لمساندة الحكومة الجديدة في جهدها لحل الأزمة بين مدريد و برشلونة .منذ أن تقلد الإشتراكي بيدرو سانشيز رئاسة الحكومة الإسبانية خلفا لماريانو راخوي، أخذت الحكومة الإسبانية حزمة من الإجراءات تهدف إلى ربط الصلة مع زعماء كتالونيا الانعزاليين من أجل التوصل لاحقا لحل يرضي جميع الأطراف. وصول سانشيز إلى سدة الحكم لم يكن ممكنا دون مساندة انفصاليي كتالونيا في البرلمان وهو ما مكن الاشتراكيين من تشكيل حكومة أقلية تحاول شق طريقها الوعر بنجاح.
قرار العدالة الإسبانية الذي يبطل التتبع في الخارج فقط هو لبنة في سلسلة من التحركات قامت بها الحكومة الجديدة بعد أن صرح رئيسها بيدرو سانشيز، إثر توليه الحكم، عزمه فتح صفحة حوار مع الحكومة الإقليمية المنتخبة في برشلونة. أول إجراء يرد إيجابيا على مطالب الانفصاليين، سجل يوم 4 جويلية، هو تحويل المساجين، الذي تم إيقافهم في ملف تنظيم الاستفتاء على الاستقلال، إلى سجون في كتالونيا قرب عائلاتهم. فتح هذا الإجراء الباب أمام حوار رصين بين الطرفين أفضى إلى استجابة رئيس كتالونيا الجديد الإنفصالي كيم طورا للدعوة التي ألقاها بيدرو سانشيز له بلقائه في مدريد. وجد اللقاء يوم 9 جويلية في قصر المونكلوا ،الذي لم يشهد لقاء مماثلا منذ عامين، في أجواء وصفت ب «الودية» و اتسمت بالصراحة بين الجانبين.
فتح طريق جديدة
لقاء المونكلوا يوم 9 جويلية فتح الباب أمام المصارحة بين الجانبين بالمواقف المختلفة التي يمكن أن يبنى حولها توافق. من ناحية رئيس الوزراء المهم كان التأكيد على وحدة المملكة الترابية و سيادة الدولة على أراضيها، وأنه يريد تقديم «جوابا سياسيا لأزمة سياسية». وأعرب سانشيز عن استعداده استئناف الحوار مع قادة كتالونيا المعلق منذ 2011 مع مدريد. أما كيم طورا، المعروف بميله الواضح للأطروحات الاستقلالية ، فقد عبر عن قناعاته بصراحة، خاصة تمسكه بـ«حق تقرير المصير» لكاتالونيا. لكن بيدرو سانشيز اعتبر أن هذا الحق «لا يوجد في الدستور الإسباني».
و اعتبر الملاحظون في اسبانيا أن اللقاء الذي دام ساعتين و نصف شمل مجمل المسائل العالقة و دار في أجواء غير متشنجة، اعتبرت عملية كسر الجليد بين الطرفين. وهو ما يفتح إمكانيات حوار شامل ثم مفاوضات حول مفهوم «الحكم الذاتي « أي توسيع رقعة الحكم الذاتي الحالي بمنح برشلونة سلطات إضافية ترضي أغلبية الناخبين في كتالونيا. لكن هذه الطريق وعرة و شائكة لما لها من معارضين في مدريد و برشلونة. بيدرو سانشيز أظهر استعداده للتموقع كرئيس كل الإسبان باتخاذه قرار سحب الطعون لدى المحكمة الدستورية التي تقدم بها ماريانو راخوي لإبطال قرارات كتالونيا منح حق التداوي للجميع في المستشفيات العمومية وإعانة المواطنين غير القادرين على سد فاتورات الكهرباء و التدفئة. إجراءات «شعبية» هي في الحقيقة رسالة مباشرة للمواطنين من رئيس وزراء شاب يريد سلوك طرق جديدة بعيدة عن الخلافات السابقة.
في الظروف الحالية اتفق الطرفان على إعادة إحياء اللجان القطاعية للحوار بين مدريد وبرشلونة، المشلولة منذ 2011، والدخول في نقاش حول مواضيع البنية التحتية و إعانة المعوقين و تمويل ميزانية الإقليم. وهو ما اعتبره الشق اليميني للاستقلاليين في كتالونيا تخليا عن مبدأ الاستقلال وقبولا بالحكم الذاتي المحدود. المعارضون لمشروع الحوار الوطني بين مدريد و برشلونة ينتظرون انتخاب الزعيم الجديد للحزب الشعبي لتكييف مواقفهم. مصير حزب راخوي لن يكون له نفس اللون مع انتخاب السيدة سورايا سنتامارية نائبة الوزير الأول السابق المعروفة باعتدال مواقفها، أو فوز بابلو كازادو الوجه الشاب الصاعد الذي يعتزم إعادة هيكلة الحزب إيديولوجيا ليتموقع حول المبادئ المحافظة التقليدية. في الحالتين سوف يكون للحزب شأن في قضية كتالونيا التي كانت سبب سقوط راخوي و خروج الحزب من الحكومة، خاصة أن حكومة بيدرو سانشيز ليس لها أغلبية واضحة في البرلمان.
مع فتح باب جديد بين مدريد وبرشلونة، أظهر استطلاع رأي قامت به صحيفة «البيريوديكو» الكتالونية والمسجل يوم 8 جويلية، أن 5،21 % من الكتالونيين يساندون «البحث عن الاستقلال من أجل إرساء الجمهورية» في حين ان 62 % يرغبون في «التفاوض من أجل تحسين الحكم الذاتي». أرقام تشير إلى تغير في العقلية و استعداد لدخول مرحلة جديدة يمكن ،إن توفرت الإرادة السياسية، أن تفضي إلى «استقلال داخلي» في صلب المملكة و ذلك بعد تنقيح الدستور الإسباني.