بعد منح ترامب الاتفاق النووي الايراني «فرصة أخيرة»: تضارب الاستراتيجيات بين أمريكا وحلفائها الأوروبيين وطهران ترفض التعديلات

اثار منح الرئيس الامريكي دونالد ترامب امس مهلة اخيرة لإدخال تعديلات على الاتفاق النووي الايراني ردود فعل سلبية

اذ طالب ترامب امس الاول حلفاءه الاوربيين والكونغرس بالعمل معه من أجل إدخال تعديلات على «عيوب مروعة» في الاتفاق مهددا بانسحاب بلاده في حال لم يتم النظر الى المسألة بـ«جدية» .وتأتي تصريحات ترامب لتزيد من الجدل القائم حول الاتفاق النووي الايراني خاصة وان استراتيجية الرئيس الامريكي الصدامية تجاه ايران كانت واضحة منذ توليه الحكم في الولايات المتّحدة الامريكية وما تصريحاته الاخيرة إلاّ تأكيد لتوجه الادارة البيضاوية تجاه طهران.

وقال ترامب انه «يمنح «فرصة أخيرة» للاتفاق النووي الايراني لكن لن يكرّرها’’وهو ما اثار غضبا وانتقادات دولية متزايدة مع العلم ان ادارة ترامب لطالما المحت الى نيتها الانسحاب من الاتفاق النووي المثير للجدل والذي تم توقيعه في عهد الرئيس السابق باراك اوباما سنة 2015 . وفي هذا السياق، قال مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية إن ترامب يريد تشديد الاتفاق النووي بإبرام اتفاق ملحق خلال 120 يوما وإلا ستنسحب الولايات المتحدة بشكل فردي من الاتفاق الدولي. وحدد الرئيس الأمريكي عدة شروط لإصلاح الاتفاق كشرط لبقاء امريكا طرفا فيه. وقال إن على إيران السماح «بالتفتيش الفوري لكل مواقعها التي طلبها المفتشون الدوليون» وأضاف أيضا أن البنود التي تمنع إيران من تخصيب اليورانيوم يجب أن تكون دائمة.كما شدد على ضرورة الربط بين برنامجي الأسلحة النووية والصواريخ بعيدة المدى ليجعل إجراء طهران لاختبارات الصواريخ سببا في فرض «عقوبات صارمة».

ويرى متابعون ان منح ترامب مهلة للاوروبين يمثل شكلا من اشكال الضغط غير المباشر على حلفائه الغربيين للقبول بتعديلات مجحفة في حق ايران ، مع العلم ان تصريحات ترامب لقيت ردود فعل سلبية في مجملها بدءا بموسكو التي اعتبرت أن التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الاتفاق النووي مع إيران «سلبية للغاية».
في حين قالت ايران أن الاتفاق النووي لعام 2015، غير قابل لإعادة التفاوض، وقالت وزارة الخارجية في طهران في بيان امس السبت «الاتفاق النووي، اتفاق مبرم معترف به دوليا، وغير قابل لإعادة التفاوض».وأضاف البيان أن طهران لن تقبل بتغييرات ولا التزامات جديدة.كما قالت وزارة الخارجية الألمانية في بيان إنها سوف «تواصل الدفع من أجل التنفيذ الكامل للاتفاق النووي»، مضيفة أن برلين ستلتقي شركاء أوروبيين لكي تقرر بشكل مشترك كيفية التعامل مع موقف ترامب.

مد وجزر
ولطالما كانت استراتيجيّة الرئيس الامريكي حول الاتفاق النووي الايراني محط جدل واسع النطاق فرغم انه لم يعبّر صراحة عن انسحاب بلاده من الاتفاق إلاّ أنّه اعتمد لهجة شديدة هدّد من خلالها طهران رافضا الاقرار بالتزام طهران بالاتفاق، ومثيرا بذلك قلق الدول الموقعة عليه وفاتحا المجال امام مزيد من التعقيد والتشابك في هذا الملف الحساس .
وفي خطابه منذ شهرين قال ترامب من البيت الابيض انه في ضوء الاتفاق «حصلنا على عمليات تفتيش محدودة مقابل ارجاء قصير المدى ومؤقت لتقدم ايران نحو (امتلاك) السلاح النووي»، متسائلا «ماذا يعني اتفاق يؤدي فقط الى تأخير القدرة النووية لمرحلة قصيرة؟ ان هذا الامر مرفوض بالنسبة الى رئيس الولايات المتّحدة».
يشار إلى انّ العلاقات الامريكية الايرانية شهدت تعقيدا متزايدا منذ قيام طهران بتجربة صاروخية ناجحة في فيفري 2017 ، وهو ما اثار غضب الولايات المتحدة الامريكية وخلق توتّرا متصاعدا وحربا كلامية شرسة بين البلدين.
وكان هذا التصادم السريع بين ادارة ترامب الجديدة وإيران مؤشّرا واضحا على المشهد المُعتم الذي خيم على منطقة الشرق الاوسط وعلى واقع العلاقة بين ادارة ترامب وحكومة روحاني ، اذ يرى متابعون للشأن الدولي ان هذا الجفاء الايراني الامريكي سيكون ذا فائدة لعدة اطراف اقليمية على رأسها المملكة العربية السعودية التي بدأت في التقارب مع الادارة الامريكية الجديدة.

ومع اعتلاء الرئيس الامريكي الجديد سدة الحكم في امريكا وبالنظر الى فريق البيت الابيض الذي شكله بالإضافة الى تصريحاته المتتالية حول ايران وأهمها تصريحه المتكرر أن إدارة سلفه باراك أوباما ألقت طوق النجاة لطهران التي ‘’كانت على شفا الانهيار’’ .ويرى مراقبون انّ سياسة أمريكا تجاه إيران ستشهد تحولا وتصادما كبيرين خصوصا وان ترامب عين جنرالا امريكيا معروفا بعدائه وتخصصه في الشأن الايراني. ويرى متابعون ان هذا الجفاء بين واشنطن وترامب مرتبط بالتقارب بين السعودية وأمريكا على اساس المصالح المتبادلة للطرفين في منطقة الشرق الاوسط ، والذي بدأت ملامحه تتضح اكثر فأكثر في المنطقة ، مع الاشارة الى انّ وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون التقى امس الاول نظيره السعودي عادل الجبير في مقر وزارة الخارجية وهو مايرى مراقبون انه يحمل رسائل متعددة الاتجاهات .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115