والإعلامية بأن العراق وفرنسا توصلا إلى تفاهم حول طريقة معالجة ظاهرة الارهابيين الفرنسيين المعتقلين في العراق وسوريا.
ويبدو أن ملامح هذا التفاهم تكمن في فتح الباب أمام محاكمتهم أمام القضاء العراقي بحجة أنهم ارتكبوا جرائمهم ضد شعب ومؤسسات هذا البلد. وانطباع التفاهم الذي ظهر إلى الوجود جاء بعد أن ارتفعت أصوات فرنسية نافدة ترفض رفضا قاطعا أن يسمح لهؤلاء الارهابيين بالعودة إلى فرنسا وبعد أن خرجت تصريحات من المنظومة الحكومية العراقية قبل وصول برهم صالح إلى فرنسا مفادها بأن العراق لم يقبل أن يستقبل ويحاكم إلا الارهابيين الذين يحملون الجنسية العراقية.
فرنسا كباقي الدول الأوروبية تواجه هذه الأيام إحدى أخطر وأعقد الأزمات التي تمخضت عنها هزيمة داعش الارهابي العسكرية. وتكمن ملامح هذه الأزمة في طريقة التعامل مع المواطنين الأوروبيين وعائلاتهم الذين استجابوا لنداء هذا التنظيم وانخرطوا في مشاريعه الإرهابية. وما زاد هذه الأزمة زخما كبيرا وطابعا استعجاليا غير مسبوق موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما حذر الدول الأوروبية من أنه وعلى خلفية الانسحاب العسكري الأمريكي من سوريا قد يضطر لإطلاق سراح هؤلاء الارهابيين الأوروبيين المعتقلين من طرف الأكراد في سوريا والعراق في حال لم يتم استعادتهم من طرف بلدانهم الأصلية.
وتجاوبا مع التحذير الأمريكي سارعت هذه الدول الأوروبية لتقديم حلول فردية بعيدة كل البعد عن المقترحات الأمريكية. ففرنسا أكدت أنها ستتعامل مع كل حالة على حدة بعيدا عن الأضواء الإعلامية. وألمانيا قالت إن عودة هؤلاء المواطنين يجب أن تمر عبر القنوات القنصلية فيما ارتفعت أصوات في بلجيكا تطالب السلطات بتجريد هؤلاء المواطنين الإرهابيين من جنسيتهم البلجيكية كوسيلة للقضاء على الإشكالية من أصلها. والجميع يحبذ أن يحاكم هؤلاء في المسارح التي ارتكبوا فيها جرائمهم أي سوريا والعراق.
هذه الدول الأوروبية ترفض رفضا قاطعا المشاهد التي تظهر الآلاف من المجاهدين وهم يحطون الرحال في المطارات الأوروبية أو قوافل حافلات مليئة بالإرهابيين وهم يعبرون الحدود التركية الأوربية متوجهين إلى بلداتهم. لان هذه الصور والمشاهد من شأنها تخلق جوا من الرعب والفزع في الرأي العام الأوروبي المصدوم أصلا من العمليات الإرهابية التي ضربته في السنوات الأخيرة ومن ضغط عامل الهجرة الذي أصبح يهدد أمنه الاجتماعي وتوازنه السياسي.
مع التوصل إلى اتفاق مع السلطات العراقية حول هذه الإشكالية المستعصية تكون فرنسا قد وجدت حلا لتحدي سياسي أمني وقضائي كبير وعليها الآن أن تدير مواقف وأنشطة الجمعيات الحقوقية الرافضة لمثل هذه الخيارات والتي تطالب بمحاكمة الفرنسيين في فرنسا أمام القضاء الفرنسي.