حين احتفظ الجمهوريون بمجلس الشيوخ مع تعزيز عدد مقاعدهم (51 مقابل 45). نتيجة اعتبرها الملاحظون انتصارا نسبيا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قام بأكثر من 30 اجتماعا جماهيريا في مختلف الولايات لمساندة المرشحين الجمهوريين لمجلس الشيوخ. و سجلت هذه الإنتخابات النصفية أرقاما قياسية في عدد الناخبين (131 مليون) و عدد النساء اللاتي التحقت بالكونغرس (100).
هذه الإنتخابات شملت كذلك انتخاب 36 واليا جديدا و كل رؤساء الشرطة (شريف) و القضاة المحليين في كل الولايات. وتعتبر هذه المرحلة هامة في تخطيط الدوائر الانتخابية القادمة التي سوف يقررها الولاة الجدد فيما يتعلق بالانتخابات القادمة للعشر سنوات القادمة. وهو ما يمكن الولاة من التأثير على نتائج الأصوات مسبقا بتغيير محيط الدوائر الانتخابية لفائدة حزب أو آخر. لكن خسارة ولايات بانسيلفانيا و ميشيغان وويسكونسين من قبل ترامب ، و التي مكنته من الفوز على هيلاري كلينتن، تشكل ناقوس خطر في سيناريو إعادة انتخابه عام 2020.
احتفاظ دونالد ترامب بمجلس الشيوخ يعتبر خطوة هامة في هذه الانتخابات التي أرادها الرئيس الأمريكي استفتاء حول شخصه. سوف يسمح له ذلك بالمضي قدما في التغييرات الجوهرية التي أعلنها من قبل ، و خاصة التسميات المقبلة لعدد من القضاة الفدراليين و القضاة في المحكمة العليا. و لن يغير فوز الديمقراطيين بمجلس النواب من قدرة الرئيس على مواصلة حملته ضد المعاهدات الدولية و فرضه عقوبات و رسوم جمركية إضافية على المواد المستوردة من البلدان المنافسة للولايات المتحدة الأمريكية. من ناحية أخرى، أشارت النتائج إلى تمكن الرئيس ترامب من التحكم في الحزب الجمهوري بعد نجاح عدد كبير من مناصريه من حركة «تي بارتي» اليمينية التي أصبحت تتحكم في مفاصل الحزب و الحكومة على حساب الطبقة السياسية التقليدية التي أدارت الحزب منذ عقود.
موجة زرقاء تجاه الحائط الأحمر
نتائج الانتخابات النصفية كرست تقاسم السلطة بين الحزبين و «تعايش نسبي» بين حكومة دونالد ترامب و الديمقراطيين. و لو أن الحزب الديمقراطي (اللون الأزرق) لم يتمكن من فرض موجة زرقاء شاملة في الكونغرس فإنه بإمكانه الاعتراض على مشاريع قوانين في المستقبل لم يقبل بها قبل الانتخابات مثل بناء الحائط العازل على الحدود المكسيكية و القوانين الخاصة بالصحة و التعليم و التجهيز و المالية.
لكن الديمقراطيين لن يكون لهم شأن في السياسة الخارجية و التعيينات الأساسية في الدولة. لذلك أعلنت نانسي بيلوزي، زعيمة الديمقراطيين في الكونغرس، عن عزمها التعاون مع البيت الأبيض في شأن القوانين «الاجتماعية» الجديدة لصالح الفئات الضعيفة. ذلك ما سوف يحدده تقاسم السلطة في الكونغرس و نية الرئيس ترامب التعاون مع الديمقراطيين من عدمه.
وجوه جديدة
في كل الولايات الأمريكية برزت وجوه جديدة نابعة من الأقليات العرقية و الدينية خاصة من تلك التي تنتمي للحزب الديمقراطي الذي وجد في هذه المناسبة الانتخابية فرصة للاستفاقة بعد هزيمة المرشحة هيلاري كلينتن أمام دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية تدخل للكونغرس 100 نائبة و عدد من الوجوه النسائية التي تمثل الأمريكان الأصليين و المسلمين والسود. و نجح بعض المرشحين الديمقراطيين من ذوي الميولات الجنسية في الحصول على مقعد في مجلس النواب.
هذه الوجوه هي، في الأخير، حصيلة الموجة العارمة التي صاحبت حملة «مي تو» المنددة بانتهاكات حقوق المرأة و التي اندلعت في هوليود مع فضيحة المنتج السينمائي وايستين و كذلك ردا على التصريحات النابية للرئيس ترامب ضد المسلمين و السود و المكسيكيين و الأمريكيين الجنوبيين و غيرهم من الأقليات . وتمركزت المساندة للرئيس ترامب في البيض من غير الجامعيين (61 %) الذين يسكنون الأرياف. أما ساكنو المدن و ضواحيها فقد التحقوا بأعداد غير مسبوقة بالحزب الديمقراطي الذي أظهر استفاقة يمكن أن تترجم في تشكيل قيادات سياسية جديدة تخلف تلك التي قادت الحزب في العقود الماضية.
بضع ساعات بعد التصريح بالنتائج الأولية، وفي خضم احتفال الديمقراطيين والجمهوريين بنجاحاتهم ، أعلن مساعدو الرئيس ترامب دخول البيت الأبيض في الحملة الرئاسية القادمة و تجهيز كل الموارد للحفاظ على النجاح الحالي و العمل على توسيع قاعدة المساندين للرئيس. في نفس الوقت بدأ الحديث في وسائل الإعلام الأمريكية على من سيقود الحزب الديمقراطي في الكونغرس واستعراض الوجوه المرشحة لقيادة الحزب في الانتخابات الرئاسية القادمة.