للحديث بقية: عن لبنان في عيد تحرير جنوبه

في مثل هذا الشهر قبل عشرين عاما وتحديدا يوم الخامس والعشرين من شهر ماي لسنة 2000 انسحب جيش الاحتلال الصهيوني مدحورا مذلولا

من لبنان على أيدي المقاومة اللبنانية الشعبية . وكان ذلك التاريخ نقطة مفصلية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي فلأول مرة ينهزم الجيش الذي لا يقهر وتدمر أسطورته أمام مقاومة شعبية لا تملك -ربما- العتاد والسلاح المهوول الذي يمتلكه الاحتلال ولكنها تمتلك كنزا كبيرا هو سر صمودها ونجاحها ونصرها أي العزم والإرادة والايمان بتحرير الأرض والتراب ...اليوم عشرات القرى في الشريط الحدودي الذي كان محتلا من قبل إسرائيل الأراضي المحررة -حوالي 125 قرية، بالإضافة إلى 33 قرية أخرى كانت تحتلها المليشيات العميلة لإسرائيل وتتبع أقضية صور، وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا والبقاع الغربي والنبطية وجزين- كلها تعيش فرح الانتصار وذكرى هذه اللحظة الهامة كما غيرها من بلدات لبنان ومناطقه . ولكن لرائحة الانتصار معنى آخر في هذه القرى التي عانت الأمرّين على يد الاحتلال الصهيوني وعملائه من قمع وتعذيب وأسر للسكان وطرد وسلب لبيوتهم وهدم لممتلكاتهم وقتل لأرواحهم... بيت باحون هي المعبر الفاصل بين الاحتلال والتحرير وهو آخر مشهد وآخر قطعة تراب داسها المحتل قبل انسحابه المذل من جنوب لبنان وهي شاهدة اليوم بكل عنفوان سكانها على هذا اليوم المجيد. 

الأكيد ان المقاومة اللبنانية أعطت الأمل للمقاومة الفلسطينية بالنهوض وبأن زمن النكبة والنكسة والهزائم قد ولى، وأنه لا خيار إلاّ المقاومة والنضال بكل أشكالهما السياسية والثقافية والعسكرية وغيرها لتحرير الأرض...
اليوم جاءت فرحة اللبنانيين بذكرى التحرير من الاحتلال ، في وقت يشهد فيه البلد أزمة كبيرة ويعيش على وقع انقسامات عمقتها الفتن الخارجية ومنطق المحاصصات الطائفية والسياسية ...ويبدو حزب الله -كجزء من هذا المكون اللبناني -يعيش أيضا صعوبات عديدة في الداخل اللبناني بسبب هذه الانقسامات والتجاذبات السياسوية.
فهذه المرحلة الصعبة تتطلب بأن يكون اللبنانيون بمختلف شرائحهم وتوجهاتهم السياسية في مستوى الحدث وان يكون لهم الوعي الكافي لتجاوز محنتهم السياسية والاقتصادية الجديدة والتي زادتها جائحة كورونا تأزما وصعوبة... ولكن رغم ذلك فان لبنان يظل مثل طائر الفينيق ، سينبعث مجددا من تحت رماد كل الأزمات مهما قويت ومهما طالت، لأن هذا هو قدر بلد الأرز وسيظل كذلك.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115