بعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في غارة امريكية: استنفار عسكري وسياسي في المنطقة العربية وترقب حذر للرد الإيراني

• مختصون في الشؤون الأمريكية والإيرانية لـ«المغرب»
• «مقتل سليماني أدخل المنطقة في المجهول ومابعد سليماني ليس كما قبله»
هزّ مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني أمس في غارة جوية أمريكية استهدفت موكبه في العاصمة العراقية بغداد ،

المشهد العربي والدولي وخلف مقتله إدانات حادة ومتصاعدة ومخاوف من دخول المنطقة في مرحلة خطيرة من التصعيد . ويشوب الترقب المشهد الدولي عامة في انتظار الرد الإيراني على هذا التصعيد الأمريكي الذي استهدف أحد أهم رجالات طهران في المنطقة العربية. وقد قتل قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، و8 أشخاص آخرين كانوا برفقتهما، في قصف صاروخي أمريكي استهدف سيارتين على طريق مطار بغداد. وعقب تأكيد مقتل الجنرال الإيراني واسع النفوذ قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في ضربة أمريكية في بغداد، استخدم المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي لغة التهديد والوعيد للتعبير عن غضبه مهددا «بانتقام قاس» ، وقد تم في وقت لاحق اعلان حداد وطني لمدة ثلاثة أيام في البلاد.و عيّن المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي العميد إسماعيل قآني قائدا لفيلق القدس التابع لحرس الثورة الإسلامية في أعقاب مقتل الفريق قاسم سليماني بحسب وكالة فارس الإيرانية للأنباء.

وقالت واشنطن أن الضربة الأمريكية كانت تهدف إلى «ردع خطط الهجوم الإيرانية المستقبلية»، وفق بيان الوزارة الذي تعهد بأن الولايات المتحدة «ستواصل اتخاذ جميع الإجراءات لحماية مواطنيها ومصالحها حول العالم».ويأتي هذا التصعيد بعد أعمال عنف رافقت تظاهرات أمام سفارة واشنطن في بغداد يومي الثلاثاء والأربعاء الفارطين، احتجاجا على قصف الولايات المتحدة لكتائب «حزب الله» العراقي المقرب من إيران، الأحد، ما أدى إلى مقتل 28 مسلحا وإصابة 48 آخرين بجروح وذلك في محافظة الأنبار (غرب).

ويرى مراقبون ان التطورات المتسارعة يوم أمس أدخلت رسميا المنطقة العربية في مرحلة من الاستنفار الأمني والعسكري والسياسي في أخطر تصعيد يشهده الشرق الأوسط منذ اجتياح العراق عام 2003 ، فبالاضافة إلى الحرب المرتقبة بين إيران وأمريكا ستحمل هذه التطورات تداعيات قريبة وبعيدة سواء على المستوى الدولي أو على مستوى الإقليم في كل من العراق ولبنان وسوريا وأيضا اليمن التي تشهد صراع نفوذ متنام بين حلفاء أمريكا وحلفاء إيران .

سيناريوهات كارثية والمجهول يهدد الشرق الأوسط
الكاتب العـــراقي المختص في الشأن الأمريكي جاسم البديوي أكد لـ«المغرب» أنّ الاستهداف الأخير لقاسم سليماني وبعض قادة الحشد الشعبي العراقي فتح آفاقا كثيرة وسيضع المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص أمام سيناريوهات قد توصف بالكارثية ،وابرز هذه التداعيات عودة الجماعات المرتبطة بإيران والدعوة إلى حمل والسلاح وعودة فصيلي جيش المهدي ولواء اليوم الموعود وهما فصيلان كانا يقاتلان الأمريكان في أوقات سابقة وهذا مايعني أنّ الأمور تسير نحو الانفجار.

وقال محدثنا أن وصف مكتب الرئيس العراق عادل عبد المهدي في بيان استنكاره العملية اغتيال ابي مهدي المهندس -وهو مسؤول عراقي- بأنها خرق لسيادة العراق، مما يعني ان المرحلة المقبلة ستشهد متغيرات عدة خاصة وان هذا التطور يعني خروج أمريكا عن اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية والتي تنصّ على أن مهمة قوات التحالف الأمريكية تنحصر في تدريب القوات العراقية ومحاربة تنظيم داعش الارهابي».

وتابع محدثنا أنّ ماحصل يضعنا أمام حزمة أسئلة خطيرة أولها ان العراق أصبح أرضا لتصفية الحسابات ممايجعل من الأولويات الحديث عن مستقبل هذه الدولة هل ستكون دولة قوية في مواجهة هذا التطور؟ وهل بإمكانها لعب دور أفضل أو أقوى؟ واعتبر محدثنا أنّ وضع الأرض العراقية كساحة للصراع بين دولتين لا يمكن من خلاله ضمان أن تكون دولة العراق قوية وذات سيادة .

وتساءل الكاتب العراقي عن حجم الرد الردّ الإيراني وكيفيته ومكانه مما يضعنا أمام المجهول بخصوص الرد الإيراني هل سيكون في الخليج العربي أو إزاء المصالح الأمريكية والمصالح المشتركة عبر إيران أم عبر استهداف المصالح الأمريكية بشكل مباشر عن طريق اذرع إيران ضد حلفاء أمريكا في الشرق لاسيما أنه في وقت سابق تمت عمليات كثيرة استهدفت المصالح الأمريكية وحلفاء أمريكا هناك»

وتابع البديوي انّ السؤال الأهم هو «هل أن إيران قادرة على الرد بمستوى ماحدث؟ فهذه الأسئلة تضعنا أمام مجهول كبير ينتظر الشرق الأوسط والسؤال الأهم من سيكون المستفيد في النهاية ؟هل بإمكان أمريكا التعامل مع الفوضى التي خلفها هذا الاستهداف» .وأضاف «الأمريكان والإيرانيون كانوا يقاتلون تنظيم «داعش» بشكل مباشر وكانا يتجنبان الاحتكاك والمواجهة ، بلا شك هذه المرحلة مرحلة التجنب قد انتهت لكن من سينتصر في النهاية هل بإمكان التواجد الأمريكي أن ينهي الأمور لصالحه وان تسيطر على المنطقة أو هل نجحت في قص اذرع إيران في العراق ؟الكل يعرف أنّ لإيران أوراقها في العراق ولها أوراق ضغط سواء من الناحية السياسية أو العسكرية كما أن هناك توازنا أمريكيا كان وفقه يدار العراق بين الأمريكيين وبين الإيرانيين وبين أجزاء أخرى لكن هناك خلل الآن لا نعرف كلفته ولا تداعياته».

وأكد الكاتب العراقي أن «هذه الضربة دلت على انتهاء الإستراتيجية الأمريكية التي برزت إبان اجتياح «داعش» للعراق وأكدته وأقرته إدارة باراك اوباما وهي اعتماد إستراتيجية انهاء الدور الإيراني في العراق عبر الدعم اللوجستي للحكومة العراقية وأيضا الدعم الدبلوماسي لبغداد للانفتاح على الخارج». وأكد البديوي «نحن إزاء مرحلة جديدة استطيع القول انه لا يمكن التنبؤ بها ومعرفة منعطفاتها وليس من الممكن استقصاء آثارها لكن كل شيء مفتوح أنّها حرب مفتوحة فالأمريكان ليسوا مسيطرين على كامل خيوط اللعبة ، وقد يعني كل ماحصل استدراج واشنطن إلى الفخ الإيراني».

تداعيات قريبة
في الأثناء قال الكاتب العراقي قاس آل جابر لـ«المغرب» أنّ اغتيال الجنرال سليماني انتهاك للسيادة العراقية رغم أن الأمريكان كان بإمكانهم توجيه ضربة عسكرية لإيران في الداخل لا في العراق وتأزيم الوضع العراقي أكثر العراق الذي يشهد تظاهرات كبيرة لازالت مستمرة منذ 100 يوم راح ضحيتها 500 شهيد وعشرين ألف جريح. وتابع محدثنا «تسارع وتشابك الأحداث بهذه السرعة نذير خطر بحكم وجود قوات عسكريّة موالية لإيران في العراق ولبنان واليمن وسوريا وبعض دول افريقيا قد يكون لها رد من خلا هذا الجماعات وخاصة في العراق الذي توجد فيه أكثر من قاعدة عسكرية أمريكية».

وأضاف الكاتب العراقي «نحن في العراق نشعر بالضغط الشديد بسبب سرعة وحدة الأحداث وعدم وضوح الرؤيا والعراق اليوم بلا حكومة والبرلمان قاصر وتتعدد التظاهرات المطلبية والكثير من الإشكاليات والتعقيدات الأمنية، لا بوادر لحل سريع ولا أمل أيضا بوجود ذلك نتمنى على الجميع ضبط النفس والتصرف بحكمة لتجنيب العراق الفوضى والانفلات الأمني» وفق تعبيره.

قاسم سليماني.. من هو ؟
يعد سليماني اسما بارزا في الساحتين الإقليمية والدولية، باعتباره أحد أبرز القادة العسكريين الإيرانيين، حيث كان قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، ويذهب البعض إلى حد وصفه بـ«رأس حربة إيران».

واغتيل سليماني (63 عاما) في ضربة أمريكية، استهدفته في ساعة مبكرة من يوم الجمعة قرب مطار بغداد الدولي، وأكد الحرس الثوري مقتل سليماني إضافة إلى نائب رئيس الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس.من جهته، قال الحشد الشعبي إن «5 من أعضائه واثنين من «الضيوف» قتلوا في الضربة التي استهدفت عرباتهم في مطار بغداد.

وقد تحول سليماني خلال السنوات الماضية، إلى «رأس حربة إيران»، حيث امتدت أصابعه إلى جبهات عدة بهدف العمل على تعزيز نفوذ طهران في دول عربية عدة، تشمل العراق وسوريا واليمن ولبنان.

في عام 1979، انضم الجنرال سليماني، الذي كان آنذاك شابا ينحدر من عائلة في جنوب شرق إيران، إلى الحرس الثوري، قبل أن يقاتل في الحرب العراقية الإيرانية خلال الثمانينيات، وفي 1998 برز اسمه بشكل أكبر، حين جرى تعيينه قائدا لفيلق القدس.ولم تقتصر أدوار سليماني على الجبهات والمعارك فقط، وإنما أسندت إليه كذلك أدوار سياسية أخرى.

اعداد : روعة قاسم ووفاء العرفاوي

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115