للمرة الثانية قبل أن يصوت يوم الأربعاء على لائحة ترفض الخروج من أوروبا بدون اتفاق. وقدم بعض النواب من مختلف الأحزاب الممثلة في المجلس لائحة ترمي إلى إفتكاك سلطة القرار في شان البريكست من الوزيرة الأولى تريزا ماي. و تنوي هذه الأخيرة تقديم نص الاتفاق مجددا للتصويت أمام البرلمان يوم 20 مارس قبل انعقاد المجلس الأوروبي يومي 21 و 22 من نفس الشهر في خطوة ،اعتبرها بعض الملاحظين يائسة، لفرض تصورها باللجوء إلى تهديد البرلمانيين بالخروج من أوروبا «بدون اتفاق» مع ما يكلفه ذلك من مصائب مرتقبة على الاقتصاد البريطاني.
غموض غير معهود في الطبقة السياسة البريطانية التي لم تتوصل إلى بلورة موقف أغلبي يمكن من الخروج من الإتحاد الأوروبي بدون مشاكل بل بالتوافق المنطقي الذي يحمي حقوق و مصالح الطرفين. وكادت الفوضى في البرلمان البريطاني تهز أركان النظام الديمقراطي بعد أن صوت ضد مشروع تريزا ماي أعضاء من حزبها وحتى وزراء في حكومتها مع العلم أنها صمدت مرتين ضد لائحتي لوم الأولى قدمها حزب المحافظين الذي تنتمي إليه و الثانية فشل في تمريرها جيريمي كوربن زعيم المعارضة العمالية.
تجاذبات سياسية إضافية
الحديث اليوم اتجه نحو الخوض في مسالة «تأجيل الخروج» بعد موعد 29 مارس المقبل. و ترغب تريزا ماي في اقتراح تأجيله ليوم 30 جوان على أن يوافق البرلمان على نص الاتفاق المبرم و لو بعد بعض التنقيحات المتعلقة بالحدود مع أيرلندا. في حالة فشلها في هذا الاقتراح سوف تقدم مشروع «تأجيل طويل المدى يمكن من مشاركة بريطانيا في الإنتخابات الأوروبية في صورة عدم التوصل إلى اتفاق».
في نفس الحين أعلن زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن أن سوف يدخل في مشاورات مع النواب من مختلف الأحزاب في البرلمان للتوصل لحلول معقولة، خطوة كان من المفروض تقوم بها رئيسة الوزراء. و سوف يطرح كوربن على البرلمانيين عدة سيناريوهات منها تنظيم استفتاء جديد و تحويل الاتفاق نحو الأنموذج النرويجي الذي يسمح بالخروج مع الإبقاء على المشاركة في السوق المشتركة. وتأمل تريزا ماي أن يفشل كوربن في محاولته و أن يرجع البرلمانيون إلى مساندة مقترحها الأول.
رجال الأعمال و«السيتي» قلقون
وعبرت منظمة الأعراف البريطانية على لسان مديرتها كارولين فيربيرن عن غضبها من الفوضى منادية بإنهاء «السيرك». وطالبت بالبحث عن اتفاق سياسي واسع يتجاوز الخلافات الحالية و يتخلى عن «الخطوط الحمر» التي فرضها المتطرفون من جانب الرافضين للمشروع الأوروبي. و ناشدت منظمة الأعراف السياسيين بتأخير البت في «البريكست» حتى تتمكن الطبقة السياسية من بلورة «مخطط واضح» يقضي على كارثة «الخروج بدون اتفاق». و ساند وزير المالية فيليب هاموند هذا التوجه معلنا أن «الخروج بدون اتفاق يعني تقلبات هامة في المدى القريب والمتوسط و تدهور اقتصادي على المستوى البعيد».
هذا الاقتراح من فيليب هاموند يعتبر حلا بديلا ساند فيه الوزير السابق كان كلارك الذي ينادي إلى العمل على بلورة مشروع متكامل يرتقي إلى موافقة أغلبية البرلمانيين. لكن سبق و أن رفضته تريزا ماي بسبب معارضتها لخروج لين من أوروبا من أجل المحافظة على وحدة حزبها. لكن تحقيق ذلك السيناريو يعني تغيير رئيسة الحكومة وإعطاء السلطة لوزير المالية قصد مواصلة التفاوض في هذا الاتجاه و ضمان أغلبية في مجلس العموم. هذا السيناريو لا يتحقق إلا باللجوء إلى انتخابات عامة سابقة لأوانها. وهو السيناريو الكارثة بالنسبة للمحافظين الذين يخشون رجوعهم للمعارضة بعد أن فشلوا في تحقيق البريكست.
أوروبا مع إعطاء مهلة إضافية للبريطانيين
الرد الأوروبي عبر عنه دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، في تغريدة على شبكة تويتر جاء فيها : «خلال مشاوراتي مع زعماء القمة القادمة السبعة و العشرين سوف أناشدهم بالتفتح على إمكانية تمديد فترة البريكست في صورة اعتبرت بريطانيا ذلك ضروريا للبحث في إستراتيجية البريكست قصد التوصل إلى توافق حولها». وهي خطوة فهمها المحللون على أنها يد ممدودة لإنقاذ تريزا ماي من خروج سياسي من الباب الخلفي وارجاء لمخاطر الطلاق بدون اتفاق في أجواء عالمية متشنجة خاصة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، الذي يرغب بكل وضوح في هز أركان الإتحاد الأوروبي،.قد عبر عن استعداد الإدارة الأمريكية إلى الخوض في بلورة اتفاق اقتصادي شامل مع بريطانيا من أجل دعمها في مرحلة ما بعد البريكست، الشيء الذي يمس من مصالح أوروبا المستقبلية.