في موفى شهر أكتوبر الفارط داعيا الليبيين للتوافق وتشكيل سلطة تنفيذية جديدة لتحلّ محل حكومة الوفاق.
ودعا فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا، الأحد، إلى إيجاد « توافقات وتفاهمات جديدة» تداوي جراح ليبيا. وقد جاء ذلك في كلمة وجهها للشعب الليبي، بمناسبة مولد نبي الإسلام محمد صلي الله عليه وسلم، عقب وصوله مساء الأحد، إلى ليبيا مختتما زيارة خارجية لكل من تركيا وإيطاليا، وفق بيان للمجلس الرئاسي.وقال السراج: «إذ نستذكر هذه الذكرى نستنكر جميعنا وبشدة أيّ إساءةٍ تستهدف نبينا»، في إشارة للرسوم المسيئة الفرنسية التي دعمها الرئيس إيمانويل ماكرون، قبل أن تنطلق ضد منتجات بلاده حملات مقاطعة.وعن الموقف السياسي بليبيا، ناشد السراج «كافة الأطراف الليبية بضرورة الانخراط الإيجابي في الحوارات القادمة والعمل على توحيد مؤسسات الدولة».وبرعاية أممية انطلقت عبر الاتصال المرئي في 26 أكتوبر الماضي، اجتماعات بمشاركة كافة الأطياف الليبية تمهيدا لحوار مباشر وتستضيفها تونس في 9 نوفمبر.وقال السراج إن «هذا يتطلب أكثر من أي وقت مضى توحيد الصفوف وإنكار الذات وتحمل المسؤوليات الوطنية وترجمة كل هذا عملياً بسرعة لإنجاز هذا الاستحقاق المهم ليقود إلى الانتخابات في أقرب الآجال».
وتابع: «لنشهد جميعاً إن شاء الله توافقات وتفاهمات جديدة تداوي جراح هذا الوطن».وأشار إلى أنه تراجع عن موفقه الذي أعلنه في سبتمبر بترك السلطة، حال التوافق على اختيار سلطة تنفيذية جديدة بنهاية أكتوبر الماضي.وقال إن تراجعه جاء بسبب عدم انجاز التوافق ولدرء أي إشكاليات دستورية تزيد من حدة الاستقطابات.
وكانت عدة أصوات خارجية ومسؤولون أتراك، ووزير خارجية ألمانيا، ووزير خارجية إيطاليا، سفير الولايات المتحدة لدي ليبيا قد طالبوا السراج بالتراجع عن الاستقالة، ويبدو ان الطلب منطقي طالما أن السلطة التنفيذية الجديدة لم تتشكل بعد، وحتى لا يحدث فراغ جاءت تلك الطلبات الخارجية ومن دول مؤثرة في أزمة ليبيا.
أبعاد التمسك بالسراج
لكن الغامض في بقاء السراج متصدرا للمشهد السياسي، هو أبعاد التمسك به في حين أن المبادرة الأممية ومؤتمر برلين قاما بتزكية مقترح إعادة تشكيل المجلس الرئاسي ليكون ثلاثة رؤوس لكن من غير مضمون تواجد السراج بينها، ويرى مراقبون بأن السراج ليس لديه دعم محلي إضافة إلى كونه لا ينتمي لقبيلة، وليست له اذرع مسلحة، ورغم ذلك يحظي بدعم خارجي بفضل اتفاق سياسي ليبي تم توقيعه في الصخيرات المغربية.
ولفت المراقبون الى أن الدّول المؤثرة في أزمة ليبيا تركيا بالذات لن تتخلّى عن حليفها السراج في المستقبل القريب، حتى لو وجدت البديل وذلك لتأمين مصالحها أو لنقل تحقيق تلك المصالح، وعن سر كل هذا التمسك لاحظ طيف من المتابعين بأن السراج ضعيف الشخصية وان المجموعات المسلحة وجماعة الإخوان ومكونات تيار الإسلام السياسي بما فيه الشق الراديكالي استغل ضعف السراج والشرعية الدولية التي يتمتع بها ليحقق من خلال ذلك أهدافه الاقتصادية والسياسية. وهي في ذات الوقت مصالح للأطراف الأجنبية الداعمة للإسلام السياسي اي أن بديل للسراج يبقى غير موثوق به لانتمائه إلى القبائل وامتلاكه لقوة مسلحة على الأرض. كل ماسبق جعل الملاحظين يؤكدون على أن الإسلام السياسي وتحديدا جماعة الإخوان تزيد من تمسكها بالسراج وعرقلة حل الازمة لأنها ببساطة ترى نفسها غير جاهزة لأي استحقاق انتخابي قريب.
وعلى علاقة بارتباط مصالح الإسلام السياسي باستمرار السراج بمنصبه حتى مع ضعف الأداء ودعم الدول الداعمة للإخوان لذلك الاستمرار، جاء الاتفاق الامني العسكري بين دولة قطر وحكومة الوفاق رغم أن ما جرى الاتفاق عليه وتوقيعه من أعضاء اللجنة الأمنية المشتركة بجينيف ينصّ على إلغاء الاتفاقيات الأمنية والعسكرية السابقة ومغادرة المرتزقة والمدربين العسكريين الأجانب.