بريطانيا: بين ضرورات التوافق حول «البريكست» وسيناريوهات الفوضى

تستمر الحكومة البريطانية في التخبط بحثا عن حلول بديلة بعد فشل رئيسة الوزراء تيريزا ماي في الحصول على دعم البرلمان

لخطتها للخروج من الاتحاد الاوروبي «البريكست» والذي تعمل عليه حكومتها منذ مايقارب العامين. وبعد فشل الحكومة في انتزاع رضا البرلمان اقترح شق تقديم الحكومة لبديل عن الاتفاق الذي استمر العمل عليه شهورا طويلة فيما اقترح شق اخر تعديل بعض بنود الاتفاق محل الخلاف.
وتجد رئيسة الحكومة تيريزا ماي -التي نجحت في تخطي ثاني امتحان لسحب الثقة منها- تجد نفسها امام سندان الضغوطات الداخلية على الساحة السياسية في بريطانيا وبين مطرقة الدعوات الاوروبية للتسريع في تقديم اتفاق يحظى بموافقة الجانب الاوروبي بالاضافة الى مباركة كافة اطياف المشهد السياسي البريطاني .
وقالت وزيرة الشؤون الأوروبية الفرنسية ناتالي لوازو امس الجمعة إن على بريطانيا أن تقرر ما ستفعله بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي بأسرع ما يمكن. وقالت الوزيرة لإذاعة (آر.تي.ال) «أقول لأصدقائنا البريطانيين إن الوقت حان لأن يقرروا ما إذا كانوا سينسحبون على أسس ودية أم بشكل مفاجئ».ومضت تقول «هو اختيار بريطانى محض. ما نقوله هو: أسرعوا!».

ومن المقرر أن تخرد بريطانيا رسميا من الاتحاد الاوروبي يوم 29 مارسي المقبل أي قبل اقل من شهرين ونصف ، فيما تؤكد تقارير اعلامية في الغرض ان ماي لازالت تعاني رفضا داخليا لمشروع خطة الخروج مايزيد من حدة الضغوطات المفروضة عليها خاصة بعد أن منيت أمس الاول الخميس بأحدث هزيمة لإستراتيجيتها للخروج مما يقوّض تعهدها لقادة الاتحاد بالحصول على الموافقة على خطتها إذا منحوها تنازلات.

ولقي طلب ماي انذاك بالحصول على تنازلات من الجانب الاوروبي بهدف النجاح في حشد الدعم على مشروع خطتها ، لقي انقساما حادا لدى دول الاتحاد الاوروبي بين مؤيد ورافض. وأرجعت هذه الضغوطات الحكومة البريطانية الى نقطة الصفر بعد أن علقت ماي جميع آمالها على الاتفاق الذي استمرّ العمل عليه مايُقارب العام والنصف .
ويرى مراقبون ان الفشل الحكومي في تمرير هذا الاتفاق منح ورقة ضغط جديدة وانتصارا على المدى البعيد للمعارضة التي حاربت منذ البداية لضمان عدم تمرير اتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي .

ويرى متابعون ان عدم نجاح حكومة ماي سيضعها امام سيناريوهات احلاها مرّ اولها تغذية المطالب بتنظيم استفتاء ثان للعودة الى الاتحاد الاوروبي ،ومارافقه من حملة ضغط على الحكومة ورفض داخلي كبير لأغلبية بنود الاتفاق الذي تحاول ماي جاهدة تمريره للبدء في مرحلة مابعد البريكست .وثانيها هي القبول بالخروج من الاتحاد الاوروبي دون التوقيع على اتفاق يضمن نقاط عدّة من اليات تعامل بريطانيا مع باقي دول الاتحاد الاوروبي ، وهو ما يجنب بريطانيا الدخول في متاهة الانفصال الفوضوي .

اضطرابات مستمرة
المشهد السياسي البريطاني عاش على وقع اضطرابات مستمرة منذ الإعلان عن خروج المملكة من الاتحاد الاوروبي ، ممّا أحدث شرخا عميقا وانقساما جغرافيا حادّا في البلاد بين مؤيدي البقاء ورافضيه .ويرى مراقبون أنّ الانقسام الذي أحدثه الاستفتاء غذى الصراع السياسي داخليا ، و فتح الباب أمام تصدع الاتحاد الأوروبي بعد خمسين عاما على البناء الشاق.تنامي النزعة الانفصالية بات يمثل تهديدا حقيقيا للقارة الأوروبية بعد خروج المملكة المتحدة ، خصوصا مع وجود أطراف داعمة ومحرّكة لذلك، ونعني بذلك اليمين المتطرّف الذي سطع نجمه في انتخابات عدة دول غربية في الآونة الأخيرة
اذ لاشكّ في أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد فوز معسكر «الخروج» على معسكر «البقاء» ، غيّر وسيغير خطوط المشهد السياسي البريطاني في مرحلة أولى والعالمي في مرحلة ثانية كما كانت له تداعيات سياسية واقتصادية عدة باعتبار المملكة إحدى قاطرات التكتل الأوروبي والفاعل الاستراتيجي على المستوى الأوروبي، والنموذج على المستوى الديمقراطي ، في وقت تتنامى فيه حدّة النزعة الانفصالية عن القارة العجوز ووضعها أمام تحدّي الحفاظ على الوحدة وحرب النأي بالوحدة الأوروبية عن التجاذبات الإقليمية والدولية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115