اليوم تنحي مسعود برزاني عن رئاسة إقليم كردستان: طمأنة للحكومة المركزية ودول الاقليم وتجميد لمشروع الدولة الكردية

يتنحى رسميا اليوم الاربعاء مسعود برزاني عن رئاسة إقليم كردستان العراق بعد تطورات خطيرة شهدتها العلاقة بين الاقليم الكردي والحكومة المركزية في العراق وذلك نتيجة استفتاء الانفصال الذي اجرته حكومة برزاني في الـ25 من شهر سبتمبر الماضي . يشار الى انّ مسعود برزاني أعلن عشية الأحد في خطاب تلفزيوني نيته التنحي غرة نوفمبر قائلا

إنه «قرر عدم التمديد بمنصب رئيس الإقليم اعتبارا من مطلع نوفمبر ، تحت أي ظرف».
وتتولى بذلك السلطات الثلاث صلاحيات رئيس الإقليم التي وزعت بحسب القانون عليها ،اعتبارا من اليوم الاربعاء ، قبيل اجراء الانتخابات العامة بعد ثمانية أشهر.
ويحيل تنحي برزاني عن رئاسة حكومة الاقليم الكردي الذي كان يتمتع بحكم ذاتي قبيل استفتاء الانفصال الاخير ، يحيل على تساؤلات مهمة حول تاثيرات هذه الخطوة على الداخل الكردي (داخل اقليم كردستان) وتداعيات ذلك على العلاقة بين الحكومة العراقية المركزية والساسة في كردستان .
يذكر أن البرلمان الكردستاني انتخب البرزاني رئيسا للإقليم عام 2005، ثم انتخب من قبل الشعب سنة 2009، ومدد له البرلمان سنتين عام 2013، وبعد انتهائها عام 2015 وعدم توصل الكتل السياسية لقانون لرئيس الإقليم واستمرار الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي بقي البرزاني رئيسا بقرار قضائي .
ومنذ طرحه اجراء الاستفتاء رغم المعارضة الداخلية المحلية والإقليميّة الدوليّة ، يرى متابعون انّ برزاني حاول من خلالها الحصول على تنازلات وضمانات لضمان التمديد في ولايته لمرحلة قادمة مستغلاّ في ذلك ورقة الانفصال للضغط على الحكومة المركزية في العراق وعلى تركيا ايضا التي تخشى بشدة قيام دولة كردية على حدودها مع بغداد مهما كان الثمن.

تداعيات سياسية
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي السوري سومر سلطان في حديثه لـ«المغرب» انّه من الناحية السياسية، وبالنظر إلى الطبيعة العشائرية لسلطة إقليم شمال العراق، كردستان، لايمكن توقع حصول تغير كبير في بنية النظام الحاكم في اقليم كردستان.
واشار سلطان الى انّ البرزاني باقٍ في الحكم بقوة العشيرة والعلاقات والروابط الأسرية، التي أبقته سنتين بصورة مناقضة علناً للقوانين، بعد انتهاء ولايته. مضيفا أن ذهابه بهذا المعنى هو تيسير فقط للعملية الانتقالية التي أطلقتها السيطرة المفاجئة للجيش العراقي والقوات الرديفة له، من حشد شعبي وحشد عشائري، على أغلب المناطق التي كانت موصوفة بأنها «متنازع عليها» بين الإقليم والدولة المركزية في بغداد.

أبعاد استراتيجية
وتابع محدّثنا انه «على المستوى الاستراتيجي بعيد المدى، يجب أن نقرأ التغييرات التي حصلت في اتفاقات شراء ونقل النفط، وشراء ونقل الغاز الطبيعي. هل تغير شيء من هذا؟ المنشورات حتى الآن، لا يشير إلى تغييرات هيكلية كبيرة، إذ لا تزال الحصة الكبرى من حصة كيان الاحتلال الصهيوني، وصولاً إلى أردوغان وبعض الشركاء الآخرين» على حدّ تعبيره.

واعتبر الكاتب السوري انّ الضغط العراقي، والرد العراقي شديد الحزم، كان مفاجئاً لبرزاني ، كما أن عدم وقوف من شجعوه على إنجاز الاستفتاء إلى جانبه في محنته، بعد هجوم قوات الجيش العراقي، سبب لديه ارتباكاً كان واضحاً في كلمته التي أعلن فيها التنازل وفق تعبيره.
وعن الموقف التركي من التطورات الاخيرة ، اجاب محدّثنا» لكن بخصوص تركيا ، الاستفتاء هو لمصلحة الحكومة الحالية التي لا تخفي أطماعها التاريخية في الموصل وكركوك، وفي نفط المنطقة. لقد واظب عدد من الكتاب الموالين لحزب العدالة والتنمية وقياديون من الصف الأول فيه، خلال فترة ما قبل الاستفتاء، على الترويج لنظرية أن استقلال هذه البقاع عن سلطة الدولة العراقية المركزية سيعني سهولة ضمها مستقبلاً إلى تركيا. إن دولت باهتشلي، الزعيم القومي التركي المحالف حالياً لأردوغان، خرج قبل فترة قصيرة بشعار «الموصل 82، كركوك 83». ففي تركيا يتم ترقيم لوحات السيارات بإطار كل مدينة رقماً معيناً، وآخر الأرقام هو 81. أي أن الزعيم القومي يريد القول أن الموصل وكركوك ستصبحان مدينتين تركيتين، يصبح رقم سيارات الأولى 82 ، والثانية 83» .

مشروع «الدولة الكردية»
وعن تداعيات تنحي برزاني وامكانية ان يمتص ذلك الخشية العراقية التركية الايرانية من قيام دولة كردية اجاب سومر سلطان ان هذا التنحي هو محاولة لتقديم نوع من التطمين لدول الجوار.
واشار ‹›لكن لا أعتقد أن على هذه الدولة أن تطمئن لأن ما حدث على الأرض هو تجميد المشروع، أي مشروع الاستقلال، مؤقتاً ريثما تنتج المتغيرات السياسية ظروفاً أكثر ملاءمة لإعلان الاستقلال. إن الكثير من المنشورات الداخلية لمحازبي البرزاني، ولمختلف القوميين الأكراد، تستخدم مصطلحات مثل «الحلم لم ينته»، «الاستقلال سيتم ولو مستقبلاً»... وغيرها. أما بخصوص بغداد وطهران، فيمكن الانتباه إلى طريقة تعاملهما مع آل الطالباني لنعرف أنهما لا يقتنعان بوعود البرزاني كلية، فهما تريدان استغلال حالة «شبه الهدنة» التي يريد البرزاني إحلالها لإعادة الأوضاع إلى ما قبل الاستفتاء».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115