إتفاق بريطاني أوروبي حول مشروع البريكست: استقالة 4 وزراء و غضب في صفوف الأحزاب والنواب يهدد حكومة تريزا ماي

صادقت الحكومة البريطانية على مشروع الاتفاق حول البريكست المبرم بين فريقي التفاوض

بعد تقلبات عدة في المواقف أدت في الأخير إلى «توافق» حول مسألة الحدود الأيرلندية و المرحلة الانتقالية التي شكلت حجر الزاوية في المفاوضات الأخيرة. و بعد نقاش دام 5 ساعات أقرت حكومة تريزا ماي المشروع على أن يتم تحويله للبرلمان للمصادقة النهائية. في نفس الوقت أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك عن انعقاد مجلس أوروبي خارق للعادة يوم الأحد 25 نوفمبر للمصادقة الجماعية على النص النهائي.

مشروع الإتفاق واجهته معارضة 10 من وزراء حكومة تريزا ماي (ثلث الأعضاء). لكن ماي صرحت أن «هذا الاتفاق ، الذي يكرس نتائج الاستفتاء، يمنحنا استرجاع التحكم في عملتنا و قوانيننا و حدودنا، وينهي التنقل الحر و يدعم التشغيل والأمن ووحدتنا. في المقابل نخرج بدون اتفاق أو بدون خروج بالمرة.» و أضافت أنها «واعية بأن الأيام القادمة سوف تكون صعبة»، في تلميح للمعارضة الشرسة من قبل الرافضين لأوروبا في صلب حزب المحافظين و في البرلمان. من ناحيته اعتبر كبير المفوضين الأوروبيين ميشال بارنيي أن «خطوات حاسمة» تم تسجيلها خلال المفاوضات و أن «هنالك عمل كبير ينتظرنا» .

محتوى مشروع الإتفاق
الاتفاق يحتوي على 585 صفحة تنص على كل الجوانب المتعلقة بالطلاق و بالمرحلة الانتقالية بما في ذلك البعد الأمني و العسكري في جبل طارق و في قبرص. و كانت مسألة الحدود بين أيرلندا الشمالية و جمهورية أيرلندا أهم العقبات أمام التوصل إلى اتفاق نهائي. وتوصل فريقا التفاوض إلى حل وسط، بتقديم تنازلات من الطرفين، في خمس مسائل عالقة مكنت من تقديم مشروع متكامل للمصادقة. أهم نقطة تعلقت بتشكيل « شبكة أمنية» تمثلت في «مساحة جمركية موحدة» بين الإتحاد الأوروبي وأيرلندا تسمح بتبادل البضائع بين الطرفين دون فرض حدود بين البلدين على أن تلتزم لندن بالقوانين الأوروبية و بقرارات المحكمة العليا الأوروبية خلال المرحلة الانتقالية التي تمتد إلى نهاية جوان 2020 على أن يقرر الطرفان بعد ذلك مستقبل العلاقة بين الأيرلنديتين.
البند الأخر تعلق بالمرحلة الانتقالية المقررة إلى 31 ديسمبر 2020 التي يمكن تمديدها باتفاق مشترك. و اتفق الطرفان على تمكين المواطنين الأوروبيين و البريطانيين المقيمين، و عددهم يفوق 4 ملايين مواطن، بحقوقهم كاملة بما في ذلك العمل و التمتع بالإحاطة الاجتماعية. كما وافقت بريطانيا على دفع حصتها المالية للطلاق المقدرة ب 45 مليار يورو.

موجة استقالات ومعارضة
و قوبل الإتفاق بموجة من المعارضة شملت أعضاء في الحكومة و في البرلمان و الأحزاب. و ذكرت الصحف البريطانية أن عدد الوزراء الذين صرحوا بمعارضتهم للإتفاق فاق عشرة وزراء من بينهم وزراء الداخلية و الدفاع والخارجية. و قرر عدد من الوزراء الاستقالة إثر مصادقة الحكومة على مشروع الإتفاق، على رأسهم الوزير المكلف بالتفاوض دومينيك راد و كاتبة الدولة إست رماك فاي و وزير النقل جو جونسن و الوزير الكملف بأيرلندا شايليش فارا . زلزال سياسي جارف يمكن أن يهز استقرار حكومة تريزا ماي التي شهدت منذ تشكيلها استقالة أكثر من 20 وزيرا.

السبب الرئيسي وراء موجة الاستقالات يرجع للشعور السائد بأن رئيسة الوزراء تخلت عن وعودها التي عبرت عنها بعد الإستفتاء على البريكست و التي تعتبر صمام الأمان لحكمها. فقد وعدت تريزا ماي في جوان 2016 أن تخرج بريطانيا من السوق المشتركة والإتحاد الجمركي و أن تتحرر من المحكمة الأوروبية. لكنها ، في آخر المطاف، قبلت بكل ذلك في مشروع الإتفاق وهو ما خلف الشعور بخيبة الأمل و، ضمن بعض الجهات، بـ«خيانة» تريزا ماي لوعودها.

الخطر بالنسبة للوزيرة الأولى يكمن في حزبها الذي انشق بين مساند و معارض ، خاصة أن بوريس جونسن وزير الخارجية السابق المستقيل نشر الحرب ضدها للإطاحة بحكمها و فرض أجندة المعارضين لأوروبا. حسب الملاحظين في لندن 30 إلى 40 نائبا عازمون على التصويت ضد القرار في البرلمان. المعارضة السياسية أعلنت موقفها عبر طوني بلار، الوزير الأول السابق، الذي اعتبر أن الإتفاق «ليس وفاقا بل استسلاما» بالنسبة لبريطانيا أمام القرار الأوروبي. لكن تريزا ماي تخشى أكثر موقف اسكتلندا التي صوتت لفائدة البقاء في أوروبا والتي أعلنت على صوت وزيرتها الأولى نيكولا ستورجون أن الإتفاق « أتعس سيناريو ممكن» و أنه «سوف ينسف الاستثمار والتشغيل في اسكتلندا» بعد الإبقاء على ايرلندا داخل الفضاء الأوروبي.

كرسي الحكومة في الميزان
ذكرت بعض التقارير أن النواب المحافظين المعارضين لمخططات تريزا ماي أصبحوا يجهزون قواتهم للإطاحة بتريزا ماي. و قد تولى السارغراهام برادي رئيس هيئة 1922 للنواب المحافظين تقبل رسائل من 47 نائبا يطالبون بعزل الوزيرة الأولى. و حسب القانون الداخلي للحزب ، يتم عزل الوزير الأول في صورة تحصل المعارضين على 50 رسالة. آخر

الأنباء تشير إلى تحرك مجموعة الباحثين الأوروبيين تحت رئاسة جاكوب ريس موغ لتشكيل جبهة ضد تريزا ماي. وقام هذا الأخير بإرسال نداء إلى زملائه في البرلمان معبرا فيه عن رأيه أن مضمون الإتفاق لا يرقى إلى خطاب تريزا ماي الضامن لمصالح بريطانيا التي «سوف تقدم 39 مليار جنيه مقابل لا شيء».

الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بعد الجدل حول فشل المفاوضات الذي شد الرأي العام منذ أسبوعين أجج الجدل من جديد حول المطالبة باستفتاء ثان حول البريكست لتمكين الشعب البريطاني من قول رأيه في مشروع الاتفاق. و قامت صحيفة «الإندبندنت» اللندنية بنشر نداء في الخصوص تحصل على مليون توقيع إلى حد اليوم. في نفس الوقت شرعت الحكومات الأوروبية في دراسة نص الإتفاق. و أعربت بعض الدول منها فرنسا وهولندا على بعض التحفظات. وهو ما يشير إلى أن طريق الخلاص لا تزال طويلة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115