يوم الأحد الماضي جهتا البندقية و لومبارديا، في شمال إيطاليا، استفتاء حول الحكم الذاتي.
إذا لم تتمكن كاتالونيا إلى حد الآن من فرض إرادتها الاستقلالية على الحكومة الإسبانية فإن استفتاء البندقية و لومبارديا كان قانونيا و لم يدخل إيطاليا في متاهات الانفصال العشوائي. المسألة الإسبانية اكتست من الوهلة الأولى بعدا مأساويا بعد أن تمسكت حكومة الإقليم بتنظيم الاستفتاء بالرغم من قرار المحكمة الدستورية بإبطاله. و بعد إنذار الحكومة المركزية لحكومة الإقليم قررت مدريد إبطال الحكم الذاتي في كاتالونيا تطبيقا للبند 155 للدستور الذي يسمح للحكومة بإبطال كل بنود الحكم الذاتي أو جزء منه بعد موافقة مجلس الشيوخ على مشروع يدقق تفاصيل الإجراء الحكومي. و يتمتع ماريانو راخوي بأغلبية مطلقة مريحة في المجلس تمكنه من الحصول على موافقته قبل يوم 27 من الشهر الجاري.
إجراءات دقيقة
طلبت حكومة مدريد من مجلس الشيوخ منحها حق إقالة حكومة الإقليم و رئيسها كارلس بيغديمون، و حل برلمان كاتالونيا مع تنظيم انتخابات سابقة لأوانها قبل جانفي 2018. و تريد الحكومة الإسبانية إخضاع شرطة الإقليم إلى سلطتها المركزية مع إمكانية طرد الأعوان غير المتعاونين و تغييرهم بأعوان آخرين. مع انحياز أجهزة إعلام الإقليم إلى الانفصاليين قررت الحكومة الإسبانية تحويل إدارة أجهزة إعلام كاتالونيا التابعين للمرفق العمومي للحكومة المركزية.
منذ اندلاع الأزمة مع كاتالونيا قررت حكومة ماريانو راخوي إيقاف تحويل الأموال اللازمة لميزانية الإقليم. مع تنظيم الإستفتاء أصبحت إدارة ميزانية كاتالونيا تابعة مباشرة لخزينة الدولة التي تديرها في مسائل الدفعات و الأجور و التجهيز. وكانت حكومة مدريد تأمل أن يثني ذلك الإجراء حكومة كاتالونيا عن تنظيم الإستفتاء. لكن فشلها في ذلك جعلها تقرر استرجاع كل صلاحياتها السياسية لمنع انفصال الإقليم.
لكن كل الإجراءات التي تعتزم الحكومة الإسبانية اتخاذها لا تعطي ماريانو راخوي حلا نهائيا للمسألة الكاتالونية. معارضة الشارع في برشلونة أظهرت أن على الحكومة المركزية الدخول في مفاوضات مع الاستقلاليين بالرغم من نية تنظيم انتخابات سابقة لأوانها. فنجاح الاستقلاليين في الإنتخابات يعطيهم شرعية قادرة على إرباك اسبانيا و إدخالها في مأزق أعمق من الذي دخلت فيه اليوم .
إيطاليا أمام خيار جديد
استفتاء البندقية و لومبارديا هو في الأساس مخالف لمسألة كاتالونيا لآن الإقليمين الإيطاليين لن يطرحا على حكومة روما مسألة الإنفصال. و لو أن منطقة الشمال ترتكز على بعض الفصائل السياسية التي تنشد الإنفصال على إيطاليا. الإستفتاء الشرعي الذي تم تنظيمه جاء بنتائج مفاجئة لصالح الحكم الذاتي بنسبة فاقت 90 % مع نسبة مشاركة في البندقية ب 75 % و ب 43 % في لومبارديا.
نسبة النجاح تفرض على الأحزاب الحاكمة أن تأخذ بعين الإعتبار المطالب الشرعية لمنطقتي البندقية و لومبارديا خاصة أن الرأي العام و الناخبين يعتبرون أنهم يعطون للخزينة أكثر مما يتمتعون به من دعم. لذلك يريدون أن تمنح لهم صلاحيات إدارة التعليم و الصحة و المحافظة على البيئة و رفع الضرائب. وهي الأسس البديهية للحكم الذاتي. لكن ذلك لن يحصل دون الأخذ بعين الإعتبار التوازنات الجهوية الأخرى خاصة في المناطق التي لها وزن شعبي و ثقافي و لغوي مثل صقلية و سردينيا. لذلك يفتح استفتاء يوم الأحد الماضي صفحة جديدة في سياسات إيطاليا سوف تحدد مستقبل مؤسساتها و نظامها السياسي.