وجهات النظر بين البلدين فيما يتعلّق بأهمّ الملفات الحارقة التي تهم الطرفين سواء على الصعيد الاقليمي او الدولي . اذ تحيل التطورات والمتغيرات التي تعيش على وقعها المنطقة العربية في الاونة الاخيرة الى ضرورة الوقوف على الادوار التي تلعبها مختلف الاطراف الفاعلة في الشرق الاوسط وأهمها تركيا والسعودية. اذ تتسم العلاقة بين هذين البلدين منذ عقود طويلة بحالة من المد والجزر من المهادنة حينا الى المواجهة احيانا اخرى فيما يتعلق بالملفات التي تؤرّق العالم العربي ولعلّ اخرها قضية القدس ومن قبلها سوريا والعراق .
وأكد يلدريم من العاصمة السعودية الرياض، أنّ زيارته كانت مثمرة للغاية رغم أنها كانت قصيرة ، مضيفا ان ولي العهد السعودي، وزير الدفاع محمد بن سلمان سيزور تركيا في وقت قريب .وأضاف يلدريم أن «تركيا والسعودية دولتان محوريتان بالنسبة لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة على المدى الطويل». وتابع «لذا فإن العمل المشترك بينهما ضرورة من أجل السلام العالمي والإقليمي وليس بالنسبة لهما فحسب».
وأكد يلدريم أن لقاءاته مع المسؤولين السعوديين ركّزت على موضوعين رئيسيين، الأول متعلق بالقضايا الإقليميّة والثاني العلاقات الثنائية بين البلدين.ولفت إلى أنّ اللقاءات تناولت جميع الأوضاع في المنطقة، ولا سيما التطورات في العراق وسوريا وفلسطين وإسرائيل، والاضطرابات والحرب الداخلية في اليمن، وليبيا، وإيجاد السبل المناسبة لحلها.وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن تركيا والسعودية دولتان محوريتان بالنسبة لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة على المدى الطويل.
وتأتي زيارة يلديريم بعد فترة قصيرة على الجولة الخليجية التي اداها الرّئيس التركي رجب طيب اردوغان وزار خلالها كلا من الكويت وقطر والسعودية ايضا.اذ جاءت جولة اردوغان انذاك في توقيت هام نظراً للتطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة سواء على صعيد الأزمة الخليجية، أو تصاعد التوتر في المنطقة بين السعودية من جانب ولبنان وإيران من جانب آخر.
بين انقرة والرياض
وتلعب تركيا دورا هاما في ملفات الشرق الأوسط بدءا بالأزمة السوريّة والحضور الميداني الذي تسجله القوات التركية في الميدان السوري بالإضافة الى الضغط الكبير الذي تفرضه تركيا لتكون شريكا في أي مستقبل لتسوية سياسية تتعلق بسوريا. ولعلّ زيارة أردوغان الى روسيا في وقت سابق والزيارة التي اداها رئيس حكومته امس الاول الى الرياض تندرج صلب مساعيها للضغط على الاطراف الفاعلة في المعادلة السورية وفرض نفسها كشريك على طاولة التفاوض.
كما تحاول تركيا منذ بداية الازمة الخليجية لعب دور الوسيط بين الدول الخليجية المتخاصمة فيما بينها علما وان الموقف التّركي كان داعما منذ البداية لقطر حيث اعربت انقرة في بيان رسمي عن اسفها لحملة المقاطعة التي شنتها السعودية والإمارات وعدد من الدّول العربية الاخرى ضد الدّوحة واصفة ذلك بالعمل اللاانساني والمخالف للإسلام.
إلاّ ان السلطات الرسمية التركية سرعان ماتداركت انذاك موقفها الواضح مؤكّدة انها لم تستهدف السعودية وأنها تنظر الى «الاشقاء الخليجيين» على حد سواء. وتحاول تركيا من خلال تصريحاتها اولا وزيارة وزير خارجيتها مولود تشاووش اوغلو امس الاول الى قطر وتوجهه يوم امس الى الكويت في انتظار مروره يوم الجمعة الى المملكة العربية السعودية ، تحاول لعب دور الوسيط في خطوة لتبديد التوتر بين طرفي الصراع ومحاولة تقريب وجهات النظر بين اشقاء الأمس.
ولطالما عرفت تركيا بتحالفها مع دول الخليج إلا انّ التوتر الخفي شاب نوعا ما علاقتها مع السعودية بعد تصنيف الاخيرة لجماعة الاخوان المسلمين على قائمة الارهاب بالإضافة الى ترحيب الرياض بإسقاط نظام الرئيس الاخواني محمد مرسي في مصر. واصطفت تركيا انذاك الى جانب دولة قطر التي واصلت دعمها لجماعة الاخوان واحتضنت كل من الدوحة وانقرة قادة الجماعة واجتماعاتهم ايضا.
ويرى مراقبون ان محاولات تركيا تحاول كسب ورقات ضغط على كافة الاصعدة وذللك بالبقاء على نفس المسافة من كل الأطراف لن يكون ناجحا نتيجة عدة اسباب منها المعلن ومنها الخفي اهمها تضارب السياسات الخارجية لكل من تركيا والسعودية ازاء ملفات المنطقة وأهمها الازمة السورية بالإضافة الى التقارب الاخير بين واشنطن والرياض في ظل توتر العلاقات التركية الامريكية.
كما تأتي الزيارة التي من المزمع ان يؤديها ولي العهد السعودي الى تركيا في وقت تشهد فيه المنطقة توتراً كبيراً بين السعودية من جانب ولبنان وإيران من جانب آخر، الأمر الذي يزيد الحاجة لبحث قضايا المنطقة في ظل تلك الظروف الحرجة.