اليوم انعقاد القمة العربية في دورتها الـ30 : سقف توقّعات متدن .. وخطاب تقليدي مُنتظر يسير على نهج القمم السابقة

• باحثون وكتاب عرب لـ «المغرب»: انقسامات العرب ستكون حاضرة في القمة.. والحلول رهينة المصالح والمفاهمات


اعداد : روعة قاسم ووفاء العرفاوي

تتّجه الأنظار اليوم الأحد إلى اجتماع القادة العرب على هامش القمة العربية الـ30 المنعقدة بتونس، وسط سقف توقّعات ضعيف في مواجهة حزمة من الملفات الساخنة المطروحة على مائدة زعماء الدول العربية بدءا بالقضيّة الفلسطينيّة مرورا بالحرب السورية والمشهد اليمني المُضطرب وصولا إلى الأزمة الليبية والاحتجاجات الشعبية في كلّ من الجزائر والسودان.

فعلى وقع القرار الأمريكي الأخير الذي اعترفت بموجبه واشنطن بالسيادة المزعومة لإسرائيل على الجولان السورية، وعلى وقع الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين في ذكرى يوم الأرض وتزامنا مع مرور عام على بدء مسيرات العودة الكبرى ووسط خلاف خليجي خليجي ومظاهرات شعبية لتغيير النظام في الجزائر وبالتزامن مع ركود جهود حل الأزمة الليبية، تنعقد فعاليات هذه القمّة الـ30 ، وسط سقف توقّعات متدني بأن تبقى هذه القمّة وفيّة لسابقاتها من القمم في ما يتعلّق بتبني الخطاب التقليدي القائم على التنديد والاستنكار والتأكيد على وحدة «العمل العربي المشترك» دون نتائج ملموسة على أرض الواقع في خضم الأزمات المحتدمة في المنطقة..

«المغرب» استقت آراء وقراءات باحثين وكتاب عرب من فلسطين ولبنان وسوريا بخصوص التوقعات والانتظارات من القمة العربية في دورتها الـ30 .

الكاتب والباحث اللبناني عبد الوهاب بدرخان لـ«المغرب»
قمة عادية في ظروف استثنائية
قال الكاتب والباحث العربي اللبناني عبد الوهاب بدرخان لـ«المغرب» أن هذه القمة توصف للأسف بأنّها قمة عادية تنعقد في ظروف استثنائية وخطيرة لها علاقة بقضايا تمسّ بمصير العالم العربي ليس فقط على مستوى الأمة بل أيضا على مستوى كل بلد بمشاكله وقضاياه الخاصة وبمعاناة شعبه . وتابع بدرخان ان الوضع العربي بانقساماته الحالية لا يسمح بإعادة بناء النظام العربي الرسمي بشكل يستطيع ان يشد اليه انظار الشعوب بأنه قادر على أخذ زمام المبادرة في إدارة هذه القضايا ، مشيرا إلى أن نوعية هذه القضايا بدأت تختلف، باعتبار أنّ لكلّ بلد همه الخاصّ سواء بالنسبة للتحولات الداخلية او لبناء انظمة جديدة واقتصاد جديد. وتابع محدّثنا ‘’ القمة العربية هذا العام تقابلها تحديات كثيرة وضخمة لكن للأسف فإنها ليست على هذا المستوى (القمة)».

وبخصوص استمرار الغياب السوري عن أشغال القمم العربيّة قال الكاتب اللبناني أنّ تجميد عضوية سوريا في القمة العربيّة قبل سنوات كان نتاج لحظة خُدع فيها العرب عندما طُلب منهم تجميد عضوية دمشق بسبب تصرّفات النظام ضدّ شعبه كانت هناك وعود بأن يعاد النظر في عضوية سوريا في الأمم المتحدة لكن الوضع الدولي لم يكن على قلب واحد أو موقف واحد انذاك ،بمعنى ان الانقسام في مجلس الامن لم يكن يسمح باتخاذ مثل هذا الإجراء ضد سوريا».

وتابع الكاتب العربي اللبناني «نحن لسنا مختلفين على محبة سوريا في الوطن العربي وعلى محبة شعبها بل نحن مختلفون على ان هناك حاكما مستبدا مارس العنف الدموي تجاه شعبه ، ففي نظري اذا كانت دعوة سوريا تعني اعادة تأهيل هذا النظام بشخصه ورئيسه فانا اظن انه لا يستحق ذلك ، فهذا ايضا يتعلق بشعب ثار ضد حاكم مستبد لا بد ان يشعر ان عليه مسؤوليات تجاهه، نعم فالوضع الدولي ساعده على الصّمود والبقاء لكن عليه الآن أن يعود ليجمع شمل الشعب السوري لكي يكون هناك وضعية ملائمة ليعود السوريون اللاجئون في كل أنحاء العالم للعيش في بلدهم في أمان». وأشار محدثنا أنّ موضوع حضور سوريا في القمة هو موضوع خلافي بين الدول الأعضاء.

وفيما يتعلّق بالملف الجزائري والمظاهرات الشعبية الأخيرة ضدّ استمرار حكم عبد العزيز بوتفليقة أجاب بدرخان أنّ الشعب الجزائري لا يحب التدخل في شؤونه ولا يتيح الفرصة للتدخل الخارجي .. لا الشعب في حراكه طلب مساعدة خارجية كما فعل السوريون بعد ان اصبح عدد القتلى بالمئات حيث استنجدوا انذاك بالمجتمع الدولي ... لكن الشعب الجزائري مسالم في حراكه ويريد أن يصنع تغييرا بمقاييس الداخل وباتفاقات داخلية وهذا فخر يحسب له».

وأضاف محدّثنا «موضوع الجزائر إذا طرح سيطرح بصيغة ترضي الجزائر وتوافق عليها الجزائر، لا القمة ولا العرب يريدون التدخّل في موضوع الجزائر وهذا الافضل للكل طالما الوضع تحت السيطرة في الداخل، فالجيش يريد ان يصنع حلا بالتعاون مع المعارضة». وتابع «نموذج اخر من ثورات وثورات الربيع العربي ولا يجب أن ننسى أنّ هناك نموذجا مماثل في السودان لكن ليس هناك تعاون بين النظام والمعارضة بل بالعكس هناك محاولة من النظام للإيحاء بان كل هذه المعارضة لا قيمة لها وان كل هذا الحراك لا قيمة له وهذا غير صحيح».

الكاتب والمحلل السياسي السوري عبد القادر خليفة لـ«المغرب»

«سوريا لا تنتظر الكثير أو القليل من القمة العربية»
قال الكاتب والمحلل السياسي السوري عبد القادر خليفة لـ«المغرب» أنّ سوريا لا تنتظر الكثير أو القليل من القمة العربيّة ، مضيفا أنّه لو كان بإمكان الدّول العربية المجتمعة في القمة فعل شيء تنتظره سوريا لقاموا بدعوتها لحضور هذه القمة .
وتابع محدّثنا أنّ هنالك قضايا عدّة تشكل تحدّيا للدول العربية كافة كالقضية السورية وأطماع الغرب وسعيهم لتقسيمها والأطماع التركيّة كذلك بمناطق شمال وشمال شرق سوريا ، إضافة إلى اليمن والحرب العدوانية الدائرة على هذا البلد منذ 4 سنوات ، كذلك المسألة والقضية الأهمّ وهي فلسطين المحتلة وما يعد لتمرير صفقة القرن بأي ثمن. واعتبر محدثنا أنّ هذه القضية ستعقد كغيرها دون مواقف جديدة أو هامة ، اما فيما يخصّ قضية الجولان فقد طلبت سوريا اجتماعا لمجلس الأمن الدولي لبحث القرار الأمريكي الأخير ، مضيفا أنّ هدف سوريا قبل كل شيء تثبيت وتأكيد الحق السوري في استعادة أرضه المحتلة وقانونية هذا الحقّ وبالتالي فضح الإجراء غير القانوني الأمريكي في أعلى هيئة دولية .
وأضاف الكاتب السوري «أن هذا المشهد المتوتر تريد واشنطن منه الافضاء أو الوصول إلى مناخ مناسب لطرح صفقة القرن دون عوائق و إن وجدت العوائق فلدى واشنطن و تل أبيب النية للتصعيد كما تحدثت سفيرة واشنطن في القاهرة أن واشنطن و الناتو و الدول المحبة للسلام جاهزة لخوض حرب للدفاع عن مبادئها و أمنها.
وبخصوص مستقبل المشهد الاقليمي في ظلّ هذه المتغيرات المتسارعة قال محدثنا انه لا يبدو أنّ هناك أي فرص للتهدئة فتحركات الغرب و حلفاؤهم جميعها هجومية وعلى عدة جبهات في سوريا والعراق وحتى الجزائر وهدفها التصعيد خصوصا بعد اجتماع رؤساء هيئة الاركان لدول سوريا والعراق و إيران في دمشق والذي جاء ردا على نية واشنطن السير مع حلفائها الكرد إلى النهاية فيما يتعلق بإنشاء دولة كردية شرق سوريا، وأضاف أنّ تعثر اتفاقات آستانة حول إدلب وفشل الجانب التركي في إجبار ارهابيي جبهة النصرة والجماعات الأخرى في تنفيذ اتفاقات خفض التصعيد والانتقال إلى مراحل تالية في هذا المجال .
وتابع «في وقت تقوم فيه هذه الفصائل بالهجوم على نقاط الجيش السوري و على المدنيين في مناطق غرب حماه و شمال اللاذقية و استخدامها القذائف المزودة بالمواد السامة، هنا لا يغفل عن أحد بدء نفاد صبر دول محور المقاومة و حتى روسيا وشعور الجميع بضرورة الإسراع في حسم قضية تحرير إدلب.

زاهر الششتري القيادي الفلسطيني في الجبهة الشعبية لـ«المغرب»
«نتائج القمة العربية ستكون محكومة بسقف الانظمة التابعة للإمبريالية»
قال القيادي الفلسطيني في الجبهة الشعبية زاهر الشـشــــتري لـ«المغــرب»
أنّ الاحتلال الصهيوني يريد أن يبقي باب التصعيد على جبهة غزّة مستمرّا سواء كان من خلال استمرار الحصار أو الاعتداءات العسكرية مثل ما هو حاصل حاليا ويريد نتنياهو استغلال ذلك في انتخابات الكنيست الصهيوني. وتابع أن الضفة ليست غائبة عن المشهد ففيها عديد الانتهاكات منها اقتحامات واعتقالات ومصادرة واغتيال وأيضا ما يجري بالقدس من تهويد وابعاد ومحاولة إخضاع الاقصى، وأشار الى أنّ ما يحصل هو محاولة تنفيذ لصفقة القرن واستغلال الانقسام الفلسطيني لمصلحته أي الاحتلال ، واستغلال حالة الترهل العربي الرسمي وتوسع حاله التطبيع والهرولة العربية الرسمية، فالأمور ستسير واضحة باتجاه التصعيد لان الاحتلال الصهيوني يسعى لفرض واقع على الأرض خصوصا بعد إعلان ترامب عن القدس عاصمة الكيان الصهيوني وأيضا بعد إعلان ترامب عن الاعتراف بالجولان السورية المحتلة بأنها جزء من دولة الاحتلال أي الاعتراف بضمها للكيان».
وبخصوص القمة العربية قال محدّثنا أن القمة العربية المقبلة ستكون محكومة بسقف الانظمة التابعة للإمبريالية خصوصا بعد رفض ونقاش عودة سوريا للجامعة العربية، وأيضا عدم تنفيذ قرارات المجلس الوطني والمركزي». وأضاف «مما تقدم نرى أن لا مجال لصدور قرارات هامه من القمة وبعد استمرار العدوان بأشكال مختلفة وأيضا مع استمرار حالة التطبيع المجاني من الانظمة التابعه للإمبريالية لكن الشيء الإيجابي أن محور المقاومه يتعزز».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115