فعل متباينة سادت الاوساط اللبنانية...فيما تخيم حالة من عدم الوضوح والشك على العلاقة بين لبنان والسعودية اثر دعوة المملكة رعاياها اول امس الى مغادرة هذا البلد ، ومن ثم تبعتها كل من الكويت والامارات ، في اجواء اشبه بإعلان حرب «دبلوماسية» او سياسية..
وفي خضم كل هذه التطورات المتسارعة ، يبدو واضحا بالنسبة للكثيرين ان ولي العهد محمد بن سلمان يريد فتح جبهة جديدة من الصراع مع ايران في لبنان..
فالى اليوم تحوم الضبابية حول ظروف «استقالة الحريري»، خاصة ان تقارير اخبارية متباينة تداولت معلومات بشأن ان السعودية يمكن ان تكون قد وضعت الحريري في الاقامة الجبرية.. الامر الذي دفع البطريرك اللبناني الى الاعلان عن نيته السفر الى المملكة لمعرفة مصير الحريري ...وقد زاد الموقف ارتباكا عودة طائرة رئيس الحكومة اللبناني الى بيروت بمرافقيه دون ان يكون على متنها . وقد اكد مصدر سياسي لبناني رفيع، إن الرئيس ميشال عون، سيطلب مساعدة ممثلي عدد من الدول لتوضيح ظروف غياب الحريري. في وقت ذكرت فيه وكالات اخبارية نقلاً عن مسؤول كبير اعتقاده أن الحريري محتجز في السعودية.
واثر ذلك بدأت الرياض هجوما لاذعا على لبنان وقياداته وفي مقدمتهم حزب الله اذ قال وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، إن بلاده ستتخذ إجراءات «متصاعدة ومتشددة» ضد لبنان (دون أن يسميها)، إلى أن تعود الأمور لنصابها الطبيعي. وابرز ردود الفعل اللبنانية على هذه التهديدات، جاءت على لسان السياسي الدرزي البارز وليد جنبلاط الذي اكد امس إن لبنان لا يستحق اتهامه بإعلان الحرب على السعودية وقال إن «من المحزن حقا» أن توجه الرياض مثل هذا الاتهام للبنان بعد عقود من الصداقة.
اية تداعيات؟
عن تداعيات استقالة الحريري على الوضع في لبنان والمنطقة يجيب المفكر اللبناني فيصل جلول بالقول:«في رسالة الاستقالة يذكر الحريري انها تمت بسبب الهيمنة الايرانية على لبنان ولانه كان مستهدفا بالاغتيال لكننا نلاحظ ان انه ظل رئيسا للحكومة طيلة الفترة الماضية ولم يطرح شيئا حول هذه الهيمنة ولم يتغير شيئ في لبنان لجهة العلاقات الايرانية اللبنانية فلماذا هيمنت اليوم ولم تكن تهيمن خلال الشهور الماضية اذن هذا السبب لا يستقيم» . اما عن محاولة اغتياله فقد نفتها الاجهزة الامنية اللبنانية اما عن توقيت الاستقالة يضيف بالقول :«الاستقالة كانت مفاجئة تماما للجميع حتى للأوساط المقربة منه في حزبه وتياره وهذا يعني انها فرضت عليه في الرياض من طرف المملكة العربية السعودية والراجح ان هذا الفرض من اجل تصعيد التوتر مع ايران وحزب الله ومقايضة لبنان باليمن.
واضاف محدثنا ان السعوديين قرروا فتح جبهة جديدة في لبنان من اجل التصعيد ضد ايران . لسببين الاول حيث ترى السعودية ان التفاهم بين الحريري والعماد ميشال عون يخدم حزب الله ولا فائدة منه للسعودية والثاني يتصل بدور الحريري في المملكة عبر شركته اوجيه وعلاقتها بأمراء آخرين وتفيد المعلومات المتداولة ان الامير محمد بن سلمان يريد تجريد مراكز القوى ومن بينهم الحريري من اية وسيلة للتحرك ضده والحريري يملك بعض وسائل التدخل والتالي لا بد من تجريده منها .
لبنان ..سوريا ..والعراق
يشير جلول الى انه يمكن لهذه الاقالة ان تترك تأثيرا على لبنان اكثر من اي بلد اخر فهي تثير الاضطراب وعدم الاستقرار اذا ما تواصلت عبر تحركات طائفية في هذا البلد ويمكن ان تشكل ضغطا على الحكومة اللبنانية والمطالبة بغياب حزب الله عنها . اما في سوريا فان الاوضاع اخذة بالتطور الامني والميداني لصالح الدولة وتهميش التدخلات الخارجية المعادية. اما بالنسبة للعراق فيستبعد ان تترك تاثيرا جوهريا على الوضع الداخلي في هذا البلد.
فيما يبدو انها محاولات لتطويق الازمة الجديدة، حل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الرياض مساء اول امس في زيارة عاجلة لم يعلن عنها سابقا. وعقد بحسب ما ذكرت تقارير اعلامية محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وسط تصاعد التوتر بين المملكة وإيران خاصة بشأن لبنان واليمن.
وذكرت الرئاسة الفرنسية في بيان عقب الاجتماع أن أول محادثات مباشرة بين الرجلين ركزت على القضايا الإقليمية، خاصة في اليمن ولبنان، وعلى «ضمان الحفاظ على الاستقرار في المنطقة». وقال ماكرون في مؤتمر صحفي عقده في وقت سابق في دبي إنه كانت هناك اتصالات غير رسمية مع الحريري لكن لم يجر التقدم بطلب لنقله إلى فرنسا.
حسن نصرالله
«السعودية حرّضت «اسرائيل» على ضرب لبنان»
اتهم الامين العام لحزب الله حسن نصرالله امس الجمعة السعودية بـ«تحريض اسرائيل» على ضرب لبنان.وقال في خطاب نقلته محطات التلفزة اللبنانية ان لديه «معلومات» مفادها ان «السعودية طلبت من اسرائيل ضرب لبنان». وبعد ان اتهم الرياض بـ«إجبار» رئيس الحكومة سعد الحريري على الاستقالة و»منعه» من العودة الى لبنان، قال «الاخطر هو تحريض اسرائيل على ضرب لبنان».
واضاف ان «السعودية جاهزة لتقديم المليارات لإسرائيل لضرب لبنان».وقال ان اسرائيل تناقش احتمال شن حرب على حزب الله، الا انه أكد استعداد حزبه للمواجهة.
واضاف «نحن اليوم أشد وأقوى عودا، وأقسى عودا وأقوى وقودا، ونحذرهم من أي خطأ في الحسابات والتقدير، ومن أي خطوة ناقصة».وأعلن الحريري الأسبوع الماضي من الرياض استقالته من رئاسة الحكومة في خطاب نقلته قناة العربية السعودية وحدها، وهاجم فيه بشدة حزب الله اللبناني وايران.
وشهدت الاسابيع الاخيرة تصعيدا كلاميا كبيرا بين الرياض وطهران على خلفية نزاعات المنطقة التي يدعمان فيها اطرافا متناقضة.وحذر الرئيس الايراني حسن روحاني الاربعاء السعوديين من اعتبار «امريكا والكيان الصهيوني اصدقاء».
واعتبر نصرالله ان استقالة الحريري «غير دستورية وغير شرعية، ولا قيمة لها على الاطلاق، لأنها أتت تحت الاكراه».