سعد الحريري في طريقه إلى باريس بعد وساطة فرنسية إيمانويل ماكرون نجح في فرض حل وسط في الأزمة السعودية اللبنانية

أعلن قصر الإيليزي أن دولة الرئيس سعد الحريري، «المستقيل» و الموجود في الرياض، قد قبل دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالانتقال و عائلته إلى فرنسا قادما من الرياض أين أعلن يوم 4 نوفمبر على شاشة التلفزيون عن استقالته من جراء التهديدات المسلطة على حياته وهيمنة إيران و حزب الله على لبنان. منذ ذلك الحين دخلت الدبلوماسية الفرنسية

في تحركات تجاه القيادة السعودية للسعي لحل الأزمة بين البلدين بعدما ازداد القلق في بيروت من خشية «اعتقال» رئيس الوزراء اللبناني. وأعلن الإيليزي أن الرئيس ماكرون قد تحاور يوم الأربعاء الماضي عبر الهاتف مع ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء اللبناني للتوصل إلى حل للأزمة.
وكان الرئيس الفرنسي قد قام بزيارة مفاجئة للرياض، غير مبرمجة من قبل، عند حضوره في الإمارات لتدشين معرض اللوفر. و قابل في الرياض يوم الخميس 9 نوفمبر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان و عبر له عن «الأهمية التي تعلقها فرنسا بشأن استقرار و أمن و سيادة و سلامة لبنان». في المقابل أعرب الرئيس ماكرون عن مساندته لمشروع محمد بن سلمان «رؤية المملكة 2030» و انفتاح بلده و دعمه لإسلام وسطي معتدل.

و عبر الرئيس ماكرون يوم الجمعة 10 نوفمبر للرئيس اللبناني ميشال عون، في مكالمة هاتفية، حسب ما ورد في بيان من القصر الرئاسي، عن «ندائه أن يتمتع القادة السياسيون اللبنانيون بحرية تنقلهم» و أكد على «ضرورة استمرار مؤسسات الدولة في إطار سياسة عزلها عن المواجهات في الجهة و خاصة في سوريا». و تلا ذلك لقاء ماكرون في قصر الإيليزي بوزير خارجية لبنان يوم الثلاثاء 14 نوفمبر، الذي قدم إلى باريس بقرار من الرئيس اللبناني لمناشدة فرنسا بالتدخل لدى السعودية لفك الحصار على الحريري. و تم التشاور مع ماكرون في السبل المثلى للتوصل إلى حل سريع.

قلق دولي و تحركات دبلوماسية
وتحركت الدبلوماسيات الأوروبية للمطالبة بعدم التدخل في الشؤون اللبنانية بالرغم من الصمت الأمريكي عن القضية الداعم للموقف السعودي. و حذر الإتحاد الأوروبي عن طريق فيديريكا موغيريني المسؤولة عن الشؤون الخارجية للإتحاد من «التدخل الخارجي» في الشؤون اللبنانية. و قالت موغيريني يوم الإثنين 13 نوفمبر» «إننا نعتبر أنه من الأساسي عدم تصدير المواجهات الإقليمية و التطورات في الجهة إلى لبنان و تركها خارج البلاد». و طالب سيغمار غابريال وزير خارجية ألمانيا بعودة سعد الحريري إلى بيروت مناديا بمصالحة وطنية مضيفا «إن لبنان لا يجب أن يكون لعبة في أيدي سوريا والعربية السعودية أو دولة أخرى».
من ناحيته عبر الرئيس اللبناني ميشال عون عن اعتقاده أن سعد الحريري «معتقل» في الرياض بعد أن نشرت بعض وسائل الإعلام الفرنسي تفاصيل استقبال الحريري في العاصمة الرياض أين لم يجد أي مسؤول سعودي في انتظاره. بل منع من الذهاب لبيته أين تسكن عائلته. وتم نقله إلى منزل آخر حيث منع من الاتصال بمستشاريه و سحب منه هاتفه الجوال. و هدد الرئيس اللبناني باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي في صورة لم يفرج عن رئيس الوزراء اللبناني و اعتبر أن الاستقالة لن تكون فعلية حسب الترتيبات الدستورية إذا لم يحضر سعد الحريري إلى بيروت «لتقديمها أو العدول عنها أو تفسير ظروف استقالته».

حل وسط لحفظ ماء الوجه
وقام الرئيس الفرنسي ماكرون يوم الأحد 12 نوفمبر بالاتصال بأنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة للتشاور في المساعي الفرنسية قبل أن يلتقيا يوم الأربعاء على هامش قمة المناخ «كوب 23 « في مدينة بون الألمانية . و يبدو أن كواليس اللقاء كانت حاسمة للتوصل إلى «حل وسط» يحفظ ماء الوجه . إذ رفض الجانب السعودي رجوع الحريري «منتصرا» إلى بيروت بعد المظاهرات الشعبية التي نظمت في العاصمة اللبنانية مطالبة بعودة زعيم السنة اللبناني و وقوف الرئيس عون لجانبه و تهديده باللجوء لمجلس الأمن و تعبير حزب الله عن رغبته لعودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة.
قبول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالحل الفرنسي يحفظ ماء الوجه لاستحالة قبول المجتمع الدولي منطق القوة في التعامل بين الدول. فبات من الواضح اليوم أن مثال التدخل الأمريكي ضد الرئيس مانويل نورييغا في باناما عام 1989 لم يعد ممكنا في عالم متعدد القوى. وإن نجح ماكرون في التوصل إلى حل ظرفي إذ أكد الرئيس الفرنسي أن «سعد الحريري سوف يقيم بضعة أيام في فرنسا» و أن إقامته «ليست منفى» فإن مصير سعد الحريري يبقى غامضا. وهو يتوقف على استرجاعه لحريته ليوضح، في حالة سراح، موقفه من الإستقالة.
ويعتبر المحللون في فرنسا أن سياسة الهروب إلى الأمام في منطقة تعددت فيها الحروب في العراق وسوريا و اليمن، على خلفية الصراع السعودي الإيراني، دون التوصل إلى حل عسكري لا تخدم استقرار المنطقة. بل لا بد من أن تؤخذ بعين الاعتبار التوازنات الإقليمية الجديدة القائمة على اثر التدخلات العسكرية الأجنبية في سوريا من أجل إرساء السلم وإعادة بناء المجتمعات لضمان عودة اللاجئين وإعادة إعمار المدن والقرى التي دمرتها الحرب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115