الوهمية التي تسعى إليها في المنطقة، وذلك عبر مجموعة من العناصر الإرهابية المتطرفة.
يبدو واضحاً هذه الأيام، أن دمشق قد نجحت في قلب الموازين في الداخل وعلى المستوى الإقليمي والدولي، لذلك أصبحت صورة المشهد السوري تتضح ملامحها بعد سيطرة الجيش على أهم المناطق الإستراتيجية في الشمال السوري، وتمثل إدلب أهمية كبيرة لأردوغان، فبخسارة إدلب تخسر تركيا نفوذها في سورية، بعد أن نجح الجيش بمساعدة هجمات جوية روسية مكثفة في استعادة عشرات البلدات والقرى، ما أجبر الآلاف من المتطرفين على الفرار إلى الحدود التركية.في سياق متصل نجح الجيش في السيطرة على مواقع مراقبة عسكرية تركية في إدلب واستطاع تحطيم معدات وآليات عسكرية وقتل جنود أتراك ، هذا مما أغضب أنقرة التي شنت بدعم فصائل متطرفة هجوما كبيراً على جنوب شرقي المدينة.
في السياق نفسه يقود أردوغان وحكومته تركيا لكارثة كبيرة، فتركيا التي كانت تنهض بسرعة كبيرة في الداخل والخارج تبدو اليوم أمام أزمات داخلية، وفي العمق فإن تركيا تشعر بخيبة أمل لما آلت إليها سياستها الخارجية ولاسيما تجاه قضايا الشرق الأوسط وعن الخسائر العديدة لأردوغان كانت باهظة للغاية خاصة في ظل حالة من الرفض الشعبي لهذا التدخل في سورية، إضافة إلى سوء الأوضاع المعيشية في البلاد، وبحسب إحصائيات وتقارير حول مجمل الخسائر للجيش التركي مقتل أكثر من 33 عسكريا ، كما حظي الاقتصاد التركي بمزيد من الخسائر الاقتصادية نتيجة التدخل في الشمال السوري؛ حيث هبطت الليرة التركية بأكثر من 5 % في أعقاب الغزو العسكري التركي في سورية لتصبح الأسوأ أداء بين العملات الرئيسية في العالم.
اليوم الأمريكان يوقعون الرئيس التركي بآخر أفخاخها، فالجيش التركي دخل إلى شرق سوريا منذ فترة بضوء أخضر أمريكي ويدخل اليوم بإيعاز أمريكي أيضاً، لذلك فأن أمريكا والتحالف سيزيدون من تورط الجانب التركي في المستنقع السوري، وبذلك يكون الرئيس أردوغان قد أخطأ في قراره وذهب إلى الحرب، وسيعض أصابع الندم بسبب قراره المتعجل بغزو الشمال السوري الذي يُعد المغامرة الأكبر في حياته السياسيّة.
إن تقدم الجيش السوري باتجاه المناطق الإستراتيجية وخاصة باب الهوا ومرتفعات جبل الزاوية سيعجل من تحرير ادلب، وفي الوقت نفسه سيغلق أهم معبر لتهريب النفط الذي يستفيد منه أردوغان منذ بداية الأزمة السورية، وفي الاتجاه الأخر تخيم على تركيا أجواء مشحونة برائحة الحرب مع روسيا وفي حال زيادة التدخل والدعم العسكري واللوجيستي والمادي التركي للتنظيمات المتطرفة، سيبادر الروس إلى ضرب الجيش التركي، العضو في حلف الناتو، الذي ستُفتح له الأبواب للتدخل الخارجي ، وهذا ما سيشعل النار في كل المنطقة، ولذا فإن تركيا ستدفع ثمن تهورها وإندفاعها المشبوه في سورية.
لنكن أكثر صراحة ووضوحاً إن تركيا تلعب بالنار، وأمريكا كعادتها دائماً تهرب من المنطقة إذا وجدت إن الخسارة كبيرة، هكذا فعلت في العراق، وهكذا ستفعل في سورية، لذلك يجب على تركيا أن تدرك حجم المغامرة التي يدفعها الأمريكي لها، وتبادر إلى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع السوري.
وباختصار شديد، إن تركيا على أبواب سيناريوهات مرعبة ومخيفة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في المنطقة، ومن هذا المنطلق يجب على تركيا أن تتأهب لمرحلة جديدة، فتركيا تتجه بسرعة كبيرة إلى فخ المستنقع السوري إذا استمرات حكومة اردوغان بالدور السلبي في سورية،
فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل بدأت تركيا بدفع الثمن كونها طرفاً أساسياً في الأزمة السورية؟.