في الذكرى السنوية الثانية لهزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي: محللون عراقيون يتحدثون لـ «المغرب» عن التغيرات السياسية والأمنية العراق يعطل الدوام الرسمي اليوم بمناسبة الذكرى الثانية لهزيمة «داعش»

روعة قاسم ووفاء العرفاوي

مرت سنتان على انتصار العراق على تنظيم «داعش» الإرهابي وتحرير مدينة الموصل مركز محافظة نينوى من قبضته في 10 ديسمبر من عام 2017 ،

في يوم أطلق عليه العراقيون تسمية « يوم النصر» وبات عطلة رسمية في البلاد ... ففي هذا اليوم استعادت بغداد الأراضي التي سيطر عليها التنظيم الإرهابي في صيف 2014 وتبلغ نحو ثلث مساحة العراق في شمال وغربه ، ولئن طويت معه صفحة مؤلمة وكارثية من تاريخ بلاد النهرين والتي شهد خلالها العراقيون مآسي عديدة من تدمير وتهجير للمواطنين وتقتيل للأبرياء والأطفال والنساء والشيوخ ، فان الانتصار على داعش الإرهابي في هذا اليوم الحدث لم يكن نهاية للتنظيم .. ولم يضع حدا لفلوله او خلاياه النائمة التي لا تزال نشطة في ارجاء البلاد وعاد عناصره الى أسلوب «حرب العصابات» في قتالهم ضد السلطات العراقية مثل التفجيرات المفخخة المتنقلة والتي تستهدف المدنيين العزل .

ويتزامن الاحتفال بالذكرى السنوية الثانية للنصر على «داعش» الارهابي هذا العام مع موجة احتجاجات شعبية عنيفة يعيش على وقعها البلد مما زاد من حساسية المشهد خاصة بعد ان أطاحت الاحتجاجات برئيس الوزراء عادل عبد المهدي . ويرى مراقبون أن مايحصل من تطورات زاد من ثقل المسؤولية الملقاة على مكونات المشهد السياسي في العراق بالإضافة الى التركة الثقيلة التي خلفتها الحرب المضنية ضد «داعش» الارهابي.

وبخصوص المشهد الراهن في العراق على الصعيد الأمني بعد عامين على هزيمة «داعش» الإرهابي قال الكاتب و الباحث العراقي نصيف الخصاف لـ«المغرب» أن المشهد الراهن بالعراق على الصعيد الأمني مضطرب بسبب الفشل السياسي لأحزاب الإسلام السياسي في إدارة الدولة بكل التفاصيل. والأمن احد التفاصيل المهمة التي تعكس نجاح او فشل السلطة في إدارة الدولة ومرافقها العامة.واضاف «على سبيل المثال لا الحصر تعرض الناشطون المدنيون إلى الخطف والقتل والقنص من من أطلقت عليه الأجهزة الأمنية «الطرف الثالث» او «المندسين» وهو دليل واضح على عجز السلطة عن كبح جماح بعض المجموعات المسلحة التي لها ارتباطات خارجية والتي تأتمر بأوامر خارج إطار المؤسسة الأمنية».

وأكد محدثنا ان هذه المجموعات المسلحة تغولت على الدولة وجعلت السلطة وكأنها عاجزة عن ايقافها عند حدها بل ربما لا يكون الوصف بعيدا عن الواقع اذا قلنا ان السلطة عاجزة حتى عن تسميتها والاعتراف بأنها وراء ما حصل ويحصل في ساحات التظاهر في كل محافظات العراق وفق تعبيره.

واعتبر الخصاف أن هذا العجز هو ذاته الذي تسبب في انهيار السلطة عند هجوم «داعش» على ألموصل والمحافظات الأخرى وتسبب في سقوط مدن عديدة بيدها عام 2014 لأن ما كان - ولازال- يشغل أحزاب السلطة هو كيفية الحفاظ على مكاسب السلطة وكأن السلطة ومغانمها هي الهدف من وراء تبوئ المناصب العليا وليس تكليفا من قبل الشعب بادارة موارد دولته.

مسببات ظهور «داعش»
واعتبر الكاتب العراقي ان «فهم السلطة في العالم العربي للأسف-ماعدا بعض الاستثناءات- هو انها فوق الشعب وفوق القانون، وأن الشعب يجب أن يخضع لما تمليه عليه وما تريده وليس لما فيه مصلحة الشعب والدولة، والوضع في العراق لا يختلف كثيرا فرغم الصبغة «الديمقراطية» التي يراد منها اضفاء الشرعية على تسلط بعض الأشخاص على القرار السياسي والاقتصادي والامني للعراق منذ 2003 والى غاية الآن».

وتابع «هؤلاء الأشخاص ساهموا بشكل واضح في خلق «داعش» من خلال خطابهم السياسي الطائفي المريض الذي -للأسف- انطلى على بعض البسطاء الذين صدقوا ادعاءات بعض الأحزاب الدينية بالتقوى والورع و«تمثيل» هذه الطائفة او تلك وهو خطاب فقير يعود ما قبل أربعة عشر قرنا وهو العصر الذي ينتمون اليه وليس إلى عصر الأرقام والتكنولوجيا والتنمية، هو خطاب فشل في الاستمرار بخداع الناس فسقط الجميع حين تمادوا في الاستحواذ على مقدرات الدولة دون تحقيق اي منجز لصالح المواطن في مدة تقدر بنصف مدة حكم صدام حسين».

وحول تداعيات تدهور الوضع الأمني على الوضع السياسي في العراق أجاب محدثنا «من الطبيعي ان ينعكس تدهور الوضع الأمني على المشهد السياسي، فالفصائل المسلحة التي شاركت في الحرب ضد داعش اصبحت قوى سياسية مشاركة في السلطة وهذا استحقاق متوقع بعد هزيمة داعش لكن المشكلة تكمن في ان بعضها يريد اخضاع الدولة - وليس السلطة وحدها- لما يريده وهذا سبب كثيرا من المشاكل الأمنية والسياسية وحتى الاقتصادية لأنها تشعر بأحقيتها دون الآخرين في السلطة ومغانمها لما لها من دور في هزيمة «داعش» على حد قوله .

فرص الخروج من تأثيرات الحرب ضد «داعش»
أما في ما يتعلق بسياسات الحكومة العراقية ومدى نجاحها في إخراج البلاد من تأثيرات الحرب ضد «داعش» الإرهابي تابع محدثنا «المشكلة تصبح أكثر تعقيدا حين نضع في الحسبان أن لبعضها ارتباطات خارجية تتقاطع مع ارتباطات جهات أخرى مع أطراف إقليمية أو دولية متقاطعة مع الأولى لغياب «مشروع وطني» عابر للقومية والمذهبية يمكن أن يتجاوز المحاور الإقليمية والدولية.فالعراق لن يخرج من تأثيرات الحرب مع «داعش» في وجود هذه الطبقة السياسية أبدا لأنها فشلت في ادارة موارد البلد قبل وجود «داعش» وبموازنات كبيرة جدا راحت نهبا للفاسدين فكيف يمكن أن نتوقع ان بإمكانها تجاوز ما افرزته الحرب مع داعش؟ الطبقة السياسية الحالية أعجز من أن تقود او تتبنى مشروعها وطنيا عابرا للطائفية او العرقية، هذا يتجاوز قدرتها على التفكير بسبعة قرون».

الاحتجاجات الشعبية
ويتزامن الاحتفال هذا العام بالذكرى الثانية للنصر مع الاحتجاجات الشعبية العنيفة التي يعيشها العراق وفي هذا الخصوص قال الكاتب والمحلل العراقي ناصيف الخصاف أن الوضع في العراق ناتج عن فشل الطبقة السياسية في إدارة موارد البلد التي أصبحت نهبا للفاسدين وهذه المظاهرات ليست جديدة لكنها الاقوى والاوسع نطاقا ضد أحزاب السلطة التي واجهتها بالقمع بصورة لم يسبق لها مثيل كان آخرها هجوم بعض المجاميع المسلحة على المتظاهرين وقتل 25 شخصا وجرح 80 تقريبا في ساحة الخلاني وسط بغداد أمام أنظار القوى الأمنية.

وتابع «موجة الاحتجاجات هذه ستستمر وتتصاعد نتيجة استمرار أحزاب السلطة في اللعب بالوقت وعدم استجابتها لمطالب المتظاهرين الذين سئموا العيش في ظل طبقة سياسية تزداد ثراء فيما تزدادا حالات الفقر اتساعا ،فالخطوة الوحيدة التي من الممكن أن تهديء الشارع هي تشكيل حكومة مؤقته من المستقلين بمن في ذلك رئيس الوزراء والكفاءات وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف اممي، واي محاولات للهروب إلى الأمام والتسويف في تحقيق مطالب المتظاهرين ستؤدي إلى المزيد من التدهور وعلى كافة الأصعدة» على حد تعبيره.

خلايا نائمة
اما المحلل السياسي قاسم آل جابر فقال انه من الصعب قراءه الوضع في العراق مع تجدد اعتداءات داعش على بعض المحاور في قاطع عمليات الموصل وديالى والصحراء الغربية. واضاف بالقول :«رغم وجود عمليات امنية استباقية تقوم بها القوات المسلحة في المنطقة الغربية واطراف بغداد الا انه لازال هناك تهديد امني واضح. فداعش تنظيم ارهابي عالمي ودولي ولدية قاعدة جماهيرية متطرفة وانصار في جميع أنحاء العالم ومن الصعب القضاء علية فكريا رغم الهزيمة العسكرية الكبيرة التي تعرض اليها في العراق». وتابع: «لايزال داعش الارهابي يحتفظ بخلايا نائمة في جبال حمرين وصحراء الانبار واطراف ديالي . ويقوم بين وقت وأخر بعمليات ارهابية تستهدف المدنيين والقوات الأمنية على حد سواء».

وجوابا عن سؤال الى اين تسير الاوضاع في العراق خاصة في ظل الازمة المستفحلة؟ يجيب محدثنا :«الوضع معقد جدا والمشهد السياسي قاتم ولا حلول في الافق في ظل الفوضى السياسية وانتشار المسلحين واغتيال شخصيات اعلامية ومدنية وناشطين مدنيين داعمين للتظاهرات في ظل تمسك المتظاهرين بمطالبهم المحقة وعدم قدرة القوى السياسية على ايجاد حل مرضي للمتظاهرين ودخول قوى خارجية على خط الازمة». واكد ان العراق اصبح ساحة للصراعات الخارجية وتصفية الحسابات على حساب العراق وشعبة.

الأدوار الخارجية
واكد المحلل والباحث العراقي قاسم آل جابر ان جميع الدول الاقليمـية والدولــية لديها حضـور واسع وواضح في العراق وغير خفي على احد وأشار الى ان القوات الامريكية لا زالت تتدفق الى العراق من الكويت مرة وسوريا والاردن مــره اخرى في ظل غياب حكومة عراقية بعد استقالة عبد المهدي وقال ان الايام القادمة ستحمل معها الكثير من السيناريوهات التي نتوتقع انها ستكون خارج رغبة العراقيين وخاصة المتظاهرين منهم الذين اعربوا عن امتعاضهم وغضبهم من التدخلات الخارجية تحت شعار نريد وطن. وأضاف: «العراق يوم في ازمة حقيقية بين الشعب والسلطة التي تغافلت كثيرا عن تقديم الخدمات والوظائف حتى وصلت بالشعب الي النقمة والتفكير في تغيير النظام السياسي القائم بالكامل وبصورة علنية».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115