إيطاليا في مواجهة المفوضية الأوروبية؟ الحكومة الإيطالية تقرر عدم التراجع عن ميزانيتها وتستعد للأزمة مع أوروبا

قررت الحكومة الإيطالية عدم تنقيح مشروع ميزانيتها لعام 2019 و التي كانت المفوضية الأوروبية قد

رفضته بداية شهر نوفمبر، في خطوة غير مسبوقة، و طالبت إيطاليا بإعادة النظر فيه. جاء الرد الإيطالي في رسالة رسمية وجهها جيوفاني تريا وزير الإقتصاد إلى نائب رئيس المفوضية فالديس دومبروفسكيس و المفوض الأوروبي بيار موسكوفيسي أكد فيها على تمسك إيطاليا بأرقام الموازنة المقدمة و طالب المفوضية بشيء من «المرونة» و بالأخذ بعين الاعتبار «الظروف الخارقة للعادة» المتأتية من انهيار جسر جنوة و الفيضانات الأخيرة.

اعتبر لودجي دي مايو نائب رئيس الحكومة أن «الميزانية لن تتغير، لا في أرقامها و لا في نسبة النمو. نحن نعتقد أن البلاد في حاجة إلى هذه الميزانية لتنطلق من جديد». و أكد ماتيو سالفيني نائب رئيس الحكومة الثاني على عزم الحكومة على «العمل من أجل ميزانية تضمن عددا أكبر من مواطن الشغل و من حق التقاعد و من تخفيض في الأداء». وأضاف متحديا المفوضية:«إن كان ذلك يناسب أوروبا فلا بأس، و إن لم يناسب ذلك أوروبا فنحن مواصلون لا محالة».

وجه الخلاف بين الجانبين تمحور حول تقييم السياسات الإيطالية حسب الأرقام الواردة في الميزانية. اعتبرت المفوضية أن الحكومة الإيطالية أقرت نسبة عجز ب 4،2 % في حين تقدمت بمقترح في شهر جويلية لا يفوق 8 ،0 % و أن الرقم المسجل قابل للارتفاع. أما في شأن نسبة النمو، فتعتبر المفوضية أن نمو الاقتصاد الإيطالي لن يفوق 1 % للعام القادم خلافا للرقم المدرج (5 ،1 %) في الميزانية. و اعتبرت المفوضية أن ذلك يشكل خطرا على التوازنات العامة و على النظام البنكي. وهو ما يشكل خطرا على منطقة اليورو وعلى النظام المالي الأوروبي عموما.

والتحق بالإنتقادات الأوروبية للميزانية الإيطالية كل من صندوق النقد الدولي و البنك المركزي الأوروبي ووكالات التقييم الدولية وكذلك البنك المركزي الإيطالي ومعهد الإحصاء الإيطالي ودائرة الحسابات. كلها أقرت بأن الأرقام المدرجة غير واقعية. و أكد صندوق النقد الدولي أنه يتوقع ارتفاعا في نسبة نمو الاقتصاد الأوروبي لا تفوق 1 % بين 2018 و 2020 وأن العجز المنتظر يصل إلى 75 ،2 % عام 2019 ليصل إلى 9 ،2 % عام 2021. وأضاف الصندوق أن الرفع في جرايات التقاعد على نسبة 100 % سوف يضعف كاهل الأجيال القادمة ولن يكون له أثر على التشغيل كما تتوقع الحكومة الإيطالية.

معركة سياسية
بعيدا عن الجدل حول الأرقام، أقرت الصحف الإيطالية أن الاتفاق بين حركة 5 نجوم و حزب الرابطة، الشريكين في الحكم، يهدف في الأساس، عبر مسألة الميزانية، إلى الدخول في معركة مفتوحة مع المفوضية الأوروبية علما وأن التراتيب الأوروبية المشتركة تقر عقوبات ضد الدول الأعضاء في صورة عدم الالتزام بالقوانين المشتركة. في صورة أقدمت المفوضية على مسار معاقبة إيطاليا فسوف تسلط عليها عقوبة مالية قدرت ب 4،3 مليار يورو. لكن الملاحظين لا يعطون سيناريو العقوبات قدرا من الواقعية. بل يرجحون دخول المفوضية في عملية «توافق» و لو نسبي للخروج من الأزمة مع مواصلة مراقبة الموازنات للأشهر القادمة.

لكن أجندة الحكومة الإيطالية الشعبوية تراهن على مواصلة الأزمة إلى ما بعد موعد الانتخابات الأوروبية في ربيع 2019 والتي تشكل موعدا حاسما لفرض الأفكار الرافضة لدور المفوضية على الساحة السياسية الأوروبية و تجنيد الطاقات و الناخبين في شتى البلدان الأوروبية ضدها. من ناحيتها، تجد المفوضية نفسها أمام تجديد طاقمها بعد الانتخابات و تعيين مفوضين جدد يخلفون الذين قاموا بالتفاوض مع إيطاليا. وهو ما سوف يستغله الثنائي الشعبوي الحاكم في روما لتمرير توجهاته المعادية للمركزية الأوروبية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115