الباحث السياسي العراقي نصيف الخصاف لـ«المغرب»: استمرار تسويف المطالب سيؤدي إلى المزيد من التصعيد من قبل المتظاهرين

• سقف المطالبات ارتفع نتيجة تجاهل الطبقة السياسية لمطالب المتظاهرين العراقيين
• تصاعد العنف هو خيار السلطة والطبقة السياسية وليس خيار العراقيين

عاش العراقيون ليلة أول أمس على وقع قطع الطرقات والجسور الرئيسية في محافظة البصرة جنوب بغداد وذلك في اعنف تظاهرات تشهدها البلاد ضد الحكومة والنظام القائم على المحاصصة الطائفية . وأخذ حراك المتظاهرين شكلا اكثر تصاعدا واسفرت المواجهات بين المواطنين الغاضبين وقوات الأمن عن استشهاد متظاهر واصابة العشرات .

وتطرق الباحث والمحلل السياسي العراقي نصيف الخصاف في هذا الحديث لـ«المغرب» الى مستجدات الوضع العراقي مؤكدا بان مسألة ارتفاع سقف المطالبات إلى قانون انتخابات منصف ومفوضية مستقلة وانتخابات مبكرة هي ضمن سقف الدستور وليست عملية صعبة تستحق سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا بين قتيل وجريح. وأكد ان الحل الأمني يهدد بقاء القوى السياسية وسلامتها أكثر مما يهدد حياة المتظاهرين. لأن قتل متظاهر ستكون نتيجته التحاق اهله واصدقائه بحركة الاحتجاج وهو حل له تبعات قانونية وعشائرية كبيرة.

• كيف هو المشهد في العراق اليوم؟
الوضع في العراق مأساوي بكل المقاييس لأن الطبقة السياسية الحالية لا تعير اهتماما لمطالب المواطنين التي تصاعدت نتيجة استهانتها بطلبات المتظاهرين في بداية التظاهرات والتي كانت تنحصر في توفير فرص العمل وتوفير الخدمات.

لكن سقف المطالبات ارتفع نتيجة تجاهل هذه الطبقة لتلك الطلبات البسيطة والتي هي من صلب مسؤوليات السلطة التنفيذية التي استسهلت الحل الأمني والذي يتناقض مع مبدأ الديمقراطية المنصوص عليها في المادة الأولى من الدستور العراقي . وبالمناسبة حتى مسألة ارتفاع سقف المطالبات إلى قانون انتخابات منصف ومفوضية مستقلة وانتخابات مبكرة هي ضمن سقف الدستور وليست عملية صعبة تستحق سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا بين قتيل وجريح.

الانتخابات المبكرة هي إحدى بديهيات اي نظام ديمقراطي في العالم ولا يتطلب تنفيذه الا قرار سياسي عجزت القوى السياسية عن اتخاذه حتى الآن، لأنها لا تريد التفريط بمصالحها وما حصلت عليه من مناصب ومنافع مالية نتيجة انتخابات مطعون في نزاهتها بإدارة مفوضية انتخابات مخالفة للدستور لأنها غير مستقلة بالإضافة إلى استخدام المال السياسي في الدعاية الانتخابية.

• أسباب تصاعد العنف ؟
يبدو ان الطبقة السياسية الحالية مستعدة لقتل المتظاهرين السلميين وجرح الآلاف على تنفيذ مطلب طبيعي جدا في اي نظام ديمقراطي وهو انتخابات مبكرة بإشراف أممي. تصاعد العنف هو خيار السلطة والطبقة السياسية وليس خيار المواطن ، فمتى ما قررت الطبقة السياسية الاستجابة لمطالب المتظاهرين بتولي شخصية مستقلة لرئاسة الوزراء في المرحلة الانتقالية لحين إجراء الانتخابات المبكرة ينتهي كل شيء. لكن استمرار تسويف المطالب سيؤدي إلى المزيد من التصعيد من قبل المتظاهرين والمعتصمين الذين لجأوا إلى قطع الطرق الخارجية بين المحافظات بعد مدة من إنذار تمّ توجيهه من قبل المتظاهرين للطبقة السياسية للاستجابة لمطالبهم وهو خيار الغرض منه لفت انتباه الطبقة السياسية إلى أن إمكانيات الشعب كبيرة وان حركة الاحتجاج قادرة على ارباك الوضع أكثر وأكثر وبالمناسبة كل ما يقوم به المتظاهرون دستوري وقانوني وهو أبسط طرائق الاحتجاج. لكن يبدو أن «رؤساء الكتل السياسية» غير مكترثين لعدد الضحايا بل يعتبرون المتظاهرين «عملاء لأمريكا» كما كان النظام السابق يصفهم حين كانوا في المعارضة.

هم لا يختلفون كثيرا عنه الا باللباس الديني الذي لبسه بعضهم لخداع الناس البسطاء من خلال ترويج الخطاب الطائفي الذي انتج داعش والحرب الأهلية في سنوات 2005 إلى 2008 .

• ما انعكاسات الصراع الامريكي الإيراني على العراق؟
هناك بالطبع تأثير إيراني وأمريكي على بعض الأطراف السياسية يدفع كل منهما اتباعه لاتخاذ مواقف تنسجم مع مصالحه. وللأسف أصبح الحديث عن محاور أجنبية تؤثر بالوضع العراقي الداخلي .

والى اين وصلت المعركة ضد الإرهاب؟
اما المعركة ضد الإرهاب فهي لاتزال في بعدها الأمني ولم تعالج أسبابه الحقيقية التي دفعت العشرات من العراقيين لأحضان قوى الإرهاب والتطرف من خلال التعاطي مع المختلف فكريا او مذهبيا باعتباره عدوا الأمر ذاته قد يتكرر في تعاطي الطبقة السياسية مع المتظاهرين الذين قد يدفعون دفعا لإنتهاج طرق عنفية والتخلي عن السلمية في ظل استمرار وتيرة مجابهة حركة الاحتجاج بالعنف وسقوط المزيد من الضحايا الذي قد ينعكس بردود أفعال انتقامية من قبل أهالي الضحايا ضد كل ما يمثل هذه الطبقة السياسية . وهو أمر احثّ الطبقة السياسية لتلافيه مبكرا والاستجابة لمطالب المتظاهرين بأسرع وقت ممكن فليس هناك ترف في الوقت يمكن تضييعه أكثر.

• الى أين يسير الوضع في العراق؟ وما الحل لإنهاء الأزمة المستفحلة؟
تدارك الأمر الآن أفضل آلاف المرات واسلم من فوات الوقت وان تكون الحلول متأخرة وبعد المزيد من القتل والتخريب والدمار . وعلى الطبقة السياسية ان تعي ان المتظاهرين لن يعودوا إلى بيوتهم خاليي اليدين وان الحل الأمني يهدد بقاء القوى السياسية وسلامتها أكثر مما يهدد حياة المتظاهرين. لأن قتل متظاهر ستكون نتيجته التحاق أهله وأصدقائه بحركة الاحتجاج وهو حل له تبعات قانونية وعشائرية كبيرة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115