ولعل اخر هذه المواقف كان الموقف التركي الاخير الذي اتهم الجانبين الايراني والروسي بدعم حكومة دمشق في معركتها في ادلب ، خاصة وان قوات الجيش السوري تمكنت من التقدم وهو مايثير مخاوف انقرة ويهدد نفوذها في الشمال السوري.
وطالب وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، روسيا وإيران بـ«تنفيذ واجباتهما ومنع هجمات قوات الحكومة السورية في محافظة إدلب»، مضيفا أن الانتهاكات «لا يمكن أن تحدث دون دعمهما».
وقالت أنقرة انها ستعقد اجتماعا بشأن سوريا مع الدول المتفقة في التوجهات مع تركيا، بعد القمة التي تعقد في مدينة سوتشي الروسية لاستضافة مؤتمر الحوار الوطني السوري، أواخر شهر جانفي الجاري.وفي المقابل، طلبت وزارة الدفاع الروسية من تركيا «ضبط الجماعات المسلّحة» في محافظة إدلب، بعد الهجوم على القاعدة العسكرية الروسية في حميميم ،وهو مايؤكّد أن فترة التوافق بين الطرفين التركي من جهة والإيراني الروسي من جهة اخرى قد انتهت لتعود من جديد تركيا لمواقفها المتذبذبة تجاه المعادلة السورية .
ويهدد هذا الموقف مؤتمر سوتشي المقرر انعقاده في روسيا نهاية شهر جانفي الجاري بالتعاون مع ايران وتركيا لإيجاد الطريق نحو التسوية السياسية ، اذ يرى مراقبون ان انقرة ستستعمل مشاركتها في هذا المؤتمر للضغط على الجانبين الروسي والإيراني فيما يتعلق بتقدم الجيش السوري في ادلب الحدودية .
«ابتزاز تركي»
من جانبه قال الكاتب والمحلّل السّياسي السوري محمد نادر العمري لـ«المغرب» انّ تركيا تسعى الى توسيع نفوذها في منطقة الشمال السّوري ، مضيفا انها تحاول -بعد فشل جميع المراهنات السابقة عبر استخدام المجموعات المسلّحة ومايسمى بدرع الفرات توسيع هذا النفوذ - تحاول المحافظة على جبهة النصرة في مناطق خفض التصعيد. وتابع الكاتب السوري» لاسيما انه حتى هذا الاتفاق ينص على محاربة الارهاب في حين وجدنا ان العلاقة العضوية بين تركيا وجبهة النصرة التي قامت بحماية القوات التي دخلت الى الاراضي السوري في شكل عدوان لذلك قامت بإفساح الطريق لها».
واعتبر محدّثنا ان تركيا تريد نقل معركتها مع المكوّن الكردي من الجنوب التركي الى الشمال السوري، كما انها تسعى الى أن يكون لها دور في المشهد السياسي من خلال تواجدها العسكري في الشمال السوري وتكريس المجموعات المسلحة التي هي تابعة بشكل مباشر للإيديولوجية الاخوانية وفق تعبيره .
وتابع العمري انه ‘’ من المعروف ان سلوك تركيا منذ بدء الازمة السورية هو سلوك ابتزازي ،مما يجعل اتهام تركيا لإيران وروسيا اليوم ينصب في اطار الاتهام السياسي خاصة ان تركيا هي التي لم تلتزم باتفاقية مناطق خفض التصعيد من خلال رعايتها لجبهة النصرة وعدم مقاتلتها ، نعم هي تحاول قلب الطاولة وليس فقط في ادلب في عدد من الاستحقاقات الاخرى منها ‘’سوتشي’’ التي تضع فيتو مشاركة الاكراد خلال تدخلها في الشمال السوري هي تعيق العملية السياسية من خلال استمرار دعمها للجماعات المسلحة هذا على الصعيد الداخل السوري
اما على الصعيد الاقليمي فقال محدّثنا ان اردوغان أرسل وزير خارجيته الى السعودية منذ اسبوع في محاولة لإرسال رسائل الى الجانب الروسي الايراني عن محاولة قلب الطاولة وتعزيز العلاقات مع الجانب السعودي فيما يتعلق بالمسالة السورية .
واضاف ‘’نحن نتحدث عن استمرار الدول الاقليمية في عرقلة العمل السياسي ومحاولتها الابتزاز السياسي ولفرض العملية السياسية على سوريا بما يضمن مصالح هذه الاطراف الاقليمية وتوجهاتها’’. مشيرا الى انّ المرحلة القادمة تشابه من حيث المعطيات المرحلة السابقة ولاسيما ان اساس انجاز اي تقدم عملي في المجال السياسي يرتكز على عاملين الاول استمرار الجيش السوري في محاربة الإرهاب بالتوازي مع انتشار ثقافة المصالحات وترسيخها في هذه المناطق المحرّرة بالتوازي مع العمل العسكري، وضرورة ثبات تحالف دمشق مع حلفائها في استمرار بالمشهد الداخلي من خلال دعم العملية السياسية وفق تعبيره.