ظل الاضطرابات التي تشهدها المنطقة . ويأتي ذلك بعد حكم صادر من أعلى محكمة بالأمم المتحدة، يقضي بان ترفع الولايات المتحدة العقوبات عن إيران. وهذا الحكم مؤقت بانتظار ان تحسم محكمة العدل الدولية القضية الكاملة المقدمة من إيران ضد الولايات المتحدة. وتتضمن المعاهدة الامريكية الايرانية الملغاة 23 مادة، تنص على إقامة علاقات سلام وصداقة بين البلدين، والسماح لرعايا الدولتين بالدخول إلى أراضي البلدين والإقامة بها، بهدف التجارة لتعزيز التعاون التجاري، وإقامة علاقات اقتصادية وحقوق قنصلية بين البلدين.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو ماذا بعد انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصداقة مع ايران وما تبعات هذا الصراع الأمريكي الإيراني على المنطقة؟ يؤكد الباحث السياسي اللبناني هادي قبيسي ان هذا إجراء شكلي ليس له تبعات، فالموقف الأمريكي من الجمهورية الإسلامية في إيران موقف ثابت منذ قبل انتصار الثورة عام 1979 ويتعلق بالوجهة الإستقلالية للنظام ما بعد سقوط الملكية البهلوية والتزامه مواجهة الكيان الصهيوني، وهذا الإنسحاب تعبير عن وصول الصراع إلى الساحة القانونية الدولية، وعجز الدبلوماسية الأمريكية عن تأطير حركتها العدائية تجاه إيران في قالب قانوني مقبول دولياً.
اما عن قواعد الاشتباك الجديدة فأجاب محدثنا بالقول :«بالطبع لم تتأثر قواعد الإشتباك الأمريكية الإيرانية بهذا الإجراء، وإنما العامل الشديد التأثير هو فشل العقوبات الأمريكية في تجويف قيمة العملة المحلية الإيرانية، وهذا ما سيدفع الأمريكي إلى الدخول في البحث عن خيارات أخرى، وتغيير المقاربة في المواجهة المقبلة خلال عام 2019.»
وما تأثير ذلك على الداخل الايراني ؟ يجيب قبيسي بالقول :«الأمريكي كان يراهن على العقوبات والدعاية العامة والشعبية لخلق حالة نفسية واجتماعية واقتصادية سلبية داخل المجتمع الإيراني، بحيث تنهار الثقة بالعملة وبالإقتصاد الوطني تحت الضغوط، أما وقد فشل هذا البرنامج إلى حد بعيد، واستعادت العملة الإيرانية قيمتها في مدة وجيزة، فإن الإنسحاب من معاهدة الصداقة التي لا تطبق أمريكا منها شيئاً منذ انتصار الثورة، فلا أثر له يذكر، وإنما هو رد فعل انتقامي على خسارة الدفاع الأمريكي أمام المرافعة الإيرانية في محكمة العدل الدولية.»
وبخصوص قرار محكمة العدل الدولية حول الشكوى المقدمة من ايران ضد واشنطن فقد اعتبر محدثنا ان الدبلوماسية الإيرانية نجحت في محاصرة الولايات المتحدة قانونياً وإعلامياً بعد نجاح الشكوى وإعلان محكمة العدل الدولية مجموعة من المطالب الناتجة عن تلك الشكوى، والتي تتضمن في العنوان العريض رفع العقوبات غير القانونية عن النظام والشعب الإيراني، وهذا يعد جزءاً من التراكم في العزلة الأمريكية فيما يتعلق بالقضية الإيرانية، بعد الموقف الروسي والصيني، والذين تبعهما موقف ماكرون الفرنسي الحاد المتمنع لأخذ ترامب الكل إلى معركة يربح فيها وحيداً ضد إيران، ويخسر الجميع.