من قبل عديد الأطراف العربية. وقد تزامنت مع العملية العسكرية التركية في شرق الفرات في محاولة من قبل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لقطع الطريق امام قوات سوريا الديمقراطية واحتمال تأسيس كيانها الانفصالي المستقل في المناطق التي سيطرت عليها بدعم أمريكي، شرقي وشمال شرقي سوريا.
ويرى الباحث والمحلل السياسي عابد الزريعي رئيس جمعية دراسات أرض فلسطين للتنمية والانتماء، ان هناك ثلاث رسائل تتعلق بالموقف التركي تجاه سوريا، أولها اعلان وزير خارجيتها الاستعداد للتعامل مع الرئيس الأسد بعد اجراء انتخابات. واشتراطه ان تكون «نزيهة» فهي ليست سوى مفردة حفظ ماء الوجه بعد الاقتناع ان سوريا لم تكن لقمة سائغة. وثانيها اعلان أردوغان الاستعداد لبدء عملية عسكرية شرق الفرات بالتفاهم مع الامريكان، وهنا تبرز مسألتان الأولى التخلي الأمريكي عن الاكراد الذين ساروا في الاتجاه الخاطئ منذ البداية بمراهنتهم على أمريكا. والثانية الإعلان الإيراني الموجه لتركيا بان لا عمليات عسكرية على الأراضي السورية من غير موافقة حكومتها، بما يعنيه ذلك يقظة حلفاء سورية وسقوط وهم أردوغان بإمكانية اختراق هذا التحالف. وثالثها بروز المأزق التركي الناتج عن ارتداد الازمة السورية، فقد القت تركيا بكل اوراقها عندما سمحت لقوى الإرهاب ان تعبر أراضيها الى سوريا اعتقادا ان الامر سينتهي عند هذا الحد، لكن صمود سوريا قلب المعادلة وأعاد توجيه السهم لصدر من أطلقه.
اما في ما يتعلق بزيارة الرئيس السوداني الى سوريا ورمزيتها فأجاب محدثنا بالقول :«هناك احكام دولية، صادرة بحق البشير تجعله واقعا تحت تهديد الاعتراض او الاعتقال، لذلك فان وصوله الى دمشق وكأول رئيس عربي بعد فرض الحصار عليها. يحتاج الى ترتيبات وضمانات معقدة».
اما عن التوقيت الزمني للزيارة اجاب بالقول :«تأتي الزيارة وسوريا تكاد تغلق العام الثامن من مواجهة قوى العدوان الكوني عليها. لم يطأ ارضها أي رئيس عربي حتى أولئك الذين بقوا على مسافة من قوى العدوان. والتوقيت السياسي حيث تأتي في وقت زحف التطبيع عربيا، وقيام جار السودان اللدود رئيس التشاد بزيارة اسرائيل وسماحه لطيرانها بعبور أجواء بلاده، وتصريح نتنياهو بان السودان محطة قادمة على جدول اعماله. الامر الذي دفع بعض مسؤوليها للرد بتصريح مضاد ينفي دخول السودان هذا المسار. ومن ناحية ثانية استعداد دول عربية لفتح سفاراتها المغلقة في دمشق ومنها الامارات.
وفتح معبر نصيب مع الأردن والتهيؤ لإعادة اعمار سورية. وحالة الارتباك والتخبط التي قوى العدوان على سورية بشكل عام والسعودية بشكل خاص».
وقال انه من الاهمية بمكان تسليط الضوء على المواقف التي تلفظ بها وهي ذات دلالة هامة. حيث أكد ان سوريا دولة مواجهة واضعافها يعني اضعافا للقضايا العربية وما حدث فيها لا يمكن فصله عن هذا الواقع. وأنها وبالرغم من الحرب بقيت متمسكة بثوابت الأمة العربية ووقوف بلاده إلى جانب سوريا وأمنها واستعدادها لتقديم ما يمكنها لدعم وحدة أراضي سوريا.
ويضيف الباحث السياسي بالقول :«ان ذلك يقود الى الاستنتاج بان البشير كان مبادرا بفكرة الزيارة لأسباب تتعلق بادراك مسار التغيير ومستفيدا من قبوله سوريا. لاسيما وان السودان لم تقطع علاقاتها السياسية والاقتصادية مع سوريا، وكان لشركاتها حضور واضح في معرض إعادة اعمار سوريا. ومن الجدير بالذكر ان زيارة الوفد الاقتصادي السوداني الى دمشق العام الماضي أتت في هذا السياق. وفي هذا السياق ايضا حُمل برسالة فصار وسيطا أيضا. لكنه لم يلغ ذاته بدليل ان المواقف التي أطلقها هي مواقف حسم اتجاه وليست مواقف تفاوض. وهي تتجاوز سقف الطرف الاخر بكثير. لقد شكلت كسرا لإحدى حلقات الحصار على سوريا وارضية لاستعادة دورها العربي وهو الامر الذي التقطته الخارجية الروسية التي عبرت عن ترحيبها بها». فالزيارة شكلت اقرارا بتصدر النظام السوري المشهد بعد صموده وان هناك معادلة جديدة تتطلب ترتيبات خاصة اقليميا ودوليا للتعامل مع المستجدات الحاصلة .