلتها مع الرئيس الأمريكي خلال زيارته لميشيغان أقوال الحكومة الإسرائيلية وأعلنت أمام مقر الكونغرس أنها تشك في قدرة الحكومة الإسرائيلية على تقديم أي معلومة على استعمال حماس مقر المبنى الإعلامي. وأضافت في حوارها مع الصحافة الأمريكية: «دورنا أن نضع حدا لنظام «الأبارتايد» الذي فرض على الفلسطينيين مدة عقود وللأعمال اللاإنسانية والعنصرية» من قبل «إسرائيل».
في نفس الوقت تحركت شخصيات من اليسار الديمقراطي منددة بموقف الحكومة الإسرائيلية مع تزايد عدد القتلى في صفوف المدنيين من أطفال و نساء وقد ركزت عليها وسائل الإعلام الأمريكية. وقرر زعيم اليسار الديمقراطي والمرشح للرئاسة برني ساندرس - وهو يهودي الديانة–إدخال قرار في الكونغرس بإلغاء صفقة عسكرية لفائدة «إسرائيل» بقيمة 735 مليون دولار لمنح الكيان الصهيوني صواريخ موجهة ذات تحلاك دقيق. وكانت الإدارة الأمريكية متحسسة كذلك لتغير الموقف داخل الحزب الديمقراطي إضافة إلى المظاهرات في جل الولايات ضد القصف الإسرائيلي للمدنيين. ذلك ما أرجع الملف الفلسطيني إلى أجندة جو بايدن الذي لم يعطه حيزا في الإستراتيجية الجديدة للبيت الأبيض.
رهانات تحول الموقف الأمريكي
حل الدولتين يفرض على البيت الأبيض أن يغير من برنامجه الدولي الذي ركز فيه إلى حد الآن على مقاومة النفوذ الصيني والدور المتجدد لروسيا في الشرق الأوسط و إفريقيا. ويعتقد بعض المسؤولين في واشنطن أن هذا الحل يصعب تحقيقه اليوم خاصة أن الإدارة الجديدة عاشت النكسات مع بيل كلينتون وباراك أوباما في هذا الملف. مع ذلك لا يمكن اليوم للإدارة الأمريكية أن تخرجه من راداراتها مع التحول الحاصل في الرأي العام. لازالت الصعوبات كبيرة في البحث عن أي تقدم مع الحكومة الإسرائيلية الحالية المعادية لاي حل مع الفلسطينيين ومع السلطة الفلسطينية المهترئة. العائق الآخر أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعترف بحركة حماس ولا تتحاور معها بل تعتبرها تنظيما إرهابيا مثلها مثل الدول الأوروبية. رغم ان حماس فرضت نفسها على أرض الواقع وذلك رهان آخر للإدارة الأمريكية.
ما تم تسريبه إلى حد الآن هو الشروع في إعادة ترميم ما دمرته إدارة دونالد ترامب، ومن أول القرارات تعيين الدبلوماسي القدير ميكائيل راتني مؤقتا على رأس السفارة الأمريكية في القدس مع إعادة فتح القنصلية الأمريكية في المدينة التي تم اغلاقها. وهي همزة الوصل التي كانت الإدارة الأمريكية تستعملها كهمزة وصل مع الفلسطينيين. وتأمل واشنطن، مع انطلاق مشروع إعادة إعمار غزة، في ربط خيوط جديدة مع المسؤولين الفلسطينيين في انتظار حكومة إسرائيلية جديدة تتفتح على فكرة التفاوض في مسألة «حل الدولتين».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115