انطلاق مؤتمر «وارسو» الدولي: أمريكا تحشد الصفوف لتشكيل «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي» ضدّ ايران

انطلق يوم أمس في العاصمة البولونية «وارسو» مؤتمر السلام الدولي بمشاركة 60 دولة ، لبحث سبل واليات الحد

من مخاطر ومعضلات الشرق الاوسط، وعلى رأس اولويات الملتقى الدولي الذي دعت له الولايات المتحدة الامريكية للحدّ من النفوذ الايراني في المنطقة العربية وايضا مكافحة آفة الارهاب . ولئن يرى مراقبون ان هذا الاجتماع الدولي لن يتطرق الى ملفات جديدة بل سيلقي الضوء على قضايا تؤرق امريكا وحلفاءها. وبشكل اساسي اعتبر متابعون هذا الملتقى الدولي هو بمثابة تحشيد رسمي تقوده واشنطن لبناء جبهة داعمة لرؤيتها في الشرق الاوسط وأيضا جبهة ضدّ ايران بصفة خاصة .
وأكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ،أنّ آمال الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لمؤتمر السلام -الذي تستضيفه بولونيا امس الأربعاء واليوم الخميس- عن الشرق الأوسط ستركز على الأمان والإزدهار. ومن بين القضايا التي سيتطرق لها المشاركون الاوضاع الانسانية في مناطق الصراع وأيضا ملف اللاجئين و ظاهرة الارهاب بالإضافة الى سباق التسلح النووي في العالم وغيرها من القضايا.

وبالإضافة الى امريكا شارك رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في الاجتماع إلى جانب وزراء خارجية كلٍّ من السعودية والإمارات والبحرين ومصر واليمن والأردن والكويت والمغرب وعُمان.ومن الدول الأوروبية شارك وزيرا خارجية بريطانيا والسويد، في حين خفضت دول أوروبية أخرى تمثيلها، وسط غياب مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، «لارتباطها بالتزامات مسبقة». إلا أن المثير للاهتمام هو ان اغلب الدول الاوربية خفضت تمثيلها الدبلوماسي في القمة وهو مااعتبره مراقبون موقفا اوروبيا واضحا من الحرب الامريكية ضد ايران.

وكانت واشنطن منذ دعوتها قبل اشهر الى عقد هذا الملتقى الدولي قد أكدت ان اولى اولوياته هي محاربة ماتسميه ‘’الارهاب الايراني ‘’ في المنطقة ، ويرى مراقبون ان هذا الملتقى جاء بعد عدة تراكمات في المنطقة اهمها الانسحاب الامريكي من سوريا وبحث ادارة ترامب عن بدائل لمحاربة طهران وضمان امن حليفتها المدللة «اسرائيل’’ وأيضا حلفائها الخليجيين وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية . وتحاول الولايات المتحدة الامريكية زيادة الضغط على طهران على الصعيد السياسي دوليا بعد تضييق الخناق عليها اقتصاديا عبر فرض حزمة من العقوبات الاقتصادية الحادة عليها.

ولئن لم يتوقع المتابعون أن يتمخض عن خطوة استثنائية واكثر جدية في المواجهة مع ايران ، الاّ أن واشنطن قد تنجح في تشديد اللهجة ضد ايران كخطوة في المسار التصعيدي الذي تحاول امريكا اتباعه في الحرب ضد طهران .
وتزامن المؤتمر الدولي مع احتفالات ايرانية بالذكرى الـ40 لثورتها وتعهدت الولايات المتحدة، بمواصلة الضغط «دون هوادة» على إيران لردع برنامجها الصاروخي،خاصة عقب كشف طهران عن سلاح باليستي جديد، بعد أيام على تجربة صاروخ عابر للقارات.

«ناتو عربي»
وتحاول امريكا منذ تولي الرئيس الامريكي دونالد ترامب الحكم قبل عامين حشد الصفوف عربيا ودوليا بغاية تشكيل ماتسميه «تحالف الشرق الاوسط الاستراتيجي’’ أو المعروف اختصارا بكلمة «ميسا» (MESA)، لمحاربة ايران تحت غطاء ودعم عربي دولي ، ويضم الدول السنية في الشرق الاوسط . وتطلق وسائل اعلام تسمية ‘’الناتو العربي’’ على الحلف الذي تنوي امريكا تشكيله . ويلقى الاقتراح انقساما كبيرا بين مستبعد لهذه الفرضية ومؤكد لها لما تحمله الخطوة من خطورة على الشرق الاوسط والأمن والسلم الدوليين .

كما ان اغلب القراءات ترى ان امريكا تجد صعوبات جمة امام تحقيق مشروعها الحربي ضد ايران ولعل من اهم العوائق التي تحول دون ذلك هو الازمة الخليجية وتضارب ذلك مع الاستراتيجيات الامريكية ووحدة الصف في المنطقة العربية .

ومنذ تولي الرئيس الامريكي دونالد ترامب الحكم، شهدت منطقة الشرق الاوسط متغيرات ارتبط اغلبها بدور دول الاقليم في الملفات الساخنة لعل ابرزها الدور الايراني في المعادلة السورية والملف العراقي على حد سواء . اذا لاشك ان السياسة الصدامية التي انتهجتها الادارة البيضاوية الجديدة تجاه ايران كانت مؤشرا على بدء مرحلة جديدة من العداء بين البلدين اللذين لم يمر وقت طويل على تجاوز التوتر بينهما بسبب ملف طهران النووي.

وبدأت المواجهة الحقيقية بين الطرفين بعد الاجراءات التي اقرها الرئيس الامريكي دونالد ترامب ضد ايران منذ توليه الحكم بدءا بحظر دخول مواطنيها الى الولايات المتحدة الأمريكية والدعوة الى تحجيم الدور الذي تلعبه ايران في كل من العراق وسوريا واليمن ،وآهمها انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق النووي المثير للجدل والذي يضم ايران والقوى الغربية .

إذ يرى مراقبون ان الادارة الامريكية بدأت منذ وقت طويل حربها ضد ايران عبر ضرب نفوذها المتزايد في مناطق الصراع وخاصة سوريا والعراق واليمن . ويثير هذا النفوذ خشية دول الخليج وإسرائيل وأمريكا على حدّ سواء لما تمثله ايران من خطر داهم يهدّد امن واستقرار هذه الدول.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115