الأوروبية، في فرنسا وإيطاليا وبلجيكا واسبانيا بالتحديد. ولم تعر كل الصحف اهتماما لهذا الحدث بل في كل بلد استقطب الحدث أنظار عدد قليل من وسائل الإعلام. لكن الانتخابات التشريعية اللبنانية التي نظمت في نفس اليوم كانت محل أنظار جل وسائل الإعلام الأوروبية. ولم تحظ الانتخابات البلدية باهتمام وسائل الإعلام في الولايات المتحدة وبريطانيا وجلّ الدول البلدان الأوروبية.
اهتمام وسائل الإعلام لبعض البلدان الأوروبية بالانتخابات البلدية التونسية راجع لتواجد جالية تونسية هامة في كل من فرنسا وإيطاليا وبلجيكا خاصة واهتمام هذه البلدان بما يجري على المستوى المحلي في مختلف البلديات لما لذلك من تأثير على مجرى الأحداث للمناطق التي توجد فيها شركات أجنبية تابعة لتلك الدول.
الشيء الملحوظ هو إعتماد كل الصحف الأجنبية على الأرقام الأولية التي تقدمت بها الهيئة المستقلة للانتخابات. بعض الصحف ذكرت كذلك أرقام مؤسسة «سيغما» لسبر الآراء. في مجملها اعتبرت الصحافة العالمية أن تونس تواصل، بالرغم من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، مسيرتها في التحول الديمقراطي . وأجمعت كل الصحف على خصوصية التجربة التونسية في اعتماد التناصف ومشاركة أكثر من 25 ألف مترشحة في الانتخابات، وهي تجربة فريدة من نوعها في العالم العربي والإسلامي.
عزوف الناخبين
اعتبرت جريدة «لوموند» الفرنسية أن « نسبة العزوف تشوش على الانتقال الديمقراطي» خاصة أن ذلك ناتج عن «الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية مثل البطالة و التضخم و تدهور الدينار و تداين الدولة ، وهو الشيء الذي لم تقدر الحكومات المختلفة منذ 2011 على التصدي له». وركزت جريدة «لوفيغارو» و جريدة «ليبراسيون» على عدم مشاركة الشباب في الانتخابات و اعتبرت أن ذلك يفسر بعدم الثقة الواضح تجاه الطبقة السياسية و الأحزاب الحاكمة أو المعارضة.
هزيمة نداء تونس
ركزت صحيفة «لوموند» على فشل حزب نداء تونس في تصدر الانتخابات و أن ذلك «سوف يرفع نسبة الضغوطات على الوزير الأول يوسف الشاهد الذي له مشاكل مع أصدقائه في الحزب» و أن «أي تغيير بعد الانتخابات سوف يأخذ بعين الاعتبار رأي حركة النهضة، الحليف السياسي في الحكومة». واعتبرت «ليبراسيون» و «لوفيغارو» أن هزيمة نداء تونس هي انتصار للإسلاميين الذين «سوف يجدون موقعا دائما في المشهد السياسي». هذا الاستنتاج يقر بالدور المتجدد للحركة الإسلامية مع مراقبة المتغيرات في المشهد، خاصة ، حسب «ليبراسيون» بروز القائمات المستقلة و تصدرها النتائج.
أول امرأة «شيخ المدينة» في العاصمة
بالنسبة للصحف الإيطالية والإسبانية مثل «لا ليبر بلجيك» و«إل موندو» المهم هو المشاركة النسائية بحكم اعتماد المناصفة. واعتبرت هذه الصحف أن المشاركة النسائية هي عنوان للتغيير الحقيقي في مرحلة الانتقال الديمقراطي. وسجلت هذه الصحف مشاركة أكثر من 25 ألف مترشحة وتصدر النساء لقائمات عديدة لها حظ وافر لتقديم نساء على رأس البلديات.
و استفردت مدينة تونس باهتمام الصحف حيث ذكرت أن نجاح قائمة النهضة التي تترأسها سعاد عبد الرحيم يمكنها من ترؤس المجلس البلدي. و قدت للقراء معلومات خاصة بشخصية المرشحة مؤكدة على أنها صيدلية عمرها 53 سنة لا ترتدي الحجاب و هي تعطي للحركة صورة «حداثية» . لكن هذه الصحف لم تستثني ازدواج الخطاب واستغلال شخص سعاد عبد الرحيم ، التي كانت ترتدي الحجاب، لآغراض انتخابية. وذكرت أن سعاد عبد الرحيم أعلنت أن ذلك يرجع لحريتها الشخصية وأنها لن تستثني يوما ارتداء الحجاب.
و ذكرت هذه الصحف الأوروبية بتصريحات زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي الذي اعتبر أن «التوافق بين النداء و النهضة هو المنتصر الأساسي في الانتخابات البلدية» و أن هذا التوافق سوف يستمر لضمان الاستقرار في البلاد. و ذكرت كذلك بتصريح الوزير الأول يوسف الشاهد الذي اعتبر أن عزوف الناخبين «مؤشر سلبي و رسالة قوية للمسؤولين السياسيين» مفسرة ذلك بتخوفه من تأثير ذلك على الانتخابات الرئاسية و التشريعية القادمة عام 2019.