استمرار الاقتتال يُعرقل الالتزام: هدنة الغوطة الشرقية في سوريا والتجاذبات الخارجية

دخلت هدنة الغوطة التي تم اقرارها بقرار من مجلس الامن السبت حيز التنفيذ في سوريا،

إلاّ أنّ وقف اطلاق النار لم يدخل حيز التنفيذ رغم ان الخطوة الاممية تقضي بوقف الاقتتال لمدّة 30 يوما «فورا». وفيما يتواصل القصف على المدينة ذات الأهميّة الاستراتيجيّة والسياسيّة البالغة ، تتهاطل ردود الفعل الدولية ايضا داعية الى الالتزام بالهدنة خاصة وان المشهد الانساني في الغوطة الشرقية من بين اكثر الاوضاع دموية منذ اندلاع الصراع السوري .

من جهته اكد النظام السوري وحلفاؤه ان الهدنة لاتشمل «عمليات الجيش السوري المدعوم من قبل روسيا ضد تنظيم «داعش» وجبهة النصرة والمجموعات التي تتعاون معهما». وتحمل الغوطة الشرقية اهمية استراتيجية على كافّة الأصعدة ولكافة الاطراف المعنية بالصراع الدائر في سوريا . اذ يرى مراقبون ان بلدة «العبادة» وهي المنفذ الرئيسي للغوطة الشرقية- التي تضم 10 الاف نسمة - تحمل اهمية كبيرة باعتبار قربها الجغرافي من العاصمة دمشق . ومن ابين اهم الاسباب التي تجعل من الغوطة محور اهتمام اطراف الصراع في سوريا هو وجود طريق يربط بين عدد من المناطق يتم استغلاله لإجلاء النازحين من دمشق والغوطة الشرقية إلى باقي المحافظات الداخلية وأيضا الى الأردن .علاوة على سهولة إدخال المواد الإغاثية والطبية .كما تؤكد تقارير في الغرض ان بلدة العبادة تعد الشريان الاول والرئيسي لتمرير السلاح والذخائر للجيش الحر . هذا بالاضافة الى وجود طريق عرضي يمر من أطراف بلدة العبادة وهذا الطريق يصل ما بين مطار دمشق الدولي ومطار ضمير ومطار السين مرورا بحران العواميد وبلدة العبادة و العتيبة.ورغم اقرار

الهدنة مساء السبت تتهم الولايات المتحدة الأمريكية ومنظمات حقوقية موسكو ونظام دمشق بالوقوف وراء القصف العنيف في الغوطة الشرقية في ضواحي دمشق، والذي أودى بحياة أكثر من 360 شخصا، من بينهم 150 طفلا، خلال الأيام الماضية.الا ان هذه الاتهامات واجهها نفي روسي رسمي وقالت على لسان سيرغي لافروف وزير الخارجية، إن موسكو عرضت على المسلحين الذين تقاتلهم في الغوطة الشرقية هدنة لإجلائهم مع عائلاتهم، كما حصل في حلب العام الماضي.وأضاف لافروف إن جبهة النصرة وحلفاءها رفضوا العرض الروسي، واستمروا بالقصف من مواقعهم، مستخدمين المدنيين كدروع بشرية وهو ماتؤكده حكومة الاسد في سوريا.
ويرى متابعون انّ ماتشهده الغوطة الشرقية من تصعيد خطير ودام ضد المدنيين يبرز ان السوريين يستمرون في دفع ثمن الصراع السياسي والعسكري المندلع في سوريا منذ سنوات طويلة، وآخرها الاقتتال العنيف الذي تشهده الغوطة ومناطق سورية اخرى مثل عفرين على الحدود السورية التركية .

ورغم تعالي الاصوات الدولية المنادية بضرورة فرض الهدنة والالتزام بها اصدرت روسيا امس بيانا اكدت فيه ان ‹›هدنة لن تبدأ في سوريا الا بعد «اتفاق» كل اطراف النزاع ‹›.وصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي «سيبدأ وقف اطلاق النار بعد ان يتفق جميع أطراف النزاع حول طريقة تطبيقه لضمان توقف الاعمال الحربية بشكل كامل وفي كل انحاء سوريا».وتابع لافروف ان هذه الهدنة «لا تشمل في أي حال اعمال الحكومة السورية التي تدعمها روسيا ضد المجموعات الارهابية مثل تنظيم ‹›داعش» الارهابي وجبهة النصرة وكل المتعاونين معهما».

ويرى متابعون للمعادلة في سوريا انّ من بين اهم اسباب عرقلة التزام الاطراف المعنية بالاتفاق الذي جرى برعاية اممية هو تداخل استراتيجيات الاطراف الدولية المؤثرة في الميدان السوري وتضارب وجهات نظرها . كما يؤكد متابعون ان اتفاق الهدنة منذ بدايته بدا هشا وهو مايعني ان الالتزام به سيكون على المحك ايضا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115