بعد اعلان قائد الجيش الجزائري عدم أهليته للحكم: استقالة الرئيس بوتفليقة رسميا والجزائر تدخل مرحلة جديدة

بعد قرابة شهرين على انطلاق الحراك الجزائري في 22 فيفري ، قدم مساء امس الرئيس بوتفليقة استقالته رسميا، لتدخل البلاد في مرحلة جديدة ...

ولا احد يدرك ماذا ينتظر الجزائريين بعد هذا الاعلان ، ولا ماهية المرحلة الانتقالية التي ستحدد طبيعة الحكم القادم ، الا ان ما اتسم به الحراك طوال الاسابيع الماضية يؤشر الى ان الجزائريين هم على قدر كبير من الوعي وان المسار القادم لن يدخل البلاد في متاهات كبرى..
وقد أخطر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رسميا رئيس المجلس الدستوري بقراره إنهاء عهدته بصفته رئيسا للجمهورية، وفقا لوكالة الأنباء الجزائرية .

وسيتولى رئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر بن صالح، مهام رئيس الدولة، بعد استقالة بوتفليقة من منصبه كرئيس للجمهورية، طبقا للمادة 102 من الدستور الجزائري.
وتنص المادة 102 من الدستور على أنه « في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا ويثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية.
وتبلغ فورا شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان الذي يجتمع وجوبا.

ويتولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها تسعون يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية. ولا يحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة أن يترشح لرئاسة الجمهورية».
وكان الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الجزائري، جدد امس، في بيان تمسكه بضرورة تفعيل مقترح الجيش دون تأخير، المتعلق برحيل رئيس البلاد، عبد العزيز بوتفليقة، فورا، وارجاع السلطة للشعب مثلما تقتضيه المواد 7، و8 و102 من الدستور.

الآليات الدستورية
يضع الدستور الجزائري مدة ثلاثة أشهر كاملة لإجراء انتخابات الرئاسة في حال شغور منصب الرئيس بسبب الوفاة أو الاستقالة، وتمثل هذه المدة مرحلة انتقالية يقودها رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، المنصب الذي يشغله حاليا عبد القادر بن صالح.
وحسب الدستور «إذا اقترنت استقالة رئيس الجمهوريّة أو وفاته بشغور رئاسة مجلس الأمّة لأيّ سبب كان، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا، ويثبت بالإجماع الشّغور النّهائيّ لرئاسة الجمهوريّة وحصول المانع لرئيس مجلس الأمّة».
ويضيف «في هذه الحالة، يتولّى رئيس المجلس الدّستوريّ (الطيب بلعيز) مهام رئيس الدّولة. ويضطلع رئيس الدولة المعين حسب الشروط المبينة أعلاه بمهمة رئيس الدولة طبقا للشّروط المحدّدة في الفقرات السّابقة، ولا يمكنه أن يترشّح لرئاسة الجمهوريّة».

ويشغل منصب رئيس مجلس الأمة حاليا عبد القادر بن صالح، وهو الرجل الثاني في الدولة دستوريا، وينتمي سياسيا لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (موالاة)؛ ثاني أكبر الأحزاب تمثيلا في البرلمان وراء حزب جبهة التحرير الوطني (الحاكم)، كما أن الرجل يعد من المقربين من رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة.
بينما يتولى الطيب بلعيز، رئاسة المجلس الدستوري، منذ فيفري 2019، (بعد وفاة مراد مدلسي)، ويعد من الشخصيات المقربة أيضا من الرئيس بوتفليقة، عدة مناصب وزارية من بينها وزير العدل، ووزير الداخلية، وشغل مدير ديوان الرئاسة، كما تولى من قبل رئاسة المجلس الدستوري لغاية 2013.
يشار، أن المادة 104 من الدستور، تنص على أنه « يمكن أن تُقال أو تعدّل الحكومة القائمة إبّان حصول المانع لرئيس الجمهوريّة، أو وفاته، أو استقالته، حتّى يَشرَع رئيس الجمهوريّة الجديد في ممارسة مهامه».
وفي 1992، دخلت الجزائر في حالة فراغ دستوري، بعد «استقالة» الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، وحل المجلس الشعبي الوطني، ورفض رئيس المجلس الدستوري تولي منصب الرئيس، مما تطلب إجراء تعديل الدستور في 1996، في عهد الرئيس اليامين زروال.

وأجرى الرئيس بوتفليقة منذ وصوله إلى سدة الحكم في 1999، ثلاث تعديلات دستورية في 2002 لجعل الأمازيغية لغة وطنية، و2008 لفتح العهدات الرئاسية التي كانت مقيدة بعهدتين، و2016، تمت إعادة تقييد العهدات الرئاسية بعهدتين فقط.

حراك مستمر
طوال الاسابيع الماضية لم تتوقف تظاهرات آلاف الجزائريين المطالبة بتنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الفور واستبدال النظام السياسي في البلاد. وقد احدثت الاحتجاجات الشعبية تحولا مفصليا في الحياة السياسية ..ورغم اعلان بوتفليقة مساء اول امس بانه سيتنحى قبل نهاية مدته في 28 افريل ، الا ان الغضب الشعبي لم يتوقف ..واستمرت الاصوات المطالبة بالإصلاح والتغيير في كل شوارع البلاد وولاياتها ..وابرز الشعارات المرفوعة هي»نريد تغيير النظام» و «لا نريد بوتفليقة ولا شقيقه سعيد» في اشارة الى شقيق الرئيس بوتفليقة وما يلعبه من دور سياسي في كواليس السلطة. كل تلك الضغوط دفعت الرئيس الجزائري الى اعلان استقالته رسميا ليل امس .
واتفقت جل احزاب المعارضة الجزائرية على المطالبة برحيل بوتفليقة دون ان تحدد من سيخلفه وقالت حركة مجتمع السلم الإسلامي المعارض إن رحيل بوتفليقة دون إصلاحات حقيقية سيكون خطوة تقوض مطالب المحتجين.

موقف الجيش
ان موقف الجيش الجزائري ممثلا برئيس اركانه كان مفصليا في كل الاحداث التي هزت البلاد ، فقد كان حاسما بشأن اتباع صوت الشعب واعلان التغيير الفعلي ..فبعد إعلان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، استقالته قبل انتهاء ولايته ، قال رئيس أركان الجيش الجزائري، أحمد قايد صالح، مساء امس إن بيان الرئيس «صادر عن جهات غير دستورية»، وإنه «لا بد من التطبيق الفوري للحل الدستوري»، لافتا إلى وجود «محاولات للمماطلة والتحايل لإطالة عمر الأزمة في البلاد».
وكانت قيادة الجيش الجزائري قد اجتمعت، امس لتخرج بأول رد فعل عقب إعلان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة استقالته من منصبه قبل نهاية ولايته الرئاسية، وهو الأمر الذي لاقى رفضا من قوى المعارضة في البلاد.

وأوضح بيان للجيش الجزائري، أن الاجتماع «يندرج في إطار متابعة التطورات المرتبطة بالاقتراح الذي تقدم به الجيش الوطني الشعبي، الرامي إلى تفعيل المواد 7 و8 و102 من الدستور». وكان رئيس أركان الجيش، قد دعا، السبت، المجلس الدستوري إلى إعلان الرئيس بوتفليقة (82 عاما) «غير لائق للحكم».
وفي هذا الإطار، جدد صالح تمسكه بضرورة تفعيل مقترح الجيش الوطني الشعبي «دون تأخير»، قائلا: «نحن نرى أنه لا مجال للمزيد من تضييع الوقت، وأنه يجب التطبيق الفوري للحل الدستوري المقترح المتمثل في تفعيل المواد 7 و8 و102، ومباشرة المسار الذي يضمن تسيير شؤون الدولة في إطار الشرعية الدستورية».
واعتبر صالح أن الشعب الجزائري «بارك هذه المساعي وثمن حرص الجيش الوطني الشعبي على إيجاد حل دستوري للأزمة في أقرب الآجال»، لافتا إلى أنه (الشعب) «رأى فيه بادرة خير وأمل للخروج من الأزمة».

واعتبر صالح أن المبادرة التي قدمها الجيش الوطني الشعبي، «انطلاقا من إحساسه بالمسؤولية التاريخية تجاه الشعب والوطن، قوبلت مع الأسف الشديد بالتماطل والتعنت، بل والتحايل من قبل أشخاص يعملون على إطالة عمر الأزمة وتعقيدها، والذين لا يهمهم سوى الحفاظ على مصالحهم الشخصية الضيقة غير مكترثين بمصالح الشعب وبمصير البلاد».
وأوضح أن الهيئات المخولة لوزارة النقل، قامت بتفعيل إجراءات منع إقلاع وهبوط طائرات خاصة تابعة لرجال أعمال في مختلف مطارات البلاد، طبقا للإجراءات القانونية السارية المفعول.

وكانت قوى من المعارضة الجزائرية، قد ردت على إعلان بوتفليقة استقالته قبل تاريخ 28 من الشهر الجاري وتشكيل حكومة جديدة ، بإصدارها بيانا، بعد اجتماع في مقر جبهة العدالة والتنمية، اعتبرت فيه هذه الخطوات بمثابة «تعنت السلطة وإصرارها على البقاء في الحكم، رغم أن الشعب قال كلمته».

نهاية حكم جيل الثورة؟
يشار الى ان عبد العزيز بوتفليقة هو الرئيس العاشر للجزائر منذ التكوين والرئيس الثامن منذ الاستقلال . في جانفي 2005 عيّنه المؤتمر الثامن رئيساً لحزب جبهة التحرير الوطني . وقد التحق منذ دراسته الثانوية بصفوف جيش التحرير الوطني الجزائري . في نوفمبر 2012 تجاوز في مدة حكمه مدة حكم الرئيس هواري بومدين ليصبح أطول رؤساء الجزائر حكماً . وفي 23 فيفري 2014 أعلن وزيره الأول عبد المالك سلال ترشحه لعهدة رئاسية رابعة وسط جدال حاد في الجزائر حول صحته ومدى قدرته على القيام بمهامه كرئيس دولة.

بعد الاستقلال في عام 1962 تقلد العضوية في أول مجلس تأسيسي وطني، ثم تولى وزارة الشباب والرياضة والسياحة وهو في سن الخامسة والعشرين. وفي سنة 1963 عين وزيراً للخارجية. في عام 1964 انتخبه مؤتمر حزب جبهة التحرير الوطني عضوا في اللجنة المركزية وفي المكتب السياسي.
شارك بصفة فعالة في انقلاب 19 جوان 1965 الذي قاده هواري بومدين على الرئيس أحمد بن بلة وصار لاحقا عضواً لمجلس الثورة تحت رئاسة الرئيس هواري بومدين. وعُرف ذلك الانقلاب بـ (التصحيح الثوري) .
وقد أعلن نيته للترشح لولاية رابعة في خضم ضجيج أثيرت حول «لا ديمقراطية» القرار، وصحته، وفساد شقيقه السعيد بوتفليقة، وقامت احتجاجات متفرقة منددة بذلك.
في يوم 11 مارس 2019 أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تأجيل الانتخابات الرئاسية لعام 2019 التي من المفترض ان تجرى في شهر أفريل الجاري ويعلن أيضا إنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115