في الأوساط اللبنانية بين مؤيّد لتسديد الدين المستوجب ومعارض له . و«اليوروبوند» هي سندات دين خارجية أي أوراق مالية ذات قيمة معيّنة تُستعمل كأداة دين من قبل الحكومات لتمويل مشاريعها.
ويثير قرار الحكومة اللبنانية مخاوف بشأن مآل الوضع الاقتصادي في لبنان في ظل هذه الأزمة الخطيرة. فما كان ينقص اللبنانيين بعد أزمة انتشار كورونا وارتفاع عدد المصابين به الى اكثر من 32 مصابا حسب وزارة الصحة إلا هذه الأزمة الجديدة في بلد يعيش منذ اشهر على وقع الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير والإصلاح .
إعادة جدولة
وأتى تصريح دياب بعد اجتماع عقده مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، اذ يتوجب على الدولة اللبنانية ان تدفع حوالي 6ر4 مليار دولار في العام 2020 .
وكان من المفترض ان تدفع الدفعة الأولى خلال هذا الشهر، وأشار دياب الى ان «الدولة غير قادرة على تسديد الاستحقاق المقبل، وستسعى إلى إعادة هيكلة ديونها بما يتناسب مع المصلحة الوطنية عبر خوض مفاوضات منصفة وحسنة النية».
وأعلن أن « أكثر من 50 دولة تخلفت على سدد ديونها ومن طبق الإصلاحات اللازمة تعافى ونحن مصممون على ذلك». مؤكدا ان هذا القرار الصعب جاء بعد دراسات معمقة لعدد من الخيارات المتاحة، وقرار تعليق الدفع هو اليوم السبيل الوحيد لوقف الاستنزاف بالتزامن مع اطلاق برنامج شامل للإصلاحات». على حد قوله .
وأعلن دياب أن تقديرات البنك الدولي تشير إلى أن «أكثر من 40 % من اللبنانيين قد يجدون أنفسهم تحت خط الفقر، وذلك بسبب أن النموذج الاقتصادي الذي أرسته السياسات السابقة «. فيما أكد وزير الاقتصاد اللبناني راؤول نعمة إن المفاوضات الرامية لإعادة هيكلة ديون بلاده بالعملات الأجنبية لن تستغرق أكثر من تسعة أشهر إذا خلصت النوايا ، وسط توقعات ان تبدأ مفاوضات إعادة هيكلة الدين بشكل رسمي بين لبنان وحملة السندات في غضون نحو أسبوعين.
يشار الى ان هناك دولا أخرى سبق لها التخلف عن سداد ديونها ، مثل المكسيك سنة 1982، وبعد ذلك منحت الولايات المتحدة جارتها الجنوبية قروضاً مرحلية بعدة مليارات دولار.
وجاء صندوق النقد الدولي بدوره بمساعدات ولكن مقابل إجراء إصلاحات قاسية. وروسيا في اوت من العام 1998، والأرجنتين عام 2001 ووافق بعض الدائنين على إعادة هيكلة للدين في 2005 و2010. وتداولت بعض الصحف اللبنانية امس تقارير عن دخول بعض الدول الشقيقة على خط الأزمة لمساعدة البلاد .
فحسب ما ذكرت صحيفة «البناء» اللبنانية نقلا عن مصادر مصرفية فإن مممولين عرباً أفرادا من العراق وقطر والكويت أبدوا استعدادهم لضخ مئات ملايين الدولارات كودائع بفائدة رمزية لدى المصرف المركزي تعبيراً عن إيمانهم بالوقوف إلى جانب لبنان.
وقالت المصارف إن هذه الظاهرة إذا توسعت وشملت المصارف اللبنانية وكبار الممولين اللبنانيين في الداخل وفي بلاد الاغتراب، فإنها قد تفتح الطريق لإنشاء صندوق سياديّ يشكل السند في المعالجات المالية.
مرحلة جديدة
وتبدو البلاد أمام مرحلة جديدة أكثر خطورة من الأزمة المالية المستفحلة التي تعصف بالبلاد منذ أكتوبر الماضي والتي أدت الى تراجع كبير في قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار ودفعت البنوك الى فرض إجراءات قاسية على المودعين ومنعهم من سحب ودائعهم . ويؤكد الخبراء الماليون والاقتصاديون ان هذه أصعب أزمة يعيشها لبنان وهي الأخطر على استقراره منذ الحرب الأهلية التي انتهت سنة 1990 .
ولعل السؤال الأهم الذي يطرح في الشارع اللبناني هو الى أين يسير الوضع الاقتصادي؟ وهل أن هناك طريقا للخلاص من حجم اللعنات التي أصابت هذا البلد القائم على نظام سياسي واقتصادي ومالي خاص توجهه الليبرالية المتوحشة ؟.
فلبنان لا يعتبر من البلدان المصنعة واقتصاده الهش يعتمد أساسا على عائدات قطاع السياحة لذلك كان من المتوقع ان لا يصمد طويلا أمام حجم الاحتجاجات التي شهدها على امتداد الأشهر الماضية . فلبنان بلد مستورد بامتياز وليس مصنعا وهذا ما يجعل الشرائح اللبنانية الضعيفة تتأثر بشكل مباشر من أية أزمة سواء على مستوى ارتفاع أسعار السلع او فقدان الكثير من السلع الضرورية من الأسواق . وحتى على المستوى الصحي إذتعاني مستشفيات لبنان من وضع متأزم بسبب فقدان الأدوية ونقص المعدات. اليوم لا طريق أمام اللبنانيين للخلاص والخروج من أزمتهم بأقل الأضرار سوى تنفيذ خطة إصلاحات موجعة تقوم بشكل خاص على «التقشف» في ما يتعلق بالإنفاق العام، بالإضافة إلى التحسن في تحصيل الضرائب، وخفض خدمة الدين. وهو التحدي الأهم اليوم أمام حكومة دياب التي لم يمض شهر على تشكيلها لتجد نفسها أمام إرث كبير من الأزمات والصعوبات.